بدأ في الرباط أمس أحدث جلسات الحوار الليبي، التي تركز على تشكيل حكومة وحدة وطنية إضافة إلى الترتيبات الأمنية لتمهيد الطريق أمام وقف شامل للنار والانسحاب التدريجي للمجموعات المسلحة من البلدات والمدن، والآليات اللازمة لجمع السلاح، إضافة إلى استكمال عملية صياغة الدستور ضمن جداول زمنية واضحة. وانتقل إلى العاصمة المغربية أمس ممثلون عن طرفي الصراع الرئيسيين، وهما مجلس النواب المنعقد في طبرق والمؤتمر الوطني (المنتهية ولايته) الذي يتخذ من العاصمة الليبية مقراً له، إضافة إلى شخصيات مستقلة وممثلين عن المجتمع المدني. ودعا القنصل العام لليبيا في الدار البيضاء عبد المجيد غيث سيف النصر إلى توسّط ملك المغرب محمد السادس للتوفيق بين الأطراف المتصارعة في بلاده. وقال تزامناً مع بدء الحوار في منتجع الصخيراتجنوب العاصمة الرباط أمس: «نعلق كل الآمال على المبادرة التي ترعاها الأممالمتحدة»، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق. وشدد المسؤول الليبي على أن هناك حكومة معترفاً بها دولياً، يقابلها أعضاء المؤتمر الوطني الذي انتهت ولايته، «وسيتم الاتفاق على إقرار سياق قانوني وفاقي وسياسي» من أجل دعم الحوار الوطني واستعادة وحدة ليبيا. ودعا الأطراف كافة إلى تقديم تنازلات من أجل الخروج من نفق الأزمة. وقال مصدر قريب من جولة المباحثات إن اجتماع الرباط هدفه الرئيسي «إرساء الثقة» بين الفرقاء الليبيين في ظل الفجوة المتباعدة في مواقفهم. وأشار إلى أن هدف جولة الحوار في الرباط هو مضاعفة الجهود لتشكيل حكومة وحدة وطنية تشمل كل الفرقاء، تنبذ العنف والإرهاب. ورأى أن أي تدهور للأوضاع في ليبيا سينسحب على منطقة شمال أفريقيا، مطالباً بلدان المنطقة بدعم جهود إنقاذ ليبيا من براثن حرب أهلية. ولفت المصدر الليبي إلى «أهمية» انعقاد هذه الجولة في العاصمة المغربية على اعتبار المملكة بلداً «محايداً»، إذ «يسعف موقعها في دعم جهود الأممالمتحدة لتعبيد الطريق أمام حل سياسي شامل. وتأتي هذه الجولة التي ترعاها الأممالمتحدة تحت إشراف الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة برناردينو ليون بعد إلغاء اجتماع يضم الأطراف كان مقرراً الأسبوع الماضي في المغرب. ورجحت مصادر في الرباط أن يكون اختيار المغرب على اعتبارها دولةً مغاربية، في إشارة إلى احتمال اضطلاع الاتحاد المغاربي بدور مستقبلي في حل الأزمة الليبية، بعد تعذر مبادرات سابقة في هذا الصدد. وتلتزم الرباط موقفاً وسطياً، يركز على الدعوة إلى المصالحة، لكنها بدت أكثر تشدداً بمواجهة تداعيات الأزمة الليبية، وتحديداً خلال تعليق الرحلات الجوية، واتخاذ إجراءات احترازية ذات طابع أمني وعسكري. ونُشرت القوات المغربية على نطاق واسع في المدن، ضمن خطة «حذر» الأمنية. ونبهت إلى مخاطر إعادة إنتاج تنظيم «داعش» في ليبيا. وأفادت مصادر رسمية بأن الرباط تدعم أي توجه ليبي يهدف إلى المصالحة، مع استبعاد التنظيمات المسلحة المتطرفة.