كرة القدم العربية "منشغلة بأمور كثيرة" والمطلوب واحد. لربما هو تعبير مجازي يشرح واقع الحال الصعب لا بل السيء، بعدما انحصرت الآمال العربية ببطاقة مونديالية واحدة "يتيمة"، يتصارع عليه منتخبا مصر والجزائر في "موقعة الخرطوم" الحاسمة غداً. في حين يعيش اتحاد العراق والكويت للعبة أزمة "توقيف دولي". ويبدو أن القحط العربي هذه المرة في بلوغ المونديال جعل وصول مصر أو الجزائر سدرة المنتهى، فبلغ الاستنفار الشعبي والإعلامي درجة الغليان وانعكست تبعاته سلباً على قطاعات عدة منها العلاقات التجارية. وللمرة الأولى ربما تمسي السياسة أفضل أخلاق رياضية، مهدأة للخواطر ومثالاً ينصح المسؤولون الجمهور باعتماده، وكأن الأخلاق الرياضية يجب أن تتعلم من الأخلاق السياسية، علماً أن التوتر السياسي "الخفي" ظهر من خلال التشنج الديبلوماسي بين البلدين، ويخشى أن يتطور سلباً إلى حد الأزمة ويتجدد الترحم على "الأخوة العربية". لن نعيد استعراضات مجريات الشحن التي تأججت في الشهرين الأخيرين إلى "حد لا يوصف". لكن نقول أعان الله السودان غداً وسط هذه الهستيريا، الا يكفيه ما يعانيه؟... وإن اعتبر كثر أن حمى المونديال فوق أي اعتبار. على صعيد آخر، من كان يعتقد أن منتخب العراق الذي سرّ الملايين عام 2007 بإحرازه كأس آسيا يتعرّض اتحاده لخطر التوقيف الدولي، وبعدما كانت كرة القدم بلّسم العراقيين ونور وحدتهم المنشودة؟ ومن كان يظن أن الكرة الكويتية صاحبة الرقم القياسي في انتصاراتها الخليجية يقف اتحادها على شفير الهاوية؟ والجواب الشافي في الحالتين: فتش عن السياسة ومصالحها الضيقة لا بل السيئة. فقد هدد الاتحاد الدولي (فيفا) السلطات العراقية بايقاف العراق في حال لم تتراجع عن قرار حل الاتحاد الذي أصدرته اللجنة الأولمبية أمس، وذلك في غضون 72 ساعة (اعتباراً من 16 الجاري). واعتبر الاتحاد الدولي قرار اللجنة الأولمبية العراقية "غير مفهوم ويتعارض مع أنظمة الاتحادين الدولي والعراقي". وهو وافق في أيلول (سبتمبر) الماضي على تمديد ولاية الاتحاد العراقي للمرة الثانية (حتى 30 نيسان/أبريل 2010), بعد أن كانت فترة التمديد الأول تنتهي في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي اثر تعذر إجراء الانتخابات. في المقابل، أكدت اللجنة الأولمبية أنها العراق لن تتراجع عن قرارها. وأعلن سمير الموسوي عضو مكتبها التنفيذي أن "اللجنة الأولمبية ماضية في تنفيذه مهما كانت التبعات التي تلحق بهذه القرار". واتهم رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم محمد بن همام, بالدفاع عن أعضاء كرة القدم العراقي والوقوف الى جانبهم وتحريض ال"فيفا" على اتخاذ قرارات مقبلة". وأضاف: "رسالة الاتحاد الدولي التي حصلنا على نسخة منها يبدو أنها كتبت بأيدي عراقية وبدعم من بن همام، فعلاقته برئيس الاتحاد حسين سعيد معروفة وتشوبها المصالح المشتركة ومنها ما يتعلق بموقف الاتحاد بتأييد بن همام لعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم". اللجنة الأولمبية العراقية، التي سبق