بعد شهر على بدء تطبيق وقف النار في شرق أوكرانيا، تراجعت حدة المعارك في شكل كبير، وانخفضت الخسائر البشرية، لكن قلّة في كلا المعسكرين تؤمن بإمكان تحقيق سلام دائم. وقال ديميترو نيكيتين، الناشط السابق في «حركة ساحة ميدان» التي أدت الى سقوط نظام الرئيس السابق الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش، وأجّجت النزاع الحالي: «ما توصّلنا إليه ليس سلاماً. ما زلنا في حال حرب. الانفصاليون والقوات الروسية باتوا أقوياء، ونحن لا نحرّك ساكناً». وقال إيغور المقيم قرب مطار دونيتسك (شرق)، الذي شهد معارك ضارية انتهت بسيطرة المتمردين عليه في كانون الثاني (يناير) الماضي: «لا أمل لدي. لا أؤمن بوقف النار. ما زلت أسمع سقوط قذائف حتى لو كان ذلك بوتيرة أقل». ورأى مراقبو منظمة الأمن والتعاون الأوروبية الخميس الماضي، أن وقف النار يبقى هشاً في شرق أوكرانيا حيث أوقع النزاع أكثر من 6 آلاف قتيل خلال 11 شهراً، مشيرين الى أن منطقتين «لا تزالان ساخنتين جداً»، واحدة في محيط أنقاض مطار دونيتسك، والثانية في بلدة شيروكيني التي تبعد نحو 10 كيلومترات من ميناء ماريوبول الاستراتيجي، آخر مدينة كبيرة لا تزال تحت سيطرة كييف في الشرق. وتدين الحكومة الأوكرانية باستمرار، حشد قوات فيها وتحليق طائرات بلا طيار فوقها. لكن المحللة كادري لييك من المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، لا تعتقد أن روسيا أو المتمردين يريدون ماريوبول، بل ضمان مراقبة على قرارات كييف واتفاق «مينسك 2» للهدنة. وتابعت: «يريد الروس التحقّق من استمرار تسييرهم النقاش في أوكرانيا بالاتجاه الذي يرونه مناسباً، وبالتالي قدرتهم على عرقلة أي عملية ترمي الى انضمام أوكرانيا الى الحلف الأطلسي (ناتو)، والتلاعب بالعلاقات بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي». على صعيد آخر، وصفت روسيا ب «الكاذب» القرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي الخميس الماضي، وانتقد فيه «التدابير القمعية للكرملين، وخطاباته المحرّضة على الحقد والخوف، التي أفضت الى جريمة قتل المعارض الروسي بوريس نيمتسوف بالرصاص أمام الكرملين في 27 شباط (فبراير)، واتهمت النواب الأوروبيين بإلحاق ضرر بالجهود الرامية الى تطبيع العلاقات بين موسكو والاتحاد الأوروبي. وقال الناطق باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش: «القرار عبارة عن مجموعة أكاذيب وتفسيرات مغلوطة»، مضيفاً: «فقط أصحاب العقول المريضة، يستطيعون ربط مواضيع مختلفة كما فعلوا في ستراسبورغ»، علماً أن القرار الأوروبي يطالب ب «تحقيق دولي مستقلّ حول الاغتيال السياسي الأكثر خطورة في تاريخ روسيا الحديث»، وينتقد «غياب التعاون» في التحقيق الدولي حول حادث تحطّم الطائرة الماليزية فوق أوكرانيا في تموز (يوليو) 2014. ووصف الناطق «التخمينات» حول مقتل نيمتسوف ب «قمة السخرية»، مضيفاً أن القرار يلحق «ضرراً مباشراً بالجهود الرامية الى تطبيع الوضع في أوروبا».