«أكثر ما سألني عنه العرب والسعوديون حتى الآن هو ماديبا»، تقول سفيرة الثقافة الجنوب أفريقية باتادوة أم تويا، في إشارة إلى لقب الرئيس الأسبق لجمهورية جنوب أفريقيا، والمناهض العظيم لنظام الفصل العنصري نيلسون مانديلا. وبحزن بالغ وشعور بالوحدة عبرت باثندوا مكوبا، التي تشارك ضمن وفد جمهورية جنوب أفريقيا، الذي تترأسه وكيلة وزارة الفنون والثقافة جيويس مابوداهاس في معرض الرياض للكتاب، عن فقدان شعبها أيقونة بلدها والعالم، وتقول: «لقد فقدنا ماديبا، بسببه فقط نحن محبوبون من العالم». بمجرد مرور الزائر العادي والمثقف بجوار جناح ضيف شرف المعرض الدولي، سيلمح بوضوح علم جنوب أفريقيا بألوان قوس قزح الذي يرمز إلى جميع الأعراق الموجودة في البلد، تقول السفيرة الثقافية العازمة على النجاح في تغيير المشهد: «رأيت الكثير من التعاون والاحترام من الزوار، وخصوصاً دعني أتحدث عن المرأة السعودية، انجذبت للجميع ولكن ما يهمني هو المرأة، لقد كُنّ في غاية اللطف»، وتضيف المعلمة والفنانة التشكيلية في وصفها للمرأة السعودية وانطباعها عنها: «هذه زيارتي الأولى لهن وجدتهنّ جميلات للغاية، لديهن مرونة في التفاعل مع الغير، ولديهن أزياء وطبيعة رائعة». وفي حديثها عن جناحهم الخاص وردها على ملاحظة أنه لا يحتوي على أي عمل أفريقي مترجم إلى اللغة العربية، قالت: «لقد جئنا من جنوب أفريقيا، بلد غني بأكثر من 30 ثقافة مختلفة، وكل من هذه الثقافات لديها العديد من اللغات المختلفة، ولكن هناك خطة الآن لعمل ذلك، إذ من الممكن أن نخسر أمة كبيرة مثل المملكة بسبب عدم معرفة لغتهم، علينا أن ننتبه لذلك، وسنركز في المرة المقبلة عندما تتم دعوتنا لثقافة خاصة، فعلينا أن نفكر في لغة تلك الثقافة هذه هي الخطة المقبلة». ويمكن للزائر عند تجوله عبر أرفف الجناح الأفريقي أن يلحظ من أغلفة الكتب وألوانها الصاخبة وعناوين مثل: «Man of the people» (رجل أُمة)، «head on fire Right to» (رئيس على النار)، «fighter» (الحق في القتال)، وأن يتبيّن لمعانها ورائحتها في تعبير عن الحرب والفصل العنصري والسعي الدائم للحرية، في شرحها لكل ذلك توضح قائلة: «نحن أمة فخورة بكل ذلك، وهذا يقودني للحديث عن التاريخ العميق لجنوب أفريقيا، ويحضرني الآن شخصية صُنفت كأيقونة ليس لجنوب أفريقيا فحسب، بل للعالم أجمع، لاحظتُ كل ذلك من الزوار العاديين، علامات التعجب والإعجاب الصادرة منهم عند رؤيتهم لمانديلا، نحن فخورون بذلك، ندرك شعور الناس في جميع أنحاء العالم بفقدان تلك الشخصية الإنسانية، لذلك نحن محبوبون». وعن رسالتها الأخيرة لمستضيفيها وللزوار تضيف: «شعرنا بالشرف، شعرنا بالأهمية، ونحن ندرك غلطتنا الآن في عدم جلب كتب أفريقية مُترجمة. تتحدث لهم بلغتهم، نريد ونأمل بأن تتعزز العلاقة أكثر، ونحصل على فرصة لرد وإرجاع