أن تعرّضت لايقاف من قبل اللجنة الدولية قبيل دورة بكين الأولمبية العام الماضي، حلت اتحاد كرة القدم نتيجة مخالفات إدارية ومالية واتهمته بابلاغ ال"فيفا" معلومات مضللة لكسب مزيد من التمديد. من جهته, اعتبر رئيس الاتحاد العراقي حسين سعيد أن "المكتب التنفيذي شرعي بفضل الثقة المطلقة التي يتمتع بها من قبل الهيئة العامة". ولم يتم التوصل إلى اتفاق بين الطرفين إذ ترى اللجنة الأولمبية أنه يفترض أن تستند الانتخابات على القانون الذي يسمح بمشاركة 28 نادياً, بينما يرفض الاتحاد ذلك مشيراً إلى أن جمعيته العمومية تضم 63 عضواً. وفي الكويت، أجمعت الهيئة العامة للشباب والرياضة, واللجنة الانتقالية المكلفة بإدارة شؤون الاتحاد, على اعتبار الكتب التنفيذي الجديد برئاسة الشيخ طلال الفهد غير قانوني "لأن الدعوة إليه جاءت من مجالس إدارات لا تمتلك الصفة القانونية أو الشرعية وبالتالي فان كل نتائجه باطلة, وليس لها أي أثر على أرض الواقع". وكانت الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد الكويتي التي انعقدت الأحد الماضي في نادي القادسية زكت الفهد رئيساً بحضور ممثلي 10 أندية (تسمى) التكتل وغياب 4 أندية (تسمى المعايير). وأشرف على الانتخابات ممثلو الاتحادين الآسيوي والدولي. وتجاهلت الجمعية العمومية بالتالي قرار الهيئة العامة للشباب والرياضة بحل إدارات الأندية العشرة, وتعيين لجان بديلة للأشراف عليها لمدة عام، وبعدما رفضت الموافقة على تعديل المادة 32 من النظام الأساسي للاتحاد, ورفع عدد أعضاء مجلس الإدارة من 5 إلى 14 عضواً في اجتماع الجمعية العمومية غير العادية الذي عقد الخميس الماضي. علماً أن الاتحاد الكويتي تديره حالياً لجنة انتقالية برئاسة الشيخ أحمد اليوسف. وأوضح عضو اللجنة الانتقالية عماد الغربللي "أن أياً من أعضائها لم يحضر اجتماع الجمعية العمومية غير العادية للأندية ال10 لعدم شرعيته, خصوصاً أن الرؤساء العشرة الجدد المعينين وقعوا على عدم طلب عقد هذا الاجتماع, وسلموا كتاباً لمندوب الاتحاد الدولي يبين أن رئيس نادي القادسية الحالي محمود الرزوقي لم يدع إلى عقد جمعية عمومية". وزاد: "لا تزال اللجنة الانتقالية تمارس عملها لأنه لا يوجد كتاب أو قرار من الاتحاد الدولي يفيد بانتهاء مهمتها. وقد راقب مندوبو الاتحاد الدولي الاجتماع ولم يوقعوا على أي محضر ولم يصدقوا على نتائج الانتخابات, وبالتالي فان ما يقال عن أن الشيخ طلال الفهد هو رئيس الاتحاد الحالي غير صحيح ولا يقبله الفيفا ونحن في انتظار تعليمات الأخير في هذا الشأن, وحتى لو وافق الاتحاد الدولي عليه فإننا لن نسلم الاتحاد إلا إلى الهيئة, لأننا نسعى لتطبيق قانون الدولة ودستورها ولا يمكننا مخالفته". وذهب الغربللي بعيداً في توضيحه حين أشار إلى أنه "لا سلطة للاتحاد الدولي على الأندية المحلية, لأنها أندية هواة ولا يوجد بند في النظام الأساسي يعطي الفيفا الحق في التدخل في قرار حل الأندية, والوضع باق كما هو عليه حتى وصول تعليمات الاتحاد الدولي بإستمرار عمل اللجنة أو رحيلها".