ريتا، ونتاشا، وبيرتا مجموعة صديقات أميركيات، يقطن في مجمع سكني بمدينة الخبر، اعتدن على لقاء صباحي كل أحد، في طقس جلبنه معهن من بلادهن، فالأحد إجازة من العمل، إلا أن أمس الأحد اختلف كلياً، إذ ألغت الصديقات لقاءهن الصباحي، الذي يختتم بالخروج في حافلة المجمع السكني الخاصة، من أجل التسوق في أحد المجمعات بالمدينة. لم يكن قرار إلغاء التجمع ورحلة التسوق نابعاً من الصديقات أو أزواجهن، بل بتعليمات من سفارة بلادهن، التي عمدت أمس إلى إغلاق أبوابها وبابي القنصليتين في جدة والرياض، ويتواصل الإغلاق إلى اليوم الإثنين. وأرفق قرار الإغلاق مع تحذيرات للمواطنين الأميركيين ب «توخي الحيطة والحذر، ورفع وتيرة الإجراءات الأمنية». وتكتفي ريتا، وهي أميركية من أصول عربية، بالقول ل «الحياة»: «لا نعلم أسباب إغلاق السفارة والقنصليتين في جدة والظهران، إلا أننا تفاجأنا بالخبر فجر الأحد. وجاءت التحذيرات بصورة عاجلة، وكأن شيئاً سيحدث». ولا تخفي ريتا شعورها وصديقاتها الأميركيات الموجودات في السعودية بالقلق، وهو قلق سرت عدواه إلى أوروبيات وجنسيات أخرى، على رغم أن سفارتهن لم تطلق أي تحذيرات. وذكرت: «أزواجنا يعملون في شركات نفطية، وننتظر الأحد للتجمع والتسوق، لأن الجمعة والسبت للعائلة، ومنذ أشهر امتنعنا عن السفر إلى البحرين أيضاً، بسبب التحذيرات والمخاوف مما يجري بالمنطقة». وتشعر نتاشا التي ترافق ريتا دوماً، بحال من «الإحباط»، إذ أنها تلقت فجر اليوم اتصالاً من ذويها في أميركا، بعد إعلان السفارة الأميركية. وقالت: «حال من القلق والرعب سرت بيننا خلال اليومين الماضيين، بعد انتشار خبر التخطيط لتنفيذ تفجيرات من طريق متطرفين، وهذا ما تناقلته مجالس وتجمعات الأميركيين في السعودية. وعندما بادرنا بالاستفسار من القنصلية، عبر التواصل الإلكتروني، تم إبلاغنا أنه «من باب الحيطة والحذر، وخوفاً عليكم»، مكتفين بهذا الرد. وفضلت نتاشا إبقاء أبنائها في البيت وعدم التوجه إلى المدرسة أمس (الأحد) واليوم (الاثنين). وأضافت: «منذ أحداث الدالوة في الأحساء وحوادث إطلاق النار المتفرقة على أميركيين وأوروبيين في السعودية، تم تزويدنا بمجموعة تحذيرات ونصائح علينا اتباعها خلال الخروج من المنزل لفترة طويلة، إذ يجب أن نخرج بالتنسيق مع مشرفي المجمع الذي نقطن فيه وفي حافلاته، وليس بسياراتنا الصغيرة. كما نصحونا بلبس العباءة، ووضع غطاء الرأس. وحتى الرجال تحاشوا لبس «شورت» قصير أثناء التنزه أو التسوق»، مردفة: «نعيش منذ تلك الأحداث في حال من الحذر الشديد، وبخاصة في المطارات والمجمعات التجارية، ونحاول عدم الخروج إلا للضرورة». وباستثناء صديقتيها، فإن بيرتا، ليست ربة منزل، فهي أكاديمية تعمل في إحدى جامعات المنطقة الشرقية. وقالت ل «الحياة»: «زوجي يعمل في شركة تنقيب عن النفط، وأنا أكاديمية وبقيت في السعودية أعواماً طويلة بمفردي، وبعدها لحق بي زوجي، ولم أشعر طوال الأعوام الماضية بالقلق، بقدر ما شعرت به خلال هذين اليومين، وكلي أمل أن نعود لحال الأمن والأمان». وأضافت بيرتا: «عندما قَتل أميركي متشددٌ عائلة مسلمة قبل نحو شهر، وعندما قتلت الطالبة المُبتعثة ناهد المانع قبل نحو عام في بريطانيا، تلقى الأميركيون المقيمون في السعودية جملة من التهديدات، على صفحاتهم في «فيسبوك»، والبعض أبلغ السفارة الأميركية بذلك. فتم اتخاذ إجراءات أمنية مشددة آنذاك.