بصورة بديهيّة، يفترض معظم الجمهور أنه آمن أثناء تجوّله على مواقع الانترنت وشبكاتها الاجتماعيّة. في الفترة الأخيرة، أدت سلسلة من الحوادث إلى تحدي الشعور بالأمان على الانترنت، وأثارت فكرة أن الانترنت ليست آمنة بالمرة. تندرج في تلك الحوادث التي أقلقت الإحساس العام بالأمن، سرقة بيانات شركة «سوني» (أدّت إلى شبه حرب بين أميركا وكوريا الشمالية)، ونشر صور مسروقة لفنانات شهيرات في هوليوود، وسرقة «هاكرز» صينيين معلومات خبراء أميركيين عن «داعش»، والاختراقات المتبادلة بين «الجيش السوري الإلكتروني» و«داعش» وغيرها. لعل الأكثر بروزاً هو القلق الذي أشاعته الفضيحة التي فجّرها خبير المعلوماتية الأميركي إدوارد سنودن بكشفه أن «وكالة الأمن القومي» الأميركيّة تتجسّس على الشبكات الإلكترونيّة للاتصالات على امتداد العالم. وفي ذلك الصدد، كان من فضائل «الربيع العربي» أنه كشف بوضوح أن الدول العربيّة تتحكّم بالانترنت التي تدخل أراضيها، لأنها تفرض ألا تدخل كابلات الإنترنت إلا عبر أجهزة تسمّى «بروكسي سيرفر» Proxy Server، وهو جهاز مركزي حكومي تمر فيه كل عمليات التصفح التي يجريها مواطنو البلد عبر الكابلات التي يتحكّم فيها. إذا لم تكن الانترنت آمنة كفاية، فما هو الحل؟ ولأن الدخول إلى شبكة الانترنت يجري أساساً عبر متصفحات الانترنت، ك «غوغل كروم» و«فاير فوكس» و«إكسبلورر- مايكروسوفت» وغيرها، هل هناك محرك ما آمن؟ بالأحرى، ما هو متصفح الإنترنت الأكثر آماناً؟ هل من المقلق القول إنه لا يوجد متصفح آمن، وأن تلك هي الإجابة على السؤال الذي يطرحه المقال؟ هناك متصفّحات أكثر أماناً من غيرها، لكن ما يجعل المتصفح آمناً هو الطريقة التي يتعامل فيها مستخدمه مع معطيات الأمان الرقمي فيه. بقول آخر، لا أمان على الإنترنت إلا لمن يعمل على الحصول على الأمان، مع التنبّه إلى أن الأمان، حتى في ظل أفضل الظروف، لا يكون إلا نسبياً، ما يفرض على الجميع ضرورة المتابعة والتنبّه اليقظ لمسألة الأمن على الانترنت. لا يوجد حل «سحري» من نوع أن نضع المتصفح الفلاني أو البرنامج كذا، على الكومبيوتر ثم ننام بأمان! 186 ثغرة في العام الماضي، أعلنت المتصفحات الخمسة الأكثر أماناً على الانترنت عن اكتشاف ثغرات أمنيّة فيها. وللتوضيح، عندما يعلن متصفّح عن اكتشاف ثغرة أمنيّة، يسجّل ذلك الأمر لمصلحته وليس ضدّه. واستطراداً، كانت أرقام الثغرات الأمنيّة المكتشفة: «غوغل كروم» (245 ثغرة) Google Chrome و«انترنت إكسبلورر- مايكروسوفت» (126) Internet Explorer MS و«موزيلا فايرفوكس» (270) Mozilla Firefox و«سافاري- آبل» (75) Safari Apple و«أوبرا» (11) Opera. وبلغ معدل الثغرات المكتشفة 186 ثغرة للمتصفّح. وتميّز متصفّح «غوغل كروم» بأنه الأسرع في إصدار «لصقات» رقميّة تسدّ الثغرة المكتشفة. ولم يحتجْ سوى ل 15 يوماً