ساد هدوء نسبي مناطق شرق أوكرانيا الانفصالية أمس، لكن اشتباكات متفرقة خرقت وقف النار الهشّ، وزادت المخاوف من تجدّد تصعيد الوضع. وأكد الجيش الأوكراني «تراجع إطلاق النار» بعد مقتل 3 جنود أوكرانيين في جوار أنقاض مطار دونيتسك، خلال هجوم شنّه المتمردون بدبابات ومدافع هاون، ووصفه الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو في اتصال هاتفي أجراه ليل الجمعة مع المستشارة الألمانية أنغيلا مركل، بأنه «انتهاك خطر لوقف النار» الساري منذ 15 شباط (فبراير) الماضي. كما أشار الجيش الى اندلاع مواجهات ليل الجمعة، قرب مدينة ديبالتسيفي التي سيطر عليها المتمردون الأسبوع الماضي، بعد بدء تطبيق وقف النار، وقصف بلدة أفديفكا التي تسيطر عليها الحكومة شمال منطقة دونيتسك. وخلال زيارته أكاديمية عسكرية في لفيف (غرب)، سعى وزير الدفاع الأوكراني ستيبان بولتوراك الى تبديد المخاوف من احتمال مهاجمة الانفصاليين مدينة ماريوبول، الأخيرة التي ما زالت تحت سيطرة كييف في الشرق الانفصالي، وقال: «المدينة تحت الحماية، وننشر قوات ووسائل كافية للدفاع عنها». لكن هذا الموقف المتفائل، يتناقض مع تعليق متشائم أدلى به الخبير العسكري الأوكراني المستقل فالنتين بادراك، الذي قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «يستعد لهجوم واسع في أوكرانيا». وزاد: «الطوق يشتد مع اغتيال المعارض الروسي بوريس نيمتسوف في موسكو، وحشد 60 ألف عسكري روسي على الحدود مع أوكرانيا، وعشرات آلاف العسكريين الروس في شرق أوكرانيا، وذلك على خلفية تردد واشنطن وعدم تحرك باريس وبرلين»، علماً أن ديبلوماسيين غربيين استبعدوا تشديد الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية على روسيا إذا تماسك وقف مبدئي للنار في شرق أوكرانيا، «ما يعني أنهما سيتجاهلان الهزيمة التي منيت بها القوات الأوكرانية في ديبالتسيفي». واعتبرت رئيسة «مجموعة الاتصال» لمنظمة الأمن والتعاون الأوروبية حول أوكرانيا هيدي تاغليافيني، أمام مجلس الأمن، أن النزاع الأوكراني وصل الى «مفترق طرق مع خطر تصعيد جديد». انتخابات أستونيا على صعيد آخر، يحتمل أن يتصدر حزب الوسط المتعاطف مع روسيا، الانتخابات الاشتراعية المقررة في أستونيا اليوم، من دون أن يستطيع تشكيل حكومة في هذا البلد الصغير في البلطيق القلق من موسكو. ومنحت استطلاعات الرأي نحو 27 في المئة من نيات التصويت للوسط أمام حزب الإصلاح (22 في المئة) والحزب الاشتراكي الديموقراطي (18 في المئة)، علماً أن هذين الحزبين يشاركان حالياً في الحكم. وفي الانتخابات الاشتراعية الأخيرة عام 2011، حصل الوسط على 23,3 في المئة من الأصوات، وراء حزب الإصلاح الذي تصدر الاقتراع بنسبة 28,6 في المئة من الأصوات. ويفسر النجاح المتوقع للوسط، بالدعم الذي يحظى به الحزب من الأقلية الناطقة بالروسية التي تمثل ربع عدد السكان المقدّر بنحو 1,3 مليون، في بلد مزدهر نسبياً وعضو في الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي (ناتو). لكن المحللين يرون أن الوسط يفتقد حلفاء لتشكيل غالبية في البرلمان (101 مقعد)، وبالتالي يتوقع أن يبقى الائتلاف الحالي في الحكم مدعوماً بالمحافظين في «حزب الاتحاد من أجل الوطن والجمهورية» (إي أر إل). وقد عززت التدريبات العسكرية الروسية على حدود أستونيا قبل أيام من الاقتراع، المخاوف لدى من يعتبرون أن الكرملين ينوي زعزعة استقرار الجمهوريات السوفياتية السابقة. وحذر رئيس الوزراء من حزب الإصلاح تافي رويفاس، من «أن الوضع الأمني الحالي سيستمر طويلاً»، معتبراً «أن هذا الوقت ليس سيئاً بالتحديد، بل تغيير في الأجواء». في لندن، صرّح الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات البريطاني (أم آي 6) جون سورز، بأن «بريطانيا يجب أن تنفق مزيداً من موازنتها الدفاعية لحماية نفسها وحلفائها من تهديد روسيا المتزايد». وتابع سورز الذي ترك منصب رئيس الجهاز في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي: «يجب أن نملك القدرة على التعامل مع أمور مثل الحرب الهجينة التي نشرتها روسيا في القرم أولاً، ثم منطقة دونباس الأوكرانية. يجب أن نملك القدرة على التعامل مع الحرب الإلكترونية، ما يحتم إنفاقنا المزيد على دفاعنا وأمننا لأن التهديدات أكبر». والأسبوع الماضي، أرسلت بريطانيا مقاتلات «تايفون» لإبعاد قاذفات روسية بعيدة المدى من طراز «بير» عن الساحل الجنوبي لبريطانيا، في حادث اعتُبر الثاني من نوعه خلال شهرين. وقال وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، إن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمثل خطراً حقيقياً لأستونيا ولاتفيا وليتوانيا، والحلف الأطلسي يستعدّ لصدّ أي عدوان محتمل».