أعاد المؤتمر الاقتصادي الذي يفتتحه اليوم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، منتجع شرم الشيخ في جنوبسيناء، إلى واجهة الأحداث في مصر، بعد ما طاله من تجاهل وإهمال منذ رحيل الرئيس السابق حسني مبارك عن السلطة. فمع وصولك إلى مطار شرم الشيخ الدولي، تلحظ أن المدينة تستعد لحدث جلل، فالاستقبال ذو إطلالة مختلفة عن المعتاد: شباب بزي فرعوني في انتظارك بالورود، فيما يتم بث موسيقى غربية هادئة، وسريعاً تتلقف حقائبك وتغادر. رجال الأمن المدججون بالسلاح وكلاب الحراسة منتشرون في ساحة المطار التي ما إن تغادرها حتى تواجهك جدارية افتُتحت أول من أمس تتوسطها عبارة «مرحباً بكم» بلغات عدة، وإلى جانبها خريطة مصر، وإلى الجانب الآخر خريطة شرم الشيخ. وعلى طريق الرحلة إلى الفندق أو إلى مركز المؤتمرات حيث سيقام مؤتمر «مصر المستقبل»، تلحظ إجراءات أمنية غير مسبوقة، فالمكامن الشرطية منتشرة في كل أرجاء المنتجع، وتتكثف كلما اقتربت من مركز المؤتمرات الدولي، فيما الدوريات الأمنية تجوب الشوارع. وبدا أن تقسيماً للأدوار الأمنية جرى، فعُهد إلى قوات الشرطة بتأمين المنتجع السياحي من الداخل، فيما انتشر الجيش مدعوماً بالمروحيات القتالية في الخارج. وجرت عمليات تمشيط للجبال والدروب الصحراوية المحيطة بشرم الشيخ، وتسلمت أمس قوات الحرس الجمهوري مطار المدينة وقاعات المؤتمر والفنادق التي سيحل عليها كبار الضيوف. وأشار مسؤول أمني إلى «دور كبير لعبه بدو جنوبسيناء في التأمين»، لا سيما في المناطق الصحراوية الوعرة. وأكملت السلطات التجهيز اللوجيستي لقاعة المؤتمر الرئيسة، والتي تستقبل نحو 1700 ضيف، إضافة إلى القاعات الفرعية التي خصصت لورش العمل. ووفقاً لترتيبات اليوم الأول للمؤتمر، فإن السيسي سيفتتح المؤتمر عصر اليوم بكلمة يعرض فيها سياسات بلاده الاقتصادية، قبل أن تتوالى كلمات مقتضبة لمسؤولي الدول ورؤساء الوفود. ويختتم اليوم بمأدبة عشاء يقيمها السيسي، تكريماً لضيوفه. ومن المقرر أيضاً أن يتم خلال المؤتمر عرض بانوراما تفاعلية لتاريخ مصر، منذ أيام الملك مينا موحد القطرين فالعصر الفرعوني الذي وصلت مدته 3 آلاف سنة والعصر القبطي 800 سنة والعصر الإسلامي 1400 سنة وحتى العصر الحديث. وسيتم عرض صور ووثائق ومعالم أثرية من تلك العصور ويصاحبها تعليق صوتي بسبع لغات هي العربية والإنكليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية واليابانية. ولعل وصف السيسي للمؤتمر الذي سيستمر ثلاثة أيام بأنه بمثابة «ذراع مصر»، يوضح ما يأمله من المؤتمر الذي حشدت له الدولة الجهود السياسية والاقتصادية وغيرها كافة لإنجاحه. وعكست تصريحات كبار المسؤولين مدى الأهمية التي توليها مصر للمؤتمر الذي وصفه رئيس الوزراء إبراهيم محلب بأنه «خطوة مهمة» للاقتصاد المصري. وأشار محلب لدى وصوله أول من أمس إلى المنتجع حيث راجع بنفسه استكمال اللمسات الأخيرة لترتيبات المؤتمر واستضافة الضيوف، إلى أن «مصر توجه من خلال المؤتمر رسائل عدة منها رسالة سلام ومحبة للعالم، في وقت تواجه إرهاباً وتحديات جسيمة»، مشدداً على ضرورة «أن تكون الصورة مكتملة وأن يكون التنظيم على أعلى مستوى». الإطلالة المختلفة لشرم الشيخ لم تقتصر على الإجراءات الرسمية، بل إن الجميع شارك. فالفنادق تزينت وتستعد بعروض فولكلورية للضيوف، وسائقو التاكسي حصدوا المكاسب سريعاً ببذل رسمية وزعتها المحافظة، وكذلك المحال والمطاعم. وبدت شرم الشيخ في إطلالتها الجديدة وكأنها تودع عهداً وتفتح صفحة عهد جديد يتطلع إليه العاملون في المنتجع لاستعادة رواج نشاطهم الذي تضرر كثيراً خلال السنوات الأربع الماضية.