قد ينقسم الإسرائيليون في ما بينهم بين مؤيد ومعارض لتفكيك مستوطنات في قلب الضفة الغربية في إطار التسوية الدائمة، وقد يختلفون في شأن مصير المستوطنات المقامة على أراضي منطقة نابلس شمال الضفة، إلا أنهم يتفقون من أقصى اليسار الصهيوني إلى أقصى اليمين المتشدد، على أمرين: الأول أن القدس «الموحدة»، ربما باستثناء بعض الأحياء المكتظة بالفلسطينيين التي يوافق المحسوبون على تيار الوسط واليسار على تسليمها لإدارة الدولة الفلسطينية، خارج أي مفاوضات في شأن الانسحاب من الأراضي التي احتلتها عام 1967 أو تجميد أو تعليق البناء في المستوطنات التي تطوق المدينة والأحياء الاستيطانية في قلب القدسالشرقية. والثاني، حقيقة أن الجدار الفاصل الذي أقيم في السنوات الأخيرة تحت ذرائع أمنية سيشكل عملياً الحدود المستقبلية بين الدولة العبرية والفلسطينية. ويدور الحديث عن خمس مستوطنات حول القدس أقامتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة في السنوات 1970 و1982 أطلق عليها «مستوطنات الطوق» وهي «غيلو»، و «تلبيوت مزراح»، و «رمات ألون»، و «بسغات زئيف»، و «نفيه يعقوب»، بالإضافة إلى «التلة الفرنسية» التي أقيمت عام 1971 بهدف خلق تواصل استيطاني بين القدسالغربية وجبل سكوبس. وفي العقدين الأخيرين من القرن الماضي، أقيمت أحياء استيطانية أخرى أبرزها «هار حوما» التي أقامها نتانياهو في ولايته الأولى على جبل أبو غنيم جنوب شرق القدس. وعلى ضوء هذا الإجماع، ووجود كم هائل من مخططات جديدة لبناء آلاف الشقق الجديدة في أنحاء القدسالمحتلة في درج وزارة الإسكان والبلدية الإسرائيلية للقدس، يرى مراقبون إسرائيليون أن الخلاف مع واشنطن على «غيلو» لم يكن سوى طلقة البداية أو الشرارة الأولى بانتظار «حريق أكبر» سيندلع مع الكشف عن خطط بناء أحياء استيطانية جديدة وآلاف الوحدات السكنية الجديدة أبرزها في «غفعات ياعيل»، على أرض قرية الولجة الفلسطينية جنوب غرب المدينة الذي يشمل بناء 14 ألف وحدة سكنية جديدة. ويكتب رونن مدزيني في صحيفة «يديعوت أحرونوت» لدى استعراضه المشاريع المزمع الإعلان عنها، أن قضية البناء في القدس تتعدى كونها مجرد تخطيط بلدي «إنما الهدف من هذا البناء هو فرض وقائع على الأرض وإملاء أجندة سياسية». ووصف البناء وراء حدود عام 1967 ب «سياسة مدروسة لمنع اتفاق سلام في المستقبل يتضمن إعادة تقسيم القدس ويهدف إلى خلق تواصل استيطاني يشكل إسفيناً بين شمال الضفة وجنوبها». وكشف الصحافي أن هناك كماً كبيراً من المبادرات الجاهزة للبناء في أنحاء القدس، وأن المبادرين يتحينون فرصة الشروع في البناء «وإذا أمكن بعيداً من أضواء الإعلام». وأضاف أن المشاريع تشمل بناء في «جزر» يهودية في قلب أحياء عربية «في موازاة تصعيد هدم المنازل الفلسطينية بحجة البناء غير المرخص». مخططات جاهزة للبناء ويستعرض الكاتب مخططات البناء الجاهزة، ويقول إن «نقطة الاشتعال» المقبلة قد تكون في شأن بناء الجزأين (ب) و (ج) من «هار حوماه» تشمل آلاف الشقق الجديدة، أو في «بسغات زئيف» شمال القدس حيث تم تجميد بناء 250 وحدة سكنية بضغط أميركي، أو بإقرار مخطط بناء 600 وحدة جديدة أخرى وسط «غيلو» وشرقها، أو 400 وحدة في «قصر المندوب السامي»، أو 700 وحدة في «راموت» وأكثر من 1000 في «رمات شلومو»، هذا بالإضافة إلى البناء المتواصل في مستوطنة «معاليه أدوميم» الزاحف نحو القدسالشرقية. ويتوقف الكاتب عند مخطط بناء حي «غفعات ياعيل» على أرض قرية الولجة الفلسطينية جنوب غرب المدينة الذي يشمل بناء 14 ألف وحدة سكنية جديدة، وهو مخطط وصفه عضو بلدية القدس عن «ميرتس» بأنه «سيبتلع قرية الولجة تماماً بل سيهدمها». وثمة مشروع آخر للبناء بمحاذاة مخيم قلنديا في الطريق إلى رام الله يشمل إقامة 10 آلاف وحدة سكنية جديدة ستخصص للمتدينين المتزمتين (الحرديم)، لكن البلدية الإسرائيلية للقدس تعارض المشروع للإبقاء على المنطقة الصناعية هناك. في المقابل، تدعم البلدية إقامة 2500 وحدة سكنية جديدة في المنطقة الواقعة بين «غيلو» و «هار حوماه»، إلى جانب 500 وحدة تخصص للمقدسيين الفلسطينيين. أما «القنبلة الكبرى»، بحسب توصيف الصحافي الإسرائيلي، فهو «المشروع الذي يخيف الفلسطينيين حقاً» في المنطقة المعروفة ب «أ» التي تربط بين الحدود الشرقية للقدس ومستوطنة «معاليه أدوميم»، إذ يخطط لإقامة مستوطنة «مفسيرت أدوميم» تشمل 3 آلاف وحدة سكنية. وعلى رغم معارضة الولاياتالمتحدة المشروع إلا أن مخاوف الفلسطينيين تتعزز بسبب إقامة جدار فاصل هناك لبتر طرفي الضفة، إذ يحيط الجدار ب «معاليه أدوميم» ويشكل «ممراً» بينها وبين القدس إلى الشمال من أبو ديس. ويضيف الصحافي إلى هذه المشاريع نشاطات استيطانية «صغيرة» (مئات الوحدات في كل منها) تنفذ «على خلفية أيديولوجية» كالبناء في قلب الأحياء الفلسطينية في المدينة مثل البناء في باب العامود او في حي «نوف تسيون» في جبل المكبر، أو «كيدمات تسيون» في أبو ديس، أو «شاعر تسيون» في قرية عناتا شمال شرق المدينة حيث يعتزم رئيس بلدية القدس بناء ألفي وحدة سكنية تخصص للطلاب الجامعيين.