رفض الرئيس السوري بشار الأسد أمس الاثنين تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري التي قال فيها إن الأسد يجب أن يكون طرفاً في أي مفاوضات ترمي إلى حدوث تحول سياسي، قائلاً: «أي شيء أتى من خارج الحدود كان مجرد كلام وفقاعات تذهب وتختفي بعد فترة فلا يهم». لكن تصريحات كيري التي قال فيها إنه يجب أن يتم التفاوض مع الأسد في نهاية المطاف من أجل تسوية الأزمة السورية، لقيت عاصفة من الإدانات من معارضي النظام السوري. ونفت الناطقة باسم الخارجية الأميركية ماري هارف لاحقاً حدوث أي تغيير في السياسة الأميركية، وكتبت في تغريدة على موقع «تويتر» أن كيري «جدد التأكيد على سياسة راسخة أننا بحاجة إلى عملية تفاوضية مع وجود النظام على الطاولة - ولم يقل إننا سنتفاوض مباشرة مع الأسد». وأضافت: «سياستنا لا تزال على حالها وهي واضحة: لا مستقبل للأسد في سورية ونحن نقول هذا الكلام دوماً». وقال الأسد في تصريحات بثها التلفزيون الرسمي السوري أمس: «ما زلنا نستمع لتصريحات (في إشارة إلى كلام كيري) وعلينا أن ننتظر الأفعال وعندها نقرر». ولم يكرر كيري في مقابلة مع شبكة «سي بي أس» الأحد الموقف الرسمي الأميركي بأن الأسد فقد كل شرعيته ويتعين عليه الرحيل. وقال كيري عندما سئل إن كانت الولاياتالمتحدة مستعدة للتفاوض مع الأسد: «ينبغي علينا التفاوض في نهاية المطاف». وذكر كيري أن الولاياتالمتحدة ودولاً أخرى لم يحددها تبحث سبل إعادة إحياء العملية الديبلوماسية لإنهاء الصراع في سورية الذي خلّف أكثر من 200 ألف قتيل. وقال كيري: «ما نسعى إلى تحقيقه هو حمله (الأسد) على المجيء لعمل ذلك وقد يتطلب الأمر زيادة الضغوط عليه بأشكال متعددة بهدف تحقيق ذلك». ورد الأسد أمس قائلاً إن أي تغيّر في السلوك الدولي تجاه الموقف الذي وجدت سورية نفسها فيه سيكون إيجابياً. لكنه قال إنه يتعين على الدول الأجنبية أن توقف دعمها للجماعات «الإرهابية» في سورية، بحسب قوله، موضحاً: «أي تغيّرات دولية تأتي في هذا الإطار هي شيء إيجابي إن كانت صادقة ... ولكنها تبدأ أولاً بوقف الدعم السياسي للإرهابيين ووقف التمويل ووقف إرسال السلاح»، مشدداً على ضرورة الضغط على الدول الأوروبية وعلى حلفائها لوقف «الدعم اللوجستي والمالي وأيضاً العسكري للإرهابيين». وفي إطار مرتبط، شدد «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» على تمسكه ب «رحيل الأسد». وقال الناطق باسم «الائتلاف» سالم المسلط في تصريح صحافي: «على رغم وضوح مواقف الائتلاف تجاه كل ما يتعلق بالحل السياسي، فإن بعض المستجدات تستدعي التأكيد مجدداً بأن إسقاط رأس النظام وجميع المسؤولين عن الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري هدف رئيسي للائتلاف الوطني حيث يضمن ذلك الانتقال إلى نظام ديموقراطي مدني تعددي يضمن حريات جميع المواطنين وحقوقهم». وتابع: «لا بد من التذكير بأن الائتلاف الوطني لم يحضر المؤتمر الذي عقد في القاهرة نهاية كانون الثاني (يناير) ولم يشارك في اللجنة التحضيرية التي انبثقت منه، وأن مشاركة أعضاء من الائتلاف لم تتم بصفتهم ممثلين عنه بل في شكل شخصي، وأن الائتلاف بدأ بدرس الإجراءات التي سيتم اتخاذها بحقهم بحسب النظام الأساسي». وفي إسطنبول، ندد وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الاثنين بتصريحات جون كيري عن التفاوض مع الأسد. وقال لوكالة أنباء الأناضول إن مشاكل سورية الحالية مع حلول ذكرى اندلاع النزاع في آذار (مارس) 2011 سببها نظام الأسد. ونقلت عنه الوكالة قوله خلال زيارة إلى كمبوديا: «ماذا هناك لكي يتم التفاوض حوله مع الأسد؟». وقال: «أي مفاوضات ستجرى مع نظام قتل أكثر من 200 ألف شخص واستخدم أسلحة كيماوية!». وتساءل: «حتى الآن، أي نتيجة تحققت (مع النظام) عبر المفاوضات؟». وقال إن كل الأطراف يجب أن تعمل من أجل «انتقال سياسي» في سورية. وواجه النظام السوري انتقادات متكررة في السابق لاستخدامه أسلحة كيماوية حتى بعد اتفاق دولي تم في 2013 من أجل نقل كل الترسانة الكيماوية من البلاد وإتلافها. وقال وزير الخارجية التركي انه يجب حل مسألتين من أجل إحلال السلام في سورية: القضاء على تنظيم «الدولة الإسلامية» و «مجموعات إرهابية أخرى» وحصول انتقال سياسي في سورية مع رحيل نظام الأسد. وفي لندن، قالت ناطقة باسم وزارة الخارجية البريطانية إن «الأسد ليس له مكان في مستقبل سورية»، وذلك رداً على ما كان أعلنه الوزير جون كيري. وأضافت: «كما أعلن وزير الخارجية (البريطاني فيليب هاموند) الأسبوع الماضي فإننا مستمرون في ممارسة الضغوط على هذا النظام عبر العقوبات إلى أن يضع حداً لأعمال العنف ويدخل في مفاوضات جدية مع المعارضة المعتدلة».