حظي موضوع الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، بأولوية على جدول أعمال المؤتمر القاهري لوزراء البيئة الأفارقة. إذ استعرض المؤتمر تقارير وضعها «برنامج الأممالمتحدة للبيئة»، من أبرزها تقرير الاقتصاد الأخضر في أفريقيا. ويشير ذلك التقرير إلى أن النمو الاقتصادي في القارة بين عامي 2002 و2011 بلغ قرابة 5.1 في المئة، ما يؤشّر إلى نمو متسارع اقتصاديّاً. وألمح التقرير أيضاً إلى تحديات كبيرة تواجه القارة الأفريقية، منها المناخ واستنزاف موارد الطبيعة، وعدم تحقّق العدالة الاجتماعيّة. وشدّد التقرير على أن الفقر يستمر في كونه هو التحدي الأكبر للقارة. إذ يعيش قرابة 48 في المئة من الأفارقة في منطقة جنوب الصحراء الأفريقيّة، في فقر مدقع. ويوضح التقرير أيضاً أن التحوّل التدريجي صوب الاقتصاد الأخضر سيكون له أثر إيجابي كبير في المجتمعات الأفريقيّة. فعلى المدى الطويل، تفوق جدوى الاستثمارات الخضر نظيراتها التقليديّة بالنسبة للتنمية. ويضرب التقرير مثلاً بكينيا التي تستطيع زيادة دخلها القومي بقرابة 12 في المئة، إذا اتّجهت نحو الاقتصاد الأخضر. صون التنوّع البيولوجي ينطبق الوصف عينه على عدد من بلدان أفريقيا كالسنغال وموريشيوس وبوركينا فاسو وجنوب أفريقيا. إذ تستطيع تلك الدول خفض الفقر في مناطقها الحضريّة، وزيادة أعداد المستفيدين من خدمات الصرف الصحي من 10 في المئة إلى 30 في المئة حتى عام 2035، بالترافق مع إضافة قرابة ثلاثين ألف فرصة عمل جديدة. يضيف التقرير أن الاستثمارات الخضر تدعم رأس المال الطبيعي للقارة ونظمها البيئيّة، كما تزيد إنتاج الزراعة، تصون التنوّع البيولوجي، وتحمي الإنتاج السمكي، وتقلّل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون. ويؤكّد التقرير أن تخضير القطاعات الرئيسيّة في التنمية يزيد القدرة على مقاومة تغيّرات المناخيّة، إضافة إلى حماية موارد الطبيعة. ففي جنوب أفريقيا، تؤدي الاستثمارات في إدارة الموارد الطبيعية، خصوصاً إعادة تأهيل الأراضي، إلى توفير عشرات ملايين الأمتار المكعّبة من المياه. وكذلك تستطيع مصر الاستثمار في ترشيد الاستهلاك المنزلي للمياه، كي تحقّق وفراً يتراوح بين عشرة وعشرين في المئة من الاستهلاك سنويّاً، ويرتفع الرقم إلى أربعين في المئة بالنسبة إلى الاستثمار في تطوير الريّ. وعلى نحو مماثل، تضمن التقرير أمثلة عدّة عن أهمية الاقتصاد الأخضر في القارة الأفريقيّة. إذ يرى أن السنغال وكينيا تستطيعان تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة لديهما بنسبة 9 في المئة بحلول عام 2030. وتعاني بلدان القارة من فقر الطاقة، فلا يحصل 76 في المئة من سكانها على الكهرباء، ما يعني أن لا بديل عن التوجّه إلى الطاقات الجديدة والمتجددة، إضافة إلى زيادة كفاءة الطاقة وترشيد استهلاكها. وخلص التقرير إلى التوصية بضرورة دمج الاقتصاد الأخضر في الخطط الوطنية للتنمية، وأن تكون سياسات ذلك الاقتصاد جزءاً أساسيّاً من الاستراتيجيات الطويلة المدى والتخطيط الجيّد، وتوفير التمويل لتسهيل الانتقال تدريجيّاً صوب الاقتصاد الأخضر في أفريقيا.