أفادت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس السبت أن الحكومة الأفغانية استخدمت قبل أعوام مبلغ مليون دولار من صندوق تموّله «وكالة الإستخبارات المركزية الأميركية» (سي آي أي) لدفع فدية مقدارها خمسة ملايين دولار لتنظيم «القاعدة» مقابل إفراج التنظيم المتطرف عن ديبلوماسي أفغاني خطفه في باكستان. وقالت الصحيفة إن مخاوف ساورت وقتها زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن تتعلّق بمصدر الأموال التي حُوّلت من حساب سري للحكومة الأفغانية. ووفق الصحيفة الأميركية، فإن بن لادن خشي أن يكون الأميركيون على علم بهذه الصفقة وأن يتمكنوا من تتبع مسار هذه النقود أو أن يكونوا دسّوا فيها سماً أو مواداً إشعاعية، ولذلك طلب تحويلها إلى عملة أخرى. وأوضحت «نيويورك تايمز» أن وحدة «الكوماندوز» الأميركية التي قتلت بن لادن في مخبئه في أبوت آباد قرب إسلام آباد في عام 2011 عثرت في أجهزة الحاسوب والوثائق التي صادرتها من المكان، على رسائل تبادلها بن لادن مع المسؤول عن العمليات اللوجستية في التنظيم عطية عبدالرحمن. وبحسب الصحيفة، فإن هذه الرسائل ظلت طي الكتمان إلى أن قُدّمت دليل اتهام في محاكمة عابد نصير الذي دانته محكمة في نيويورك في مطلع آذار (مارس) بالانتماء إلى تنظيم «القاعدة» والمشاركة في التحضير لاعتداءات تم إجهاضها في كل من نيويورك ومانشستر وكوبنهاغن. وكان الديبلوماسي الأفغاني عبدالخالق فرحي يعمل قنصلاً عاماً لبلاده في بيشاور ويستعد لتولّي بعد أسابيع منصبه الجديد سفيراً في إسلام آباد حين خُطف في أيلول (سبتمبر) 2008. وأفرج تنظيم «القاعدة» عن الديبلوماسي بعد عامين من خطفه، بعدما حصل من كابول على الفدية التي من بينها مليون دولار مصدرها صندوق سري موضوع في تصرف الرئاسة الأفغانية وتموّله ال «سي آي أي» عبر دفعات نقدية شهرية، وفق لما نقلت الصحيفة عن مسؤولين أميركيين وغربيين. أما المبلغ المتبقي من الفدية، أي أربعة ملايين دولار، فدفعت إسلام آباد أكثر من نصفه في حين دفعت الجزء المتبقي منه إيران ودول خليجية. وفي رسالة إلى بن لادن، مؤرخة في حزيران (يونيو) 2010، كتب عبدالرحمن أن «الله أنعم علينا هذا الشهر بمبلغ كبير من المال»، مشيراً إلى أن هذا المال سيُستخدم في شراء أسلحة وتوفير حاجات أخرى. ولكن بن لادن ردّ على عبدالرحمن بدعوته إلى توخي الحذر، وكتب في رسالة إليه يقول «هذا أمر غريب بعض الشيء لأن دولة مثل أفغانستان لا تدفع عادة هذا المبلغ من المال لتحرير أحد رجالها»، مضيفاً «هناك احتمال، ليس كبيراً جداً، أن يكون الأميركيون على علم بعملية تسليم الأموال وأن يكونوا قبلوا بترتيبات الدفع على أساس أن المال سيُنقل تحت مراقبة جوية». ويبدو أن الولاياتالمتحدة ساهمت من دون أن تدري في تمويل هذه الفدية، والسبب في عدم علمها بالأمر يعود إلى غياب الإشراف والرقابة على هذا الصندوق السري المخصص لشراء ولاءات أمراء حرب وشيوخ عشائر وشخصيات أفغانية نافذة أخرى. تجدر الإشارة إلى أن الولاياتالمتحدة -خلافاً لدول غربية عدة - ترفض رفضاً باتاً دفع فدية مالية لإطلاق سراح مواطنين أميركيين محتجزين رهائن.