تسببت الأزمة المالية والاقتصادية في ألمانيا بازدياد العجز المالي للدولة وإيصاله إلى مستوى قياسي بعد ارتفاع الدين العام خلال السنتين الماضيتين من 1,5 إلى 1,602 ترليون يورو وبزيادة 5,7 في المئة عن نهاية العام الماضي. وذكرت النشرة الاقتصادية العربية الألمانية (الغرفة) الشهرية في طبعتها الأخيرة أن الزيادة الكبيرة حصلت بفعل برامج الدعم المالي للقطاع المصرفي، وتمويل مشاريع النمو في البلاد، ودعم دوام العمل الجزئي للعمال، ونظام علاوة شراء سيارات جديدة، بما يوازي 551 بليون يورو تقريباً، منها نحو 100 بليون سلفة لإنقاذ مصرف «هيبو رييل استيت» من الإفلاس. واستناداً إلى الإحصاءات الرسمية ارتفع إنفاق الدولة 8,1 في المئة عن دخلها. ويرى مراقبون هنا أن «تراكم العجز المالي» يُثقل بقوة على المواطنين دافعي الضرائب ويشكِّل إرثاً مكبلاً للأجيال المقبلة. وذكر المكتب الاتحادي للإحصاء في فيسبادن نهاية الشهر الماضي أن عجز الدولة الاتحادية وحكومات الولايات ال 16، ومعه عجز البلديات والصناديق الاجتماعية والصحية والتقاعدية، ارتفع خلال النصف الأول من السنة، بما فيه الموازنات الاستثنائية إلى 57,2 بليون يورو بزيادة 50,2 بليون عن الفترة ذاتها من العام الماضي. وقال الخبير في معهد البحوث الاقتصادية «راين - فيستفالن»، راينر كامبك، إن الأزمة الاقتصادية تقود الدين العام للبلاد إلى مستوى قياسي جديد. وهو يتوقع عجزاً إضافياً من 150 بليون يورو عام 2010، ما «يضيِّق إلى حد كبير مجال عمل الحكومة الجديدة». ونصح كامبك الدولة بأن تسعى بعد عودة الانتعاش الاقتصادي، إلى العمل على خفض مستويات الإنفاق عن مستويات الدخل في موازنتها العامة المقبلة بنحو 2 في المئة من أجل تسديد الديون وفوائدها المتراكمة تباعاً. وفي المقابل، ذكر مصدر لمجلة «دير شبيغل» الألمانية، أن دراسة داخلية وضعتها المستشارية الألمانية عن الوضع المالي للخزينة، أظهرت أنه سيكون على الحكومة تأمين 40 بليون يورو حتى انتهاء عهدها بعد أربع سنوات، إما بالتقشف أو بزيادة الضرائب، ما يرفضه المسيحيون والليبراليون. وحضّ رئيس معهد البحوث الاقتصادية في «دي إي في» الخبير كلاوس تسيمّرمان، التحالف الحكومي على إلغاء الضمانة الحكومية على معاشات التقاعد، معتبراً أن الدولة لن تكون قادرة على الالتزام بها لأنها «غالية جداً» و «غير ضرورية». وتابع: «ستطحن رقاب دافعي الضرائب وتمنع سد العجز في صناديق التقاعد». وأضاف أنه يتوقع شخصياً، وعلى رغم موقف الحكومة الرافض حالياً، إقرار زيادة كبيرة في الضرائب العامة خلال سنتين «لأن لا بديل من هذه الخطوة».