تعرضت أجهزة الاستخبارات البريطانية أمس لانتقادات بسبب فشلها في منع «ذباح داعش» محمد إموازي المعروف ب «جون الجهادي» من السفر من بريطانيا إلى سورية على رغم انه كان ممنوعاً من السفر وموضوعاً تحت رقابة أجهزة الأمن بسبب علاقته بنشاطات إرهابية. وجاء ذلك في ظل تركيز وسائل الإعلام البريطانية على محاولة كشف سبب تحول هذا الشاب، الذي وُلد في الكويت (من عائلة بدون) عام 1988 وجاء إلى بريطانيا عندما كان في السادسة من عمره وتعلم في مدارسها وجامعاتها، إلى الشخصية المتعطشة للدماء كما يظهر من أشرطة الفيديو التي يقوم فيها بقطع رؤوس ضحاياه من الرهائن الغربيين وجنود النظام السوري. ولمّحت منظمة «كايج» التي تعنى بالدفاع عن الإسلاميين المتهمين بنشاطات إرهابية، إلى أن جهاز الأمن البريطاني «أم آي 5» ربما ساهم في تحوّل إموازي الى متشدد بعدما حاول تجنيده وضايقه ومنعه من السفر إلى الكويت حيث كان يخطط لعقد قرانه من كويتية. ودانت رئاسة الحكومة البريطانية تلميحات «كايج» ووصف عمدة لندن بوريس جونسون موقفها بأنه «يبرر الإرهاب». ويقول معارف محمد إموازي انه كان شاباً هادئاً انتقل تدريجاً الى شخص متعطش للحرب. وقال هؤلاء لصحف بريطانية انهم عاجزون عن التوفيق بين الصورة التي لديهم لإموازي المحب لكرة القدم وبين القاتل «السادي والوحشي بدم بارد»، كما يذكره أحد الرهائن السابقين. ولد إموازي في الكويت إلا أن اسرته انتقلت للإقامة في لندن عندما كان في السادسة ونشأ في نورث كنسنغتون بغرب لندن وكان على اتصال بشبكة من الاسلاميين المتطرفين انكشفت في السنوات الاخيرة. وبحسب سجل المدرسة للعام 1996 الذي نشرته صحيفة «ذي صن» فإن إموازي كان في طفولته من مشجعي نادي مانشستر يونايتد لكرة القدم وفرقة «اس كلوب 7» الموسيقية. وقد كتب في السجل «أريد أن أصبح لاعب كرة قدم عندما أكبر». وانتقل بعدها لدراسة المعلوماتية في جامعة ويستمنستر التي أكدت ان شخصاً يحمل هذا الاسم غادرها قبل ست سنوات وأعربت عن «صدمتها» لمثل هذه الادعاءات. ونقل بعض تقارير الإعلام عن طلاب سابقين انهم يتذكرون متطرفين في الجامعة وان طالباً مرتبطاً بحزب التحرير