أكدت القاهرة أمس جاهزيتها لاستضافة المؤتمر الاقتصادي الذي ينطلق الجمعة المقبل في منتجع شرم الشيخ، وتعول عليه لاستعادة معدلات الاستثمارات التي تراجعت بفعل الاضطرابات السياسية خلال السنوات الأربع الماضية. وكانت السلطات أنهت استعداداتها لاستقبال ضيوف المؤتمر، وعلى رأسهم وفود خليجية رفيعة المستوى، أبرزها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر، والعاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة، وولي العهد السعودي الأمير مقرن بن عبدالعزيز، وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، إضافة إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورؤساء وزراء الجزائر عبدالملك سلال، وليبيا عبدالله الثني، وإثيوبيا هايلي ماريام ديسالين، ورئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري. كما يشارك وزيرا خارجية الولاياتالمتحدة جون كيري وروسيا سيرغي لافروف، ووزراء التجارة الصيني، والاقتصاد الإيطالي، والمال الفرنسي. ومن المقرر أن تبدأ الوفود الرسمية في الوصول بعد غد إلى مطار شرم الشيخ، حيث يستقبلها الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس الوزراء إبراهيم محلب وأركان حكومته. وكان السيسي استبق وصول الوفود بتأكيد «جاهزية مصر للمؤتمر». وتعهد خلال كلمة على هامش افتتاحه أمس مشاريع خدمية نفذها الجيش، «عدم السماح لأعداء الحياة والدين بتقويض تقدم مصر إلى الأمام». ولفت إلى «محاولات لعرقلة سير المؤتمر الاقتصادي» الذي وصفه بأنه «ذراع مصر في الفترة الراهنة». غير أنه تعهد «عدم السماح بإعاقة تقدمنا أبداً، أو التأثير في مسيرة مصر الاقتصادية نحو النمو، لأننا نريد بناء البلد لأولادنا وأحفادنا». وقال: «نحن مستعدون أن نقدم لبلدنا كل غالٍ ونفيس». وكشف عن حوار جانبي تطرق إليه مع مجموعة من أعضاء الكونغرس الأميركي زاروا مصر قبل أيام، مشيراً إلى أن «أعضاء الوفد حذروني من مصير الرئيس (السابق أنور) السادات الذي قتلته الجماعات المتطرفة، فأخبرتهم بأن الرئيس السادات، رحمه الله، أنقذ أرواح مئات الآلاف من المصريين، وإذا كانت حياتي ثمنها إنقاذ أرواح آلاف المصريين فهذا ثمن ليس كبيراً». وأضاف: «أنا أفكر في أمر واحد فقط هو مصر وشعبها، والله يعلم ما في نفسي. لا أحد يأخذ عمر أحد قبل أوانه أو بعده. كل شيء مقدر بإرادة الله». وكرر السيسي تأكيده أن بلاده «تواجه معركة وجود». وقال مخاطباً الشعب المصري: «أوعى حد يهز معنوياتكم يا مصريين، وكل اللي بتشوفوه دلوقت كنا عارفينه من زمان، لأن إحنا عارفينهم. هؤلاء أعداء الحياة والإنسانية وأعداء الدين، وخلوا بالكم. ونحن صناع الحياة والإنسانية والدين الحقيقي اللي بيحترم الناس ويحافظ عليهم، واللي بيحترم حرية الناس وإرادتهم واختياراتهم وليس القتل والتخريب والتدمير، وإن شاء الله منصورين، ومحدش هيقدر يرجعنا ورا أبداً». وشدد على أن أعمال «القتل والتخريب والتدمير ليست أبداً من شيم الأديان، ولا يمكن أن يقبل ربنا بشراً يتحدثون باسمه، ويقومون بهذا الحجم الكبير من التخريب والدمار». ودافع السيسي عن إسناد غالبية المشاريع التي تنفذها الدولة إلى الجيش، مشيراً إلى أن «القوات المسلحة تساهم في بناء مصر ونهضتها، ويتساءل بعضهم لماذا أخذ الجيش التكليف بتنفيذ مشاريع ضمن أعباء كثيرة يقوم بها حالياً، فأرد وأقول أن مفهوم الأمن القومي واسع وشامل، ولا يقتصر على الاستعداد العسكري للدفاع عن الدولة، وإنما قد يكون تحقيق التنمية جزءاً من الدفاع عن الدولة». وأردف أن «هذا يتطلب أن تكون معدلات التنمية ضخمة ومؤثرة، خصوصاً أن مصر تحلم بالتقدم منذ سنوات طويلة، وأنا اليوم أتحدث إلى كل مواطن مصري. نحن نعيش معركة كبيرة جداً من أجل البقاء». وحمل أجهزة الدولة ضعف معدلات الأداء، قائلاً أن «التوقيتات الخاصة بإنهاء كثير من المشاريع التنموية في الدولة غير جيدة، ولا تتناسب مع معدلات