أفاد تقرير سري لوزارة الدفاع البريطانية بأن «خلافات كبيرة» وصلت إلى درجة «العداوة العميقة» بين القادة العسكريين الأميركين والبريطانيين في العراق، خصوصاً بعد غزو هذا البلد مباشرة عام 2003. ونقل التقرير، الذي نشرته أمس صحيفة «الديلي تلغراف» البريطانية، عن قائد القوات البريطانية في العراق الجنرال اندرو ستيوارت الذي يصف نظراءه الأميركيين بأنهم «مجموعة من البعيدين عن الواقع»، ان «قدرتنا على التأثير في السياسية الاميركية في العراق ضئيلة». واضاف ان «الحوار امر غريب عنهم». ونسب إليه قوله إنه كان يقضي وقتاً كثيراً في رفض تنفيذ أوامر القادة الأميركيين والتنصل منها، ووصف هذه الخلافات بأنها «كانت مثل حرب داخلية». وبحسب التقرير أدّى رفض الجنرال ستيوارت تنفيذ أمر من قائد اميركي أعلى منه في قوات التحالف إلى استدعاء الخارجية الأميركية السفير البريطاني في واشنطن السير ديفيد مانينغ لإبلاغه الاحتجاج الرسمي بأسلوب يصل إلى درجة التوبيخ «مثلما يحدث أحياناً مع مبعوثي دول مثل زيمبابوي والسودان». واكد الكولونيل جي.كاي تانر، المسؤول عن العديد في الجيش البريطاني، انه «على رغم علاقتنا الخاصة» المزعومة (مع الولاياتالمتحدة)، اعترف بأننا لا نعامل بخلاف ما يعامل به البرتغاليون». ووصف تانر نظراءه الأميركيين بأنهم «مجموعة من سكان المريخ» في إشارة الى صعوبة الحوار معهم. وتوافرت هذه الإفادات من مقابلات رسمية اجرتها وزارة الدفاع البريطانية مع قادة بريطانيين عادوا من مهمتهم بعد السنة الاولى من غزو العراق في آذار (مارس) 2003. ونشرت الإفادات قبل يوم من عقد لجنة التحقيق حول مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق اولى جلساتها العامة برئاسة السير جون تشيلكوت في لندن اليوم. وكانت القوات البريطانية، التي انسحبت من العراق في تموز (يوليو)، سلمت مهمتها في البصرة رسمياً إلى القوات الأميركية في آذار الماضي. في غضون ذلك، أكد السير جون شيلكوت، رئيس لجنة التحقيق في حرب العراق، أن التقرير الذي سيصدره لن يحابي أحداً على حساب الحقيقة. وعبر عن ثقته في إمكان لجنته التوصل إلى «توصيف عميق وشامل للاعتبارات المختلفة التي أثَّرت على شرعية الحرب». وأضاف أن مهمتهم هي «كتابة السرد بحيث نتعلم الدروس من أجل المستقبل». وشدد على أنه سيجري «تحقيقاً» موضحاً ان «التحقيق ليس محكمة، وهو لا يخضع أحداً للمحاكمة، لكن اللجنة لن تتخلى عن حقها في الانتقاد». وسيكون رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير، الذي خاضت بريطانيا الحرب في عهده، أبرز الشهود الذين سيمثلون أمام اللجنة. لكن التحقيق، الذي يغطي الفترة من تموز (يوليو) 2001 إلى تموز 2009، سيكون سرياً في بعض الجلسات التي تعتبر مؤثرة على الأمن القومي البريطاني. وكانت صحيفة «صنداي تلغراف» كشفت الأحد معلومات تفيد بأن بلير كان يخطط لاجتياح العراق قبل سنة تقريباً على غزو هذا البلد، على رغم تأكيده لمجلس العموم البريطاني في تموز 2002 ان «لا مخططات ولا تحضيرات تجريها بريطانيا للمشاركة بالحرب». ويتوقع مراقبون ان تضع هذه المعلومات بلير في موقف حرج في ما يتعلق بالحرب على العراق، على رغم ان صلاحية لجنة التحقيق لا تتعدى التحقيق. ولم تحدد اللجنة بعد اي موعد لجلسة بلير إلا ان المراقبين يستبعدون ان يتم ذلك قبل الانتخابات البرلمانية المقبلة المتوقعة في أيار (مايو) 2010.