الجميل والعرفان الذي حصلنا عليه في المملكة العربية السعودية». وأم تويا هي مؤلفة كتاب «قلب وروح جنوب أفريقيا»، الذي يشارك ضمن 100 عنوان لأهم الكتب والمؤلفين الجنوب أفريقيين في جناح جنوب أفريقيا ضيف الشرف في هذه الدورة، والكتاب الذي يعمل لتحقيق أهداف مركّزة، يمكن من خلالها كسر دائرة القبلية والعنصرية والتحيز وكراهية الأجانب، عبر زيادة التفاهم والاحترام واحتضان الثقافات والتراث، في بلد مثل جنوب أفريقيا يطمح أن يعيش ضمن حياة سلمية وأكثر وضوحاً في مجتمع منتج، ولدت الكاتبة ونشأت في ثاني أكبر مدن جنوب أفريقيا، البلاد التي أنتجت القادة العظام: الملك شاكا والملك ماتشادو وملكة المطر مودجادجي، وغيرهم الكثير. من جهة أخرى، تحدثت نائبة مدير العلاقات الدولية في جمهورية جنوب أفريقيا قسم الفنون والثقافة ثابي سيجتو: «هذه المرة الأولى نشارك فيها في المملكة، ونحن فخورون جداً بهذه الدعوة كضيف شرف وتعاون بين بلدين»، وبخصوص انطباعها عن المعرض والزوار تقول: «لقد شاركنا في معارض كبرى في أوروبا وأميركا، ولكن لم نتصور أبداً حجم وحضور معرض الرياض الدولي بهذا الشكل والمستوى العالمي، لاحظنا إمكانات عالية وتعاوناً كبيراً». وبخصوص دورهم الثقافي في المعرض لفتت إلى أنهم أحضروا بعض الكتب المتنوعة من تاريخ وسيرة ورواية، «ولكن للأسف كلها باللغة الإنكليزية، إنما نأمل بالمرة المقبلة، عندما نشارك سنكون قادرين على ترجمة غالبية أو بعض كتبنا، ولاحظتُ أن القارئ العربي والسعودي مهتم جداً بجنوب أفريقيا وتاريخها والطبيعة السياحية فيها»، وفي حديثها عن أكثر ما واجهته من الزوار والمثقفين، أشارت إلى أنها قابلت أناساً عديدين «يسألون عن حضارتنا، شيء مثير للإعجاب أن ترى وتسمع أشخاص يريدون أن يعرفوا تاريخنا، يسألون عن الأمن هناك، ويبدون رغبة جادة لزيارة بلدنا وشعبنا». وفي حديثها عن القارئ السعودي واعتذارها له بعدم وجود كتب مترجمة، توضح قائلة: «ستكون هناك خطة جادة للتعاون بين وزارتي الثقافة في البلدين، نحو نشر وتبادل وترجمة ثقافاتنا المتنوعة، لقد حضر معنا وترأس وفدنا وكيلة وزارة الثقافة في بلدنا، وهي تعمل جاهدة لتحقيق التعاون المشترك المقبل، خصوصاً ونحن لدينا 11 لغة رسمية، وعلينا أن نعمل بجد ونعزز علاقاتنا وفهمنا للآخر». وفي ردها على سؤال كيف يمكن أن ترى المشهد الثقافي الجديد في بلد مثل جنوب أفريقيا، حاز فيه كاتبان على جائزة نوبل للآداب، وهما نادين غورديمر 1991 وجون ماكسويل 2003؟ قالت: «علينا أن نعزز ثقافة القراءة وشراء الكتب للجيل الجديد، وحتى يعلموا أيضاً أن الكتابة والقراءة أصبحتا مهمة لإبداع الثقافات والشعوب ونشر الكتب، وعلينا أن نكون فاعلين ومستمرين في إكمال ما بدأناه سابقاً، ونأمل من كتّابنا الجدد بأن ينتبهوا لما تركه وخلفّه الذين قبلهم».