بدأت قصة المطالبة بقيادة المرأة في السعودية ب 47 سيدة قدن حملة في تشرين ثاني (نوفمبر) 1990 للمطالبة بالسماح بقيادة المرأة السيارة. استقللن 17 سيارة. إلا أنه سرعان ما انتهت «المظاهرة النسائية»، بعد تصدي وزارة الداخلية لها، ومنعها وإصدار بيان ب«معاقبة من يقوم بالدعوة لمثل هذه الأمور». وخفتت جذوة الحماسة للمطالبة بما أسمته ناشطات حقوقيات «حق المرأة في قيادة سيارتها بنفسها». وبدأ الأمر بالفتور شيئاً فشيئاً، حتى بات هذا المطلب في «طي النسيان». إلا أن أصواتاً نسائية علت مرة أخرى في 2011، وتحديداً في ال17 من حزيران (يونيو)، الذي أصبح التاريخ الأبرز، بعد إعلان قياديات في هذه الحملة، أنه سيأتي يوم تقود فيه المرأة السعودية سيارتها بنفسها، وأطلقوا عليها «سأقود سيارتي بنفسي». وأطلقت وزارة الداخلية بياناً في ال26 من أيار (مايو)، تحذر النساء فيه من قيادة السيارات. وأشارت إلى أن «المنع مايزال سارياً». لتهدأ الأمور عاماً كاملاً. عام 2013 كان عام تجديد خروج هذه المطالبة. وحدد ال26 من تشرين الأول (أكتوبر) موعداً لانطلاق حملة المطالبة. وتكرر فشل الحملات مرة بعد أخرى، لتطلق ناشطات خططاً بديلة، أهمها «القيادة من دون تحديد مواعيد مسبقة، وفي شكل عشوائي». ونالت قيادة المرأة السيارة نصيب الأسد في المنع والتحريم من المؤسسة الدينية، إذ صدرت فتاوى محرمة للقيادة، كما أصدرت هيئة كبار العلماء فتاوى عدة، تجرم وتحرم هذا الأمر. ومنها ما أصدره الشيخ محمد بن عثيمين، مؤكداً أنه «لا شك في أن قيادة المرأة السيارة فيها من المفاسد الكبيرة ما يربو على مصلحتها بكثير، هذا فضلاً على أنها ربما تكون سلّماً وباباً لأمور أخرى ذات شرور فتاكة وسموم قاتلة». وأوضحت إحدى أعضاء الحملة الدكتورة هالة الدوسري، أن «المطالبة المستمرة بحق قيادة المرأة السيارة وتحقيق استقلاليتها تؤدي إلى أحد أمرين، إما رفع الحظر وإما أن يقدم المسؤول عن منع النساء من القيادة مبرراً يمكن الاقتناع به»، مؤكدة أن «كل ما تريده الناشطات لمصلحة المرأة السعودية هو التنقل بلا صعوبات أو كلفة مادية أو اجتماعية». وتُعد المملكة البلد الوحيد في العالم الذي يمنع النساء من قيادة السيارات، إلا أن هذا لا يمنع نساء من قيادة السيارة داخل الهجر والقرى وطرق الصحراء، على رغم عدم حصولهن على رخص قيادة، ويتم ذلك في شكل غير نظامي وعشوائي، وهو ممنوع داخل المدن، ولا تتنقل النساء إلا برفقة ذويهن، أو في سيارات الأجرة. ولا تزال هذه القضية في ظهور واختفاء، ولاقت صدى كبيراً لدى المجتمع، الذي انقسم حولها بين «مؤيد» و«رافض بشدة»، و«صامت» لا مع هؤلاء ولا أولئك، وبين مترقب بحذر. وعلى رغم فورتها المفاجئة وهدوئها المتكرر، فإنها تنبئ بأنها لن تتوقف وستستمر، بحسب القراءة التاريخية لها.