أطلق عدد من المثقفين في مصر حملة لتهدئة الأجواء المحتقنة بين مصر والجزائر في أعقاب «موقعة الخرطوم» الكروية والتي اتهمت فيها القاهرة الجمهور الجزائري ب «الإرهاب» والاعتداء على الجمهور المصري عقب المباراة التي فاز فيها منتخب الجزائر وتأهل لمونديال 2010 في جنوب أفريقيا. وذكرت وكالة الأنباء الليبية الرسمية أمس أن الزعيم الليبي معمر القذافي سيقوم بوساطة لتهدئة الاجواء بين القاهرةوالجزائر بعد التوترات التي أثارتها مباراة كرة القدم بين منتخبي البلدين. وأوضحت أن الزعيم الليبي الذي يرأس الاتحاد الافريقي سيعمل على ردم الهوة التي ظهرت بين مصر والجزائر اثر الأزمة الكروية، وانه سيقود هذه الوساطة بناء على طلب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى. وحرص عمرو موسى لدى استقباله سفير الجزائر في القاهرة وممثلها الدائم لدى الجامعة العربية السفير عبدالقادر حجار، على تأكيد ضرورة العمل من أجل احتواء تداعيات تلك الأحداث والتحقيق في أسبابها وضمان الحيلولة دون تكرارها. وقالت مصادر عربية إن موسى حرص على التشاور مع السفير الجزائري في شأن تطورات الأحداث التي تبعت المباراة وذلك في ضوء اتصالات أجراها الأمين العام مع بعض المسؤولين العرب وعلى رأسهم العقيد القذافي وعدد من المسؤولين في مصر والجزائر والسودان. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية المصرية السفير حسام زكي إن وزير الخارجية أحمد أبو الغيط ورئيس الاستخبارات الوزير عمر سليمان سيقومان اليوم بزيارة للسودان تستغرق يوماً واحداً، موضحاً أن الزيارة تهدف إلى البحث مع القادة السودانيين آخر تطورات القضايا المتعلقة بالسودان وتبادل الرأي في شأنها. وأشار إلى أن من المنتظر كذلك أن ينقل الوفد المصري إلى السودان شكر وتقدير مصر قيادةً وشعباً على ما تحمله من مشاق لتنظيم مباراة الأربعاء الماضي بين منتخبي مصر والجزائر. لكن على رغم محاولات التهدئة مع الجزائر، يبدو أن الاحتقان الذي يسود الشارع المصري لن يُسدل عليه الستار قريباً، خصوصاً مع ارتفاع نبرة المطالبات بطرد السفير الجزائري من مصر، ودعوة خبراء وحقوقيين إلى ملاحقة المسؤولين الجزائريين أمام المحاكم الدولية باعتبار أنهم مسؤولون عن التداعيات التي أعقبت «موقعة الخرطوم»، وعدم الاكتفاء بالشكوى التي سيتقدم بها المسؤولون المصريون اليوم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا». وحمّل مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري) وسائل الإعلام الجزائرية مسؤولية الأحداث التي وقعت في أعقاب المباراة الفاصلة بين منتخبي مصر والجزائر في العاصمة السودانية، داعياً مؤسسات الحكم الجزائرية إلى اتخاذ «موقف مسؤول يتفق والأعراف والقيم والقوانين التي تنظم العلاقات الدولية»، كذلك دعا المسؤولين في الجزائر إلى تقديم «اعتذار» عن الاعتداءات التي قام بها المشجعون الجزائريون ضد المصريين. وعبّر رئيس مجلس الشورى المصري صفوت الشريف عن استيائه الشديد من «الاعتداءات غير الأخلاقية التي تعرض لها المصريون»، معتبراً ما حصل في الخرطوم «جرائم مدبرة». وأكد الشريف أن وسائل الإعلام في الجزائر «وقعت في براثن مخطط ساق إليها الأكاذيب بقصد وتخطيط عن سقوط ضحايا من الجزائريين