نقض نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان في 8 الشهر الجاري، لكن رئيس الحكومة نوري المالكي ندد بهذا النقض معتبراً انه يشكل «تهديدا خطيرا» للعملية السياسية، ودعا مفوضية الانتخابات الى مواصلة استعداداتها «من دون تاخير». إلّا ان المفوضية أعلنت وقف جميع الإجراءات والاستعدادات للانتخابات المقبلة. وتفتح هذه التطورات الباب على كل الاحتمالات مجدداً، ومنها تأجيل الانتخابات المقررة في 18 كانون الثاني (يناير) المقبل، ودخول البلاد في فراغ دستوري. وفي مؤتمر صحافي عقده أمس في بغداد أمس أعلن الهاشمي رسمياً نقض تعديل القانون مبيناً ان «اعتراضي ليس على مجمل البنود إنما على المادة الأولى الخاصة بالمقاعد التعويضية». وأوضح «سلمت رسالتي بالنقض الى ديوان الرئاسة»، مرجحاً ان «لا يستغرق التعديل وقتاً طويلاً، وان التعديل المقترح ينصف جميع المهاجرين في الخارج ويشمل كل العراقيين». ودعا الهاشمي البرلمان الى «التصويت على التعديلات بشكل سريع من اجل ان تُجرى الانتخابات في موعدها» . ويطالب الهاشمي، الذي يتيح له الدستور حق نقض القانون، بزيادة عدد المقاعد التعويضية المخصصة للأقليات والمقيمين في الخارج، وغالبيتهم من السنة كما يُشاع، والقوائم الانتخابية الصغيرة من خمسة الى خمسة عشرة في المئة في البرلمان المقبل الذي سيضم 323 نائباً. وتابع «كان عدد المقاعد (التعويضية) 45 في الانتخابات السابقة (عام 2005) وتم اختزالها الى سبعة (...) انا أمارس حقي الدستوري في النقض، والتعديل ينصف كل عراقيي الخارج ولا يقتصر على المهجرين في دول الجوار، والعراقيين في كل المذاهب والأديان، وعددهم اربعة ملايين». لكن رئيس الوزراء نوري المالكي اعتبر ان «نقض قانون الانتخابات يشكل تهديداً خطيراً للعملية السياسية والديموقراطية، ولم يقم على أساس دستوري متين ولم يراع المصلحة الوطنية العليا». ودعا المالكي مفوضية الانتخابات الى «مواصلة إجراءاتها الفنية واستكمال استعداداتها لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد من دون تأخير أو تأثر بهذا النقض». وكان البرلمان أقر بعد 4 أشهر من المداولات قانون الانتخابات وأعلن الرئيس جلال طالباني ونائبه عادل عبد المهدي المصادقة على القانون. إلا ان الدستور ينص على ضرورة موافقة مجلس الرئاسة بالإجماع (طالباني والهاشمي وعبد المهدي) على أي قانون كي يصبح نافذاً، ويمنح أي عضو في مجلس الرئاسة حق نقض أي قانون. الى ذلك، اعتبر رئيس اللجنة القانونية في البرلمان بهاء الأعرجي النقض «سياسياً وليس دستورياً». وقال ان «نقض نائب رئيس الجمهورية قانون الانتخابات غير قانوني وفيه مخالفات دستورية»، لافتاً الى ان «الأمر ابتعد كثيراً عن الموقف القانوني وأخذ البعد السياسي لأنه تجاهل تصويت البرلمان على القانون والفقرة المتعلقة بكوتا المهجرين» مشيراً الى ان «المشكلة هي ان الهاشمي لا يعرف قانونية المقاعد التعويضية». وأضاف ان «هذا النقض يخدم عزة الدوري ومحمد يونس الأحمد والجهات التي تريد تعطيل العملية السياسية والعملية الانتخابية، على رغم معرفتي بصدق نوايا الهاشمي»، مشيراً الى ان «اللجنة القانونية ستجتمع غداً (اليوم) لبحث الأمر ومن ثم عرضه على البرلمان على رغم اننا واثقون من انه لا يتعدى كونه دعاية انتخابية». وذكر الأعرجي ان «البرلمان لن يقرأه (للقانون) بل ستكون هناك مناقشة فقط للنقاط التي تم نقضها وإمكان استدراكها»، مؤكداً ان «الانتخابات ستجرى في موعدها المحدد ولن تتأثر بهذا النقض». في غضون ذلك أعلن رئيس مفوضية الانتخابات فرج الحيدري ل «الحياة» ان «المفوضية أوقفت نشاطاتها الخاصة بالانتخابات لأن نقض نائب رئيس الجمهورية سيغير عدد مقاعد المهاجرين والأقليات وأيضاً مقاعد المحافظات». وقال «قررنا إيقاف نشاطات المفوضية بالنسبة للمرشحين وطباعة القوائم وغيرها بعد نقض القانون». وأضاف ان «الوضع بات خطيراً جداً. ولدينا قلق جدي من عدم القدرة على إجراء الانتخابات في المهلة الدستورية التي تنتهي في 31 كانون الثاني (يناير) المقبل، لا سيما ان الأيام العشرة الأخيرة من الشهر ستكون فيها مناسبات دينية عدة». ونفى الحيدري ان يكون مجلس الرئاسة حدد سابقاً 18 كانون الثاني موعداً للانتخابات، مؤكداً «اننا لم نتسلم من مجلس الرئاسة اي موعد. والنقض اليوم يجبرنا على تأخير هذا الموعد. لكن السؤال هل يقبل مجلس الرئاسة والبرلمان إجراء انتخابات بعد العشرين من الشهر نفسه وبالتزامن مع مناسبات دينية؟». وأوضح ان «المفوضية لا يمكنها ان تحدد هل تستطيع إجراء الانتخابات في موعدها من عدمه لأنها لا تملك موعداً محدداً للانتخابات ولا قانوناً كي تتمكن من معرفة قدرتها. وليس بإمكاننا إلا انتظار صدور قانون للانتخابات وتحديد موعدها وبعدها نحدد موقفنا وقدرتنا من إجراء الانتخابات في موعدها ام لا». يذكر انه فور إعلان الهاشمي نقض القانون أعلن قاسم العبودي عضو مجلس المفوضين في مؤتمر صحافي «وقف الأنشطة المفوضية الخاصة باستلام قوائم المرشحين وتصميم ورقة الاقتراع، الى حين صدور القانون». وأضاف ان «الموقف صعب جداً، وبالتأكيد سيؤدي الى دفع موعد الانتخابات». وتابع «لا يوجد موعد محدد للانتخابات (...) يجب ان يُحدد قبل ستين يوماً من موعدها وفق مرسوم تصدره هيئة الرئاسة وحتى هذه اللحظة لم يصدر هذا المرسوم، والتعديلات الخاصة بالقانون لم تمر، والنقض ينصب على امور جوهرية». وأشار العبودي الى ان «هذه التفاصيل من شأنها ان تؤثر في استعدادات المفوضية وعملها (...) لذا، نعلن وقف نشاطات المفوضية».