في كتابه «الصياد»، الصادر حديثاً في الولاياتالمتحدة الأميركية، يغوص الكاتب بارتون جيلمان في الأحداث البارزة التي مرت بها الإدارة الجمهورية السابقة، متناولاً النطاق الكامل لأعمال وسياسات نائب الرئيس الأميركي السابق والمتنفذ ديك تشيني وعواقبها، متضمناً دوره الخفي في أهم قرارات بوش المصيرية في الحرب، وكيف صرف الانتباه من محاربة تنظيم القاعدة إلى العراق، مطلقاً العنان لإدارة الأمن العام للتجسس الداخلي والتوسع في استخدام أساليب التعذيب الوحشية غير الإنسانية. وتشيني لقّب ب «الصياد»، فهو ماهر في اصطياد فرائسه وخيانة أقرب الناس إليه - كما يقول المؤلف - إذ تشير إليه أصابع الاتهام في كثير من القضايا التي أقفلت بعض الملفات فيها، ولكن يفتحها الكاتب جميعها في هذا الكتاب، ومنها إفشاء سر عميلة الاستخبارات السابقة فاليري بالم، انتقاماً من زوجها الديبلوماسي الذي رفض أن يربط الرئيس السابق صدام حسين بقضية اليورانيوم في المجر. ومن خلال رؤية جديدة وقصص لم تروَ من قبل، استطاع جيلمان أن يرسم ملامح رجل يتسم بالغموض والشراسة وصلابة الحكم على مكتبه، أثناء فترة توليه منصبه نائباً للرئيس، ولا يخفى على احد أن تشيني لعب دوراً جوهرياً في القرارات التي بدأت بالحرب والسلام وامتدت إلى الاقتصاد والبيئة والاستخبارات والقانون، وكانت يده دائماً خفية حتى على زملائه. ويتعقب كتاب «الصياد» مسار ديك تشيني خلال توليه منصبه لفترتين، بوصفه الناصح الأمين وأقرب المستشارين للرئيس بوش وله مكانته، ومع ذلك يسبب المخاطر للرئيس الذي يخدمه. وأثناء سرد إحدى القصص يشرح جيلمان باستفاضة أزمة إدارة الأمن القومي عندما حجب تشيني الكثير من المعلومات الاستخبارية المهمة حتى عن الرئيس بوش تاركاً إياه خارج حلقة اتخاذ القرار. ويستعرض الكاتب الرسائل العلنية والملحوظات والأحاديث المسجلة التي تأخذ القارئ وراء الكواليس وداخل الاجتماعات العاجلة، التي كانت تعقد بسرية داخل مكتب نائب الرئيس، وكذلك غرفة العمليات، وغرفة المداولات بالبيت الأبيض، وغرفة الرئيس الخاصة. ومن خلال التفاصيل الوثائقية يعرض لنا جيلمان كذلك كيف صاغ تشيني الحلقة المقربة من الرئيس بوش، وكيف اختار بنفسه أقرب معاوني الرئيس الأميركي، وكيف تخلص من كثير من خصومه وفصلهم عن بوش، ومن أبرزهم وزير الخارجية السابق كولن باول وغيره! ويتطرق الكاتب بالتفصيل إلى أحداث 11 (أيلول) سبتمبر التي صبت لمصلحة نائب الرئيس ديك تشيني، وعززت أهمية دوره وجعلته الآمر الناهي في البيت الأبيض، وهنا يستعرض جيلمان كيف وجه تشيني «الحرب على الإرهاب» تجاه العراق، والتجسس الداخلي، والتحقيقات الشرسة، ونشر مبدأ عقيدة «الحرب الوقائية والاستباقية»، وإضافة إلى ذلك كله كان تشيني وراء اتخاذ بوش للقب القائد الأعلى، وهو لقب لم يتقلده رئيس أميركي من قبل. يرى بعض النقاد أن كتاب «الصياد» هو كشف شامل لحلبة الصيد والتخطيط في الإدارة الجمهورية السابقة، التي سيطر عليها ديك تشيني، مدعومة بأحاديث ومقابلات مع معارضين ومؤيدين لتشيني، فالكتاب دراسة لسياسة بوش من خلال تسليط الضوء على ميراث الرئاسة والمعضلات التي عاقت نجاحه. [email protected]