الآداء التي تنشدها الدولة المصرية، ولا يمكن أبداً تأجيل أو تأخير مشاريع تساهم في راحة المصريين وتسهيل حياتهم اليومية». ولفت إلى أن هناك «أكثر من ألف شركة مدنية يعمل فيها نحو مليون مواطن ساهموا في تنفيذ المشاريع التنموية التي تقيمها الدولة»، مشدداً على أن «عمليات التنمية والبناء في مصر لن تتوقف أبداً خلال السنوات المقبلة، الالتزامات والحقوق المالية الخاصة بالشركات محفوظة، والدولة ملتزمة بالوفاء بكامل تعهداتها المالية لكم». وأوضح أن «التنمية الشاملة لن تقوم على يد شخص واحد أو مؤسسة واحدة، لكنها تحتاج إلى تضافر كل الجهود وعمل كل أبناء الشعب المصري في صف واحد، وكل واحد يحب مصر ويحب الله ويحب دينه عليه أن يقف إلى جوار الدولة في بناء مستقبلها». وتابع: «كل التقدير لشهداء مصر الأبرار الذين ضحوا بحياتهم من أجل بلدهم، ونحن نريد أن نضغط أكثر على أنفسنا لأن ليس عندنا خيار آخر غير العمل وبناء بلدنا وبناء تاريخ حقيقي نحافظ خلاله على إنسانية المواطن المصري، ونعلم الناس الإنسانية». ووجه إلى دولة الإمارات شكراً على «ما بذلته من دعم للشعب المصري». وقال أن «دعمهم لم يقتصر على المساعدات، ولكن قدموا أشياء كثيرة جداً مع باقي الأشقاء العرب الذين وقفوا إلى جانب مصر في الظروف الصعبة التي تمر بها». لكنه شدد على «ضرورة الاعتماد على أنفسنا وإن لزم الأمر لا نأكل من أجل بلدنا». وزاد: «نحن 90 مليون مواطن مصري قادرون على فعل المستحيل، أتحدث عن معدلات الآداء ليس من أجل أن يقال أن المعدلات سريعة أو متوسطة، ولكن من أجل تقديم عائد حقيقي لأبناء الشعب المصري الذين تعبوا معنا كثيراً، والمنشآت التي تم تأسيسها خلال الفترة الماضية وفرت الكثير من الوقت والجهد والاقتصاد، ومصر تحتاج أعمالاً كثيرة جداً». ووفقاً لمسؤولين مصريين، فإن مشروع تنمية محور قناة السويس سيتصدر المشاريع التي ستطرحها الحكومة على المؤتمر الاقتصادي الذي يفتتحه السيسي الجمعة ويستمر ثلاثة أيام، وهو ما أكده أمس رئيس هيئة قناة السويس مهاب مميش الذي أوضح في تصريحات صحافية أنه سيتم خلال المؤتمر «شرح مفصل عن مشروع تنمية محور قناة السويس واسترتيجياته ومحتوياته، وهناك فرق عمل خاصة بالبنى التحتية والمناطق الصناعية والاتصالات واللوجيستيات للإجابة عن أسئلة واستفسارات المستثمرين وبث الطمأنينة لديهم». ودعا دول العالم إلى الاستثمار في منطقة قناة السويس، لافتاً إلى أن «المستثمر ليس له وطن بل يريد استثمار أمواله وتحقيق مكاسب، لذلك فعلينا أن نساعده لأن المنفعة متبادلة». وأضاف: «سيتم توضيح الصناعات التي تناسب الأماكن والمساحات المتوافرة»، موضحاً أن «السيسي أوصى بضرورة وجود عقود ابتدائية حتى لا تكون هناك مضيعة للوقت طبقاً للقانون وطبقاً لحق مصر في الاستثمار». واعتبر رئيس هيئة قناة السويس أن المؤتمر الاقتصادي «مؤتمر في حب مصر ودليل قوي على اهتمام العالم برمانة ميزان المنطقة، وحرص دول العالم على الحضور يؤكد مكانة مصر وقدرتها على التحدي». لكنه لفت إلى أن مؤتمر شرم الشيخ «ليس النهاية، وإنما هو البداية، لذلك لا بد من أن نوفر الخطوات المقبلة للمستثمر وكيف يبدأ وما هو القانون المتبع في المنطقة ومن هي الجهة المنوطة بالتنفيذ، وسيجد المستثمر مختصين في كل مجالات التصنيع لتسهيل التواصل». وأكد الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبداللطيف أن المؤتمر الاقتصادي «بمثابة تحدٍّ لرجال الشرطة وهم في استنفار كامل، وقادرون على تأمين الجمهورية وليس شرم الشيخ فقط خلال انعقاد المؤتمر». وأردف أن «رجال الشرطة يدركون طبيعة المرحلة الحالية»، مشيراً إلى أن «وزير الداخلية وفّر كل الإمكانات لرجال الشرطة لتأمين البلاد في كل مكان، وسنواصل مسيرة النجاحات الأمنية خلال المرحلة المقبلة، والانضباط في الأداء والحفاظ على كرامة المواطن واحترام القانون أهم عناوين المرحلة المقبلة لجهاز الشرطة».