لا حديث يعلو في مجالس السعوديين هذه الأيام، سوى عن عمليات تسلل المسلحين إلى داخل أراضي السعودية من جنوبها، وعن الانتصارات التي يحققها أبناء الوطن على الحدود المشتركة مع اليمن، من خلال الأساليب العسكرية المتطورة والتدابير الأمنية الصارمة التي صدت عدوان المسلحين المتسللين، وأشعرت المنتمين إلى ثرى السعودية بالفخر والاعتزاز برجالهم المرابطين على الحدود لتأمين أراضي بلادهم، وحماية مواطنيهم. إنه الفخر والاعتزاز الذي يشعر به الشاب محمد بن عمير (27 عاماً)، الذي ودّع أقارباً له ذهبوا للمشاركة مع أقرانهم على شريط الحدود السعودية اليمنية، لكنه يؤكد أنهم ذاهبون إلى أسمى وأرقى معاني الوفاء والإخلاص للوطن، «وهو الدفاع عن أرض هذه البلاد والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه الاعتداء على شبر من أرضنا، التي لم أشعر فيها طوال حياتي إلا بكل أمن وآمان، على رغم ما يحدث حولنا من حروب وكوارث». مسيرات تحرك الجيش والفرق العسكرية التي انطلقت من بعض مناطق السعودية، إلى الحدود اليمنية، كان يشهدها الكثيرون من الشبان الذين تمنوا مرافقة إخوانهم إلى هناك، كما كانت ألسن الجميع تلهج بالدعاء لأبنائهم في تحقيق النصر على تلك الفئة المشبوهة. منذ أن أعلنت السلطات عن استشهاد وإصابة 12 من عناصرها الأمنية إثر الاعتداءات التي تعرضت لها قوات حرس الحدود السعودية، وبدء دحر المتسللين على الحدود، ورايات الفرح في الشارع السعودي ترتفع مرتين، مرة على الانتصارات المتوالية، ومرة على استشهاد أحد الجنود في ميدان العز والكرامة، وإن تأثروا بفقدان ذويهم، بل إن إحدى عائلات الشهداء عبرت عن فرحتها في أن يدفن ابنها تحت ثرى الوطن شهيداً بعد أن دافع بشرف عن وطنه وفوق ثراه. يروي أحد المرابطين في الحدود أنه يتابع بفخر وتقدير قتال الجنود السعوديين بهمم سامقة كالجبال التي يعتلونها لدحر العدو، وعبارات التضحية بحياتهم فداءً للوطن والدفاع عنه تتردد دائماً على ألسنتهم، فيما أسرهم التي ودعتهم تتمنى العودة، إما بالنصر على العدو أو تحقيق الشهادة، فيعود بعضهم بهما معاً، كما حدث مع العديد من الجنود، إذ كان الشهيد المقدم المظلي سعيد بن محمد العمري، واحداً منهم، في حين أخبر والده وابنه عن فخرهما، وهما يسمعان نبأ استشهاده فداءً للدين والوطن.