منذ أن دخلت ابنتي مدرستها الجديدة التي تنتهج رياضيات سنغافورة، وعلوم كيمبردج، ودرسي العربي والتربية الإسلامية التابعين لمنهج وزارة التعليم الإماراتي، وهي تصيح بنا منذ لحظة دخولها من الباب، والدهشة في عيونها، يمه تدرين أن «أينشتاين طلع ألماني»؟! كتبت اليوم قصة عن روزا بارك! ومن هي روزا بارك؟ هي المرأة «السوداء» التي رفضت أن تترك مقعدها في الباص لأن السود ممنوعين من الجلوس مع البيض في زمنها! بالأمس دخلت علي وهي تحمل سلسلة كتب صغيرة، فقد أقامت المدرسة معرضاً للكتاب، وحضر بعض المؤلفين ووقعوا لهم كتبهم، ظلت تحمل كتاباً صغيراً معها حتى حين خرجنا للبقالة. في السيارة أخذت تخبرني عن «أديسون» مخترع الكهرباء، وقالت هل تعرفين يا ماما أنه عمل بائع صحف عندما كان صغيراً؟ ابنتي تركض لحل واجبات الرياضيات من دون أن يحثها أحد، وتفتح الموقع الذي في دفترها لتتدرب على تمارين الرياضيات في الانترنيت، وتشارك مدرستها في نشاط التوعية عن سرطان الثدي للأمهات وصنع المنشورات الخاصة بهذا اليوم، لكن المشكلة أن ابنتي ما إن يحين موعد واجب درسها العربي حتى تبدأ بيننا حرب أهلية، ابنتي لا تفهم ما أقوله عن حب لغتنا العربية وواجب إجادتها. فتشتكي أن درسوها مملة، وأنها قد أخبرت معلمة العربي، بأنها ملت من درس وسيم يصعد إلى الفضاء، فردت عليها مدرستها، بأنها هي أيضاً مثلها تمل من هذا الدرس الطويل، فعليهم أن ينهوا خمس صفحات إملاء وقواعد وكتابة وحفظاً، قالت: سنظل ندرس وسيم يصعد إلى الفضاء حتى تصعد أرواحنا وحماستنا معه. ومنذ ثلاثة أسابيع أخرى ونحن نحفظ، «هيا نلعب في البستان». أمن أجل هذا يخاف العرب؟! يخافون مواجهة تطوير التعليم، يعرفون أن أدواتهم فقيرة، لا تشتمل إلا على الحفظ والاستظهار، لهذا يغطون عجزهم بمواضيع كبرى يحشرون بها عقول الصغار، مثل صعودهم للفضاء وحروب التحرير بينما أرضهم الحقيقية فارغة وجامدة ولا تتطور؟! ألهذا يرفض كثير منا الخوض في مشكلة تطوير التعليم، يرفضون نظريات سنغافورة وبريطانيا واليابان وكل الدول المتقدمة في التعليم، والتي تؤكد على أن ما يفعله تعليمنا، من حشو يصب كل يوم في عقول الطلبة، ينساه منذ خروجه من الصف، وأن ما يبقى هو المنهج وأدوات التفكير والمهارات. في الظهيرة أسمع الأمهات العربيات والأجنبيات يشتكين من ضعف مناهج هذه المدرسة ويتهمنها باللصوصية، فأسأل بعضهن مقارنة بماذا تحكمن؟ فتقول إحداهن، عندما كنا نعيش في كندا، والأخرى تقول مقارنة بدراسة أبنائي في بريطانيا، بينما أفتش عن نموذج يصلح عندي للمقارنة فلا أجد سوى المدارس العربية، فأصمت وأحمد الله على النعمة. [email protected]