توقعت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، أن يكون تأثير التغيّرات المناخية «شديداً في قطاعات الزراعة والغابات والثروة السمكية في جزر المحيط الهادئ». وحذّرت في تقرير أمس في سياق الإعداد للمشاركة في أعمال قمّة كوبنهاغن حول تغيُّر المناخ، من أن ذلك «سيفاقم نقص الأمن الغذائي وسوء التغذية في الإقليم عموماً». وحضّت المنظمة الحكومات والأطراف المتبرّعين على «البدء في تطبيق خططٍ مُوجَّهة لاتخاذ إجراءاتٍ فورّية في مواجهة تغيُّر المناخ على جزر المحيط الهادئ». وأشار التقرير عن السياسات الذي أعدّته «فاو» بعنوان «تغيُّر المناخ والأمن الغذائي في إقليم المحيط الهادئ»، إلى أن الظاهرة تُشكِّل «عاملاً مُضاعِفاً للتهديدات في منطقةٍ تقع فعلياً تحت إجهادٍ حاد بيئيّاً واقتصادياً». وتعرض المنظمة هذه الخلاصة التنفيذية على مؤتمر الأممالمتحدة حول تغيُّر المناخ، الذي يُعقد في كوبنهاغن في كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وقدّرت المنظمة أن «تواجِه جُزر المحيط الهادئ بسبب هذه الظاهرة، ارتفاع مستويات المنسوب البحري، وتَدفِئة المياه البحرية، وزيادة مستويات الحِمضيّة، وتغيُّر أنماط هطول الأمطار، وتغيُّر ساعات ضوء الشمس، وتزايُد غطاء السُحُب، وتبدُّل أنماط الدوران المحيطي لكتلة المياه والدوران الجوي، وتزايُد التردُّد في الأحداث الجوية المتطرِّفة مثل الأعاصير الاستوائية والجفاف». ورجّحت أن «تنعكس هذه التأثيرات سلباً وبمعدلاتٍ تراكميّة على المحاصيل والصيد السمكي وتوازُن الأمن الغذائي». ولم تغفل تعرّض «الإنتاج الغذائي في الإقليم لأخطار كبيرة، نتيجة العواقب المنتظرة من تدهور الأراضي والنُظم البيئية البحرية، واشتداد وطأة الإجهاد الحراري وتآكل التربة وتزايُد الملوحة، ونُضوب المغذّيات، وانتشار الآفات والأمراض النباتية، واشتداد وتيرة حرائق الغابات، وتكرُّر حالات الجفاف والفيضانات». وأكد المدير العام المساعد في المنظمة الخبير ألكساندر مولير، ضرورة «ألا يقف المزارعون وحدهم في خضمّ التغيُّرات المناخيّة، إذ يجب على البُلدان والشركاء الإنمائيين ضمان توافر أفضل المعلومات حول اختيار الأصناف الملائمة للزرع، والأساليب المثلى لإدارة موارد الأراضي والمياه في سياق التكيُّف والمواءمة مع التغيُّرات المناخية». وأوضحت «فاو»، أن تغيُّر المناخ «يظهر أيضاً تهديداً مُسلَّطاً على استمرار صناعة صيد الأسماك، مع احتمال تقويض الأمن الغذائي في منطقةٍ تُعوِّل بقوّة على الأسماك كمورد للبروتين والدخل حتى من تأجير المصايد للأساطيل الأجنبيّة». وتمثِّل النشاطات التجارية لصيد الأسماك في المحيط الهادئ خصوصاً من التونة، «رُكناً أساساً لاقتصادات الإقليم، لذا تنطوي التغيُّرات في توزيع أرصدة التونة ووفرتها، على عواقب بعيدة المدى بالنسبة إلى الجدوى الاقتصادية والتجارية في الأجل الطويل لصناعة الصيد والتعليب في الإقليم، تحديداً في مناطقه الغربية». وتوقعت «فاو» أن تشكّل «تأثيرات تغيُّر المناخ مقرونةً بالاستغلال المُفرط لموارد الغابات في إقليم المحيط الهادئ، ضُغوطاً على مساحات الأحراج المتبقيّة. وتُتيح الغابات والأشجار محاصيل رئيسة مهمّة لبُلدان المحيط الهادئ كالثمار الاستوائية. كما تؤدّي غابات المانغروف دوراً حاسماً في الحؤول دون تآكل السواحل، وتوفِّر حمايةً طبيعية ضد السيول والعواصف وأمواج المحيط العارمة مثلما تُمثل مواطن مهمة بيئياً لأنواعٍ كثيرة من السمك». وأوضح مولير، أن على المفاوضات الدولية في شأن تَغيُّر المناخ، أن تَعي الروابط الوثيقة بين الأمن الغذائي والارتفاع العام في درجات الحرارة نتيجة الاحتباس الحراري، ويجب أن تحصل جُزر المحيط الهادئ على الدعم في تطبيق «برامج العمل القطرية للتكيُّف» إزاء الظاهرة، شاملةً قضايا الأمن الغذائي». وشددت المنظمة في تقريرها على ضرورة «تكثيف البحوث والتنمية في قطاعات الزراعة والثروة السمكية والغابات، لتحديد الأنواع الأكثر ملاءمةً وتعميمها، واستخدام أصناف المحاصيل المقاوِمة للملوحة والجفاف، مع إعادة تأهيل مناطق الغابات الساحلية، وتطوير البنية التحتية تحديداً في المساحات الساحلية الأكثر تعرُّضاً للعواقب». ويؤكد مولير أن «الإخفاق في العمل الفعّال من شأنه أن يُفضي إلى تفاقُم الفقر، وعدم الاستقرار السياسي، والصراعات».