واشنطن - أ ف ب - لم تلقَ إشارات الإنذار المتصلة بازدياد الدين العام في الدول المتطورة آذاناً صاغية، وانقسمت في شأنها الآراء في صندوق النقد الدولي، الذي كان مديره العام دومينيك ستروس - كان حريصاً على استمرار سياسات الإنعاش. وباتت هذه المؤسسة المالية الدولية التي تُعتبر الحارس التقليدي لدقة الموازنات، على رغم الأزمة الاقتصادية، المدافع الأول عنها. لكن بقدر أهمية هذا الانتعاش، يُعدّ وقفه مشكلة. وجسّد ستروس - كان هذا التناقض أمام المؤتمر السنوي لاتحاد أصحاب العمل البريطانيين في لندن، وفي مؤتمر حول القطاع المصرفي في باريس، متناولاً مشكلة هذه «الاستراتيجيات للخروج» من الأزمة. وأكد في لندن ضرورة أن «تعتبر مشاريع تعزيز الموازنة، أولوية مطلقة خصوصاً في الاقتصادات المتطورة». ورأى في هذا المجال، أن «الأخطار اكبر والجانب السياسي اكثر تعقيداً وآلية الضبط أقل مرونة». لكن أوضح أن «الخروج باكراً جداً يكلّف اكثر من الخروج في وقت متأخر جداً»، واعتبر أن الوقت «لا يزال مبكراً حالياً للخروج (من الأزمة) في شكل شامل». وشدد على أن «الخطر الحقيقي الوحيد في الغرق مجدداً في الأزمة، هو أن تنفذ استراتيجيات الخروج بسرعة كبيرة». ويندر أن يتحدث ستروس - كان، المقتنع بأن الأزمة الاقتصادية أظهرت صلاحية نظريات كينز (الاقتصادي البريطاني جون كينز) الداعية الى دعم الموازنة للنمو، عن مشكلة الدين الشائكة لدى الدول الكبرى الأعضاء في مؤسسته. لكن صندوق النقد الدولي يسعى منذ تجاوز القسم الأكبر من الأزمة، الى إقناع الحكومات بضرورة الإفصاح عن كيفية سد العجز الهائل، لكن لم تعطِ هذه الأخيرة آذاناً صاغية. واعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة كارنيغي ميلون في بيتسبرغ (شرق الولاياتالمتحدة) رئيس «سوفيرين ديبت سولوشنز» الاستشارية في مجال إعادة هيكلة الدين، آدم ليريك، أن «الاقتصادات المتطورة لم تصغ أبداً إلى نصائح صندوق النقد الدولي، لأنها لم تتوقع حاجتها إلى أمواله». وافترض أن «في حال شهد أي بلد مثل إسبانيا أو إيطاليا أزمة دين كبيرة، فستتبخّر موارد صندوق النقد الدولي في لحظات». وخلص هؤلاء في دراسة وضعوها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، إلى أن «ارتفاع العجز العام في شكل دائم بنسبة 0.5 في المئة قياساً الى الناتج الداخلي في الولاياتالمتحدة، يزيد على المدى الطويل عبء الضريبة الوطنية ومعدلات الفائدة العالمية، ما يحد من النشاط بنسبة تتراوح بين 0.3 و 0.6 في المئة في الولاياتالمتحدة و0.2 في المئة في بقية دول العالم». إلى ذلك، حذّر ستروس – كان من أن استمرار المصارف في إخفاء خسائر ضخمة عن مستثمريها «يعرض عملية التعافي الاقتصادي للخطر». ولفت إلى مواصلة إخفاء 50 في المئة من الخسائر الإجمالية، ربما في دفاتر المصارف». ونبّه إلى «عدم تحقيق نمو قوي ومتين من دون تنقية كاملة لحسابات المصارف». وأعلن أن التعافي الاقتصادي «كان قوياً في آسيا، لكن لا يزال هشاً في مناطق أخرى من العالم». وتقدر توقعات كثيرة أن «يستمر عدد العاطلين من العمل في الزيادة عاماً آخر في معظم الدول الصناعية».