عقب مباراة القاهرة (سبقت مباراة الخرطوم)». وأضاف أن الجزائريين قيل لهم «إن إساءات وقعت لفريقهم (في القاهرة) ولم يتحقق الإعلام من صحتها ولم يعطوا اهتماماً لما صدر من تكذيبات وحقائق في شأنها، فعبّأوا الجماهير وجيّشوا الجزائريين وبثوا في قلوبهم الحقد والغل». وحمل الشريف على المسؤولين في الإعلام الجزائري ومن وصفهم ب «الصائدين في الفضاء العكر من خارج مصر»، وناشد الالتزام بروح الرياضة الحقة والابتعاد عن إذكاء روح الفتنة وغرس بذور الصراع. وأكد وزير الدولة للشؤون القانونية والمجالس النيابية الدكتور مفيد شهاب إعداد «ملف كامل» عن تداعيات المباراة الفاصلة بين المنتخبين المصري والجزائري لكرة القدم، مشيراً إلى أن هذا الملف جاري إعداده بالتنسيق الكامل بين وزارة الخارجية وكل الأجهزة المعنية، وسيتم استخلاص النتائج القانونية المترتبة عليه «بهدف تحديد المسؤوليات بكل دقة». وأكد أمام اجتماع لجنة الشباب في مجلس الشعب مساء أمس خلال جلسة خصصت لمناقشة تداعيات المباراة: «إننا نحمّل الجزائر المسؤولية كاملة لما حدث في الخرطوم، ونقول إن ما تم إما بتخطيط أو بتشجيع أو مباركة من الدولة الجزائرية»، موضحاً أن مصر اتخذت مواقف سريعة تتناسب مع هذه الرؤية للأحداث حيث قررت قطع العلاقات الرياضية مع الجزائر واستدعاء السفير المصري في الجزائر للتشاور وكنوع من الاحتجاج ومن أجل الاطمئنان على أحوال المصريين في الجزائر، وكذلك استدعاء السفير الجزائري في مصر وإبلاغه رسالة عنيفة برفض مصر لكل ما حدث وتحميل الجزائر كامل المسؤولية إزاء حماية أرواح وممتلكات المصريين هناك. ودعا شهاب إلى إجراء تحقيق دقيق حول أي تقصير إزاء ما حدث قبل المباراة الفاصلة وبعدها، قائلاً إن الحكومة ترى أن وسائل الإعلام خصوصاً القنوات الفضائية لعبت دوراً في زيادة التوتر وتسخين الأجواء، موضحاً أنه يتم حالياً إعداد ملف للمطالبة بتعويضات عن الخسائر التي لحقت بالمصريين واتخاذ الإجراءات القانونية للحفاظ على هذه الحقوق. وأكد الإيمان المطلق بالعروبة و «عدم اتخاذ أي قرارات تخرجنا عن هذا الإيمان وضرورة الحرص على الأمة العربية والابتعاد من أي حدث ينال من هذه العروبة». وذكر أن بلاده تتابع الموقف وتطوراته وردود الفعل الجزائرية وأنها «تتخذ الإجراءات المناسبة التي تتوافق وكرامة مصر والمصريين». وأعرب رئيس المجلس القومي للرياضة المهندس حسن صقر عن أسفه الشديد لما حدث في الخرطوم وقال: «إننا تأثرنا وحزنا كثيراً وشعرنا بنوع من الإهانة والتكدير»، مؤكداً «أن الشعب المصري شعب محترم ونتعامل باحترام مع الآخرين». من جانبه، وصف وزير الإعلام المصري أنس الفقي ما حدث عقب المباراة ب «العمل الإرهابي» المنظّم ضد مصر والمصريين. وأكد الفقي في بيان ألقاه أمام الاجتماع: «لو لم تكن هناك رسالة قوية من القيادة السياسية في مصر بأننا نستطيع أن نحمي أولادنا في أي مكان لما تحرك أحد». وأكد الفقي أنه مع حرية التعبير وضد الرقيب وسيظل ضده والرقيب الوحيد على الإعلامي هو خبره والمصلحة الوطنية. وقال وزير الاعلام: «إنه حتى الآن هناك تجاوزات جزائرية ضد مصر وقادتها ولو لم يتعرض لها الاعلام المصري كنا سنُلام ويسألنا الناس لماذا لا نرد؟ فقد تم توجيه اللوم إلينا على التسامح من قبل».