كم هي كثيرة أقوال الخبراء ونصائح الأطباء الذين تستضيفهم البرامج التلفزيونية عن أهمية الرياضة البدنية (أو ما كان يسمى سابقاً بالحركات السويدية) لصحة الإنسان الجسدية والعقلية، ولكن أين هي الرياضة نفسها على الشاشة؟ عند التنقل بين المحطات، وفي مختلف الأوقات، فإن احتمال الوقوع على برامج الطهو على كافة المحطات العربية والأجنبية ينافس في نسبته احتمال الوقوع على الدعايات، فيما تنخفض نسبة احتمال العثور على برنامج للرياضة إلى الصفر تقريباً. ليس المقصود هنا بالطبع برامج الأخبار الرياضية ولا مباريات كرة القدم التي تكرس لها الساعات، ولكن تلك التي تعلم كيفية أداء التمارين الرياضية التي تحفظ للجسم نشاطه ولياقته. هذا البرنامج النادر لا بد أنه يوجد في مكان ما على محطة ما، لكن المشاهد لا يقع عليه بالسهولة نفسها التي يقع بها على برنامج لتحضير الوجبات. ومقابل كل هذه الأطايب التي تعبر الشاشة وتحرض على كثرة الطعام لا يظهر برنامج واحد يخفف من تأثيرها «المدمر» على رشاقة الجسم ومرونته والذي يبدو(أي التأثير) أكثر ما يبدو على الذين يقدمون برامج الطهو أنفسهم فهم خير مثال على ما اقترفته أياديهم. لا تخلو برامج محطة تلفزيونية من تعليم الطهو، حتى الإخبارية منها، فهذا النوع من البرامج يلقى إقبالاً شديداً، وهناك الآن محطة تلفزيونية خاصة للطهو في فرنسا بعدما تبين من إحصاء أن ثمانية ملايين فرنسي يتابعون أساليب تحضير الطعام. لكن بعض المحطات الفرنسية مثل «ديركت «8، يوازن بين ما يقدمه من فنون الطبخ وبين فنون المحافظة على اللياقة البدنية، ويخصص ساعة يومياً للتمارين الرياضية، ليس الهدف منها إظهار فتيات جميلات وهن يقمن بحركات تمت للإغراء أكثر من انتمائها للرياضة، كما كان يحدث في القديم على محطة لبنانية، بل تعلم أصول التمارين مع معلمة ونساء عاديات معظمهن من المشاهدات اللواتي طلبن المساهمة في البرنامج. ألا تعتبر المحطات كافة أن عليها تخصيص برنامج يومي للرياضة البدنية يتبع مباشرة برنامج الطهو، لأنه إن سبقه فلن يغامر أحد بتحضير كل هذه المغريات وهو قد خرج لتوه من مشقة التمارين الرياضية وإرهاقها والتي تجعله يلعن لحظات الضعف البشري أمام ما لذ وطاب ويقسم أنها المرة الأخيرة. وإن كانت المحطة تخشى إظهار مفاتن النساء بالملابس الرياضية فما عليها إلا مجاراة ما تفعله التلفزيونات المتحفظة كالتلفزيون الإيراني أو العراقي حين تختار رجالا لأداء الحركات تحسباً.