لصنع «اللصقة». وبدا متصفح «سافاري» الأبطأ (54 يوماً)، ويفوقه سرعةً «أوبرا» (48 يوماً)، ثم «إكسبلورر» (30 يوماً) و«فاير فوكس» (28 يوماً). إجراءات الأمان تستطيع جعل متصفّحك أكثر أماناً بواسطة عمليتين رئيسيتين: تجديد (بالأحرى، ترقية «آبدايت» Update) المتصفّح بانتظام، واستعمال برامج المضادة للفيروسات Anti- Virus والمضادة للتجسّس Anti- Spyware. وكذلك تستطيع تدعيم العمليتين عبر «أدوات الإضافة» adds- on، وهي موجودة على الانترنت في الموقع المخصّص لكل متصفّح، على النحو التالي: - وضع «أداة الإضافة» NoScript Security Suite في متصفّح «فاير فوكس». - وضع «أداة الإضافة» Webutation في متصفّحي «فاير فوكس» و «كروم». - وضع «أداة الإضافة» Do Not Track Me لمتصفحات «فايرفوكس» و«كروم» و«إكسبلورر» و«سافاري». - وضع «أداة الإضافة» Disconnect لمتصفّحات «فايرفوكس» و«كروم» و«إكسبلورر» و«سافاري». الثلاثة الأكثر أماناً: ليست شائعة! نصل إلى النقطة المحوريّة في المقال: ما هي متصّفحات الانترنت الأكثر أماناً؟ هناك 3 متصفّحات تعتبر الأكثر مأمونيّة لأنها مصمّمة كي تكون آمنة. في المقابل، ليس من الشائع استخدام تلك المتصفّحات، لأسباب كثيرة بعضها تجاريّ. هناك أسباب غير تجاريّة منها أن تلك المتصفّحات تتطلّب تفاعلاً تقنيّاً مستمراً معها. بعبارة أوضح، هي تلائم من لديهم بعض الإلمام بالمتصفّحات، وهو أمر شائع بين الأجيال الشابة والمراهقين، وليس أولئك الذين لا تزيد معرفتهم بالمتصفّحات على النقر بال «ماوس» ودخول الانترنت! ومن المستطاع ترتيب الثلاثة الآمنة وفق تفوّق تصميمها أمنيّاً على النحو التالي: 1- متصفّح «وايت هات آفيتور» White Hat Aviator، يعتبر الأشد أماناً، لكنه يجد صعوبة في التعامل مع محرك البحث «غوغل»، ما يبدو خياراً صعباً للكثيرين. وتصدّه كثير من المواقع لأنه يمنع ظهور الإعلانات التي تجلب لها المال. 2- متصفّح «كومودو دراغون» Comodo Dragon. يحتوي على عقبة تتمثّل في أنه لا يصدّ دخول الإعلانات، ما يعني تسرّب كثير من البرامج المشبوهة إليه، لأنها تتّخذ شكل إعلانات. وكذلك لا يصد برامج تتبع المستخدم، ولا يوقف الإعلانات المسجّلة كأشرطة فيديو، ولا يمنع ال «كوكيز» من الالتصاق بالكومبيوتر. وللتذكير، فإن ال «كوكيز» هي برامج صغيرة تلصقها المواقع على الكومبيوتر الذي يدخلها كي تتعرّف إليه عندما يعود إليها. وفي المقابل، تسهّل ال «كوكيز» الحصول على بيانات شخصية من الكومبيوتر، وهي نقطة ضعف في الأمن الإلكتروني. 3- متصفّح «إس آر وير أيرون» SRware Iron. يشبه «كومودو دراغون» لكنه يصدّ الإعلانات (ك «وايت هات أفيتور»). وتتمثّل نقطة ضعفه في عدم صدّ برامج «التصيّد» Phishing الإلكتروني، وهو ما لا يفتقده المتصفّحان السابقان. * معظم الأرقام مستقاة من موقع «بيو» الأميركي للبحوث