لم يكتفين بتحمل تبعات النزوح والصمود أمام الظروف القاسية التي مررن بها مع أسرهن، بل ذهبن إلى أبعد من ذلك، بتعبيرهن عن رغبتهن في تقديم المساعدة في حال أتيحت لهن فرصة العمل التطوعي. ومع أنهن نازحات كغيرهن، فتجدهن متحفزات لمعاونة بقية النازحين على تقبل الوضع الراهن، وتجاوز أزمة الحرب ومضاعفات النزوح المفاجئ. أبدت نازحات تحدثن ل «الحياة» عن دهشتهن من توافر الخدمات كافة في مخيمات الإيواء، التي وفرتها الدولة، لكن أكثر ما لفتهن في الأمر كان سرعة الإنجاز، كما تقول النازحة أم عبدالله، «فليس من السهل نصب مخيم بهذا الحجم وبطريقة الوحدات السكنية مع مخطط طرق رئيسية وفرعية بين المخيمات لتسهيل حركة تنقل النازحين وسيارات الخدمات، إضافة إلى تمديد شبكة مياه بدل الصهاريج التي كانت تمد المخيم في الأسبوع الأول، وتركيب صنابير لكل خيمة، فضلاً عن المكيفات والإنارة والفرش والنظافة وتوفير العناية الصحية وثلاث وجبات يومية لكل فرد في المخيم». وتعتبر أم عبدالله ما حصل شيئاً فريداً وغير متوقع، أن تتوافر الخدمات في أكثر من شهر، فسرعة إيصال الخدمات أسهمت في تخفيف القلق والخوف الذي كان ينتاب النازحين، وما يقوم به الفريق من رعاية واهتمام بسلامة النازحين شاهدة على شعب قوي ومتماسك. وذكرت تغريد الحسن أن عدداً كبيراً من الفتيات والسيدات داخل المخيم يتمنين أن يتاح لهن شرف المشاركة لخدمة الوطن والملك، من خلال القيام بأعمال تطوعية، ودعت إلى الاستفادة من طاقاتهن، لمساندة الجهات التي تشرف على إدارة المخيم وتحمل جزء من المسؤولية ونداء الواجب. وأضافت: «معظم النازحات كن عاملات متحملات أعباء العيش سواء في الحقول أم في تربية الماشية وغيرها من المهن التي لا تزال المرأة هنا تزاولها حتى الآن وتمثل لها استقلالية مادية. من جانبها، أوضحت ليلى شراحيلي أن المخيم يضم عدداً كبيراً من القادرات على العمل ومن الممكن تسخيرهن في رفع المستوى الثقافي لدى النازحات، فبعضهن لم يستوعبن حتى الآن معنى «نازحات»، ويحتجن لدعم ممن تستطيع دعمها ثقافياً واجتماعياً، مثل الإشراف على تنظيم الأسر وحصر الحاجات الإنسانية ورعاية المعوقين والحوامل والمشاركة في دعم أمن المخيم والتأكد من هويات زائرات المخيم لتجنب اندساس عناصر تخريبية داخل المخيم. وأضافت: «نحن على أتم استعداد للقيام بما يسهم في عكس صورة المرأة السعودية وما ينسج عنها ويعود بالنفع والفائدة للمخيم، ويدعم قضية تطهير حدودنا من شراذم المتسللين». وتابعت: «المرأة الجازانية تمثل نموذج المقاتلة الشرسة، إذا تعلق الأمر بكرامة الوطن، وربما تكون النموذج المناسب في ما يخص إدارة الأزمات، إذا منحت الفرصة، ونحن الآن في أزمة ومعركة لتأمين أرضنا التي نزحنا منها قصراً، ومصرون على العودة إلى حقولنا ومراعينا بشرط تكون هامتنا مرفوعة تتوجها رايات النصر، لأننا أصحاب أرض وحق، ولهذا يجب أن نتكاتف مع حكومتنا من أجل الخروج بتجربة فريدة يسجلها التاريخ لمصلحتنا كشعب وقيادة يرفض العدوان والظلم».