هل هو باراك أوباما، رئيس الولاياتالمتحدة، أو باراك حسين أوباما، الرئيس الافريقي الأميركي المسلم؟ هو رئيس أميركي آخر، أذكى من سلفه وأكثر قدرة يحاول خدمة بلاده، غير ان أنصار إسرائيل أصحاب الولاء الواحد لها يشنّون عليه حملة إعلامية ونفسية كبيرة لتطويعه، فقراءة ما يبثون من سموم عبر مراكزهم البحثية ومواقعهم الإلكترونية والوسائل الإعلامية الأخرى المتوافرة لهم تجعل الرئيس الجديد يبدو وكأنه يعمل للمقاومة في العراق والفصائل الفلسطينية، وهي مبالغة الى درجة أن تكون مضحكة لولا ان هدفها منع الرئيس الأميركي من اتخاذ اي قرار يخالف الالتزام الكامل بإسرائيل. عصابة اللوبي والمتطرفون الآخرون أخذوا على أوباما ان يستعين بمسؤولين من إدارة بوش، وزعموا ان مجلس الشؤون الخارجية «عرّاب» سياسته، وأن هذا المجلس متحالف مع المعهد الملكي البريطاني للشؤون الخارجية، ثم هاجموا الناس حوله من مستشارين أو عاملين مثل القس جرمياه رايت وسامنثا باورز وروبرت مالي ورشيد الخالدي. أعرف رشيد الخالدي وأعرف كثيراً عن روبرت مالي، وهو يهودي معتدل، وأقول ان في ظفر الاصبع الصغير لأي منهما من الشرف والأخلاق ما ليس لكل انصار إسرائيل في الولاياتالمتحدة. الإسرائيليون من حملة الجنسية الأميركية هاجموا أوباما لأنه أعلن قراره إغلاق معتقل غوانتانامو، مع انه لم يقل انه سيفرج عن المعتقلين الذين لم يتهموا بشيء بعد مضي سنوات على اعتقالهم، واحتجوا على مهاتفته الرئيس محمود عباس، وهذا غير متهم بإرهاب مع ان أوباما يتصل بالنازيين الجدد في الحكومة الإسرائيلية. بل ان بينهم من انتقد ان يجري تلفزيون «العربية» مقابلة له، أو ان يعلن مد يده الى المسلمين وتكراره ذلك في خطابه الشجاع وهو يزور تركيا، فهم يريدون ان يواصل سياسة بوش - تشيني في قتلهم لحساب إسرائيل، أو أن يعين سوزان رايس سفير لدى الأممالمتحدة بحجة ان لها مواقف ضد اسرائيل، أو ان يختار السناتور جورج ميتشل مبعوثاً الى الشرق الأوسط، أو أن يفكر في إرسال سفير اميركي جديد الى سورية. هي وقاحة لا يقدر على مثلها سوى أنصار اسرائيل ولو كانت هناك عدالة لكان هؤلاء المجرمون في معتقل غوانتانامو، والمعتقلون الحاليون حراساً عليهم يعذبونهم بالحرمان من النوم والاستجواب 20 ساعة متواصلة، وتقييدهم بالأصفاد وإيهامهم بالغرق. أوباما ليس رئيساً افريقياً أو مسلماً أو عربياً، وإنما هو رئيس اميركي آخر لم يهاجم دولاً لأسباب مزورة ويقتل مئات الألوف من اهلها، ولم يدمر اقتصاد بلده، والاقتصاد العالمي معه، ويتركه مفلساً ومع اعلى نسبة بطالة في ربع قرن ما ينذر باضطرابات اجتماعية. غير ان عصابة اسرائيل لا تستحق اسمها إن لم تكن وقحة الى درجة البذاءة الفكرية والإنسانية، فدعاة الحرب من العصابة أكثرهم فرّ من الجندية أيام فيتنام، ويريدون ان يفنى شباب أميركا دفاعاً عن اسرائيل، وبعضهم فر آباؤهم قبلهم من الجندية، فالعصابة تضم أسراً من المحافظين الجدد الذين امتهنوا الجبن وحضّ الآخرين على الموت. ولا أريد ان أكرر شيئاً كتبته في السابق، ولكن أنصح القارئ المهتم ان يعود الى الإنترنت، فهناك مواقع تسجل اسماء المحافظين الجدد دعاة الحروب الذين فروا من الجندية. (في قاموسي الشخصي ديك تشيني مجرم حرب إلا أنه ليس من المحافظين الجدد وإنما طالب امبراطورية اميركية تحكم العالم والتقت مصالحه معهم، وكان مثلهم جبناً فقد تهرب من الخدمة العسكرية في فيتنام مرات عدة وإلى درجة ان تزوج في النهاية ليُعفى). ثمة محاولة واعية مدروسة لتطويق باراك أوباما ثم أسره، وعصابة إسرائيل من محافظين جدد وراء كونغرس يلتزم اسرائيل أكثر من الكنيست نفسه، وكانوا وراء إدارة خسرت حربين، فأعلنوا انهم انتصروا في الحربين، ودمرت الاقتصاد الأميركي وأفلست أغنى بلد في العالم، فقالوا ان باراك أوباما وهو في الحكم منذ اسابيع فقط، ووصل الى البيت الأبيض من طريق معارضة الإدارة الجمهورية، يتحمل مسؤولية الأزمة الاقتصادية المالية الأميركية والعالمية. وهم لا يزالون قادرين على الأذى، فقد اضطروا السفير تشارلز فريمان الى سحب ترشيحه لرئاسة مجلس الاستخبارات الوطني، رغم انه ديبلوماسي محترف ومن أرقى مستوى مهني وأخلاقي ممكن. وكان أغرب ما في خروج فريمان ان الذي قاد الحملة عليه ستيف روزن، وهذا مسؤول سابق في ايباك يواجه قرار اتهام ومحاكمة بتهمة التجسس لإسرائيل، اي ان المتهم بالجاسوسية يفوز على المتهم بالوطنية، فلا يجوز ابداً التقليل من الخطر الماثل والمستمر على مصالح العرب والمسلمين. وأكمل غداً.