تفاعل الجدل أمس حول تأكيد وزير الخارجية الأميركي جون كيري اضطرار واشنطن ل «التفاوض في نهاية المطاف» مع الرئيس السوري بشار الأسد لإنهاء الحرب في بلاده والتي دخلت عامها الخامس. وعلى رغم مسارعة الإدارة الأميركية إلى «توضيح» أن كلام كيري لا يعني تغييراً في موقفها الذي لا يرى مستقبلاً للأسد في سورية، كان واضحاً أن حلفاء واشنطن الغربيين وفي دول المنطقة متمسكون برفض الدخول في مفاوضات مع الرئيس السوري الذي نقل التلفزيون الرسمي السوري أمس قوله: «ما زلنا نستمع إلى تصريحات وعلينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر». وأضاف: «أي شيء أتى من خارج الحدود كان مجرد كلام وفقاعات تذهب وتختفي بعد فترة، فلا يهم». (للمزيد) وأكد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في بروكسيل أمس، أن «حل (النزاع السوري) هو في (مرحلة) انتقالية سياسية تحافظ على مؤسسات النظام ولكن ليس على بشار الأسد». وأضاف: «أي حل يعيد الأسد الى الواجهة سيكون بمثابة هدية مشينة وهائلة لإرهابيي داعش». وفي باريس، قال الناطق باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال: «فرنسا تتمنى حلاً سياسياً بين الأطراف السورية، لكن بشار الأسد لا يمكنه أن يكون ضمن هذا الحل». وأضاف: «موقف فرنسا معروف وقائم على أساس بيان جنيف الأول في 2012 والذي يؤدي إلى حكومة وحدة وطنية ويجمع بين عدد من مؤسسات النظام الموجودة والائتلاف السوري المعارض وعدد من مكوّنات المعارضة التي لديها رؤية لسورية معتدلة، تتضمن كل الطوائف في البلد». وسألت «الحياة» مصدراً فرنسياً رفيع المستوى عن تصريح كيري فأجاب بأن الإدارة الأميركية ليست لها استراتيجية في سورية، لافتاً إلى أن كيري كان يتحدث قبل أسبوع فقط عن تسليح المعارضة ودعمها للتدخل على الأرض. وتابع المصدر أن رسالة فابيوس للمبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، عندما التقاه أخيراً في باريس، كانت تنص على ضرورة أن يعمل الأخير «من أجل عقد اجتماع جنيف3... ولا تضيّع وقتك في مبادرة تجميد القتال في حلب، لأن النظام أفشلها». وشدد المصدر الفرنسي على أن «المهم الآن هو العمل للتحضير لجنيف3 وهذا ما تعمل عليه باريس». وذكر المصدر أن «الجميع، من موسكو إلى القاهرةفباريس، يريد عقد جنيف3... ولكن إذا كانت موسكو تريد العمل فعلاً من أجله، فعليها أن تعمل من أجل إنجاحه»، في إشارة إلى ضرورة الضغط على النظام السوري. وأضاف أن «باريس كانت في طليعة من أراد منذ البداية عقد اجتماع جنيف3 بعدما أفشل الأسد جنيف2 (مطلع العام الماضي)»، موضحاً أن «باريس تعمل لوضع خطة انتقالية» في سورية. لكن الأوساط المسؤولة في فرنسا تكشف عن أنه «لا يمكن عقد جنيف3 إلا في إطار اتفاق بين الجميع على التحاور حول المسألة الأساسية، وهي هيئة الحكم الانتقالية ذات الصلاحيات التنفيذية الكاملة. ولكن لا يمكن عقد جنيف3 من أجل إتاحة الفرصة للأسد لتقديم حكومة وحدة وطنية» عوض هيئة الحكم الانتقالية. إلى ذلك، قالت المصادر إن مصر «جمعت المعارضة السورية (في كانون الثاني/ يناير) وكان الاجتماع ناجحاً وإنما غاب عنه ممثلو «الإخوان المسلمين». وزادت أن «القاهرةوموسكو تستضيفان اجتماعات للمعارضة... وباريس تبحث مع الجانب السعودي كيف يمكن الجمع بين المواقف المختلفة». وتابعت المصادر الفرنسية المسؤولة، أن «أجندة باريس تنص على أن تتيح للمعارضة السورية أن تعيد بناء نفسها وأن تكون متجانسة ولديها مشروع جاهز لتقديمه عندما يحين الوقت لعقد مؤتمر جنيف3. ولكي يكون ذلك عملياً ينبغي أن يكون من الممكن التحاور حول الأساس، وهو الجسم الانتقالي الكامل الصلاحيات التنفيذية». وأضافت: «ترى باريس أن الكرة ليست في ملعب المعارضة ولا في ملعبها، بل في ملعب موسكو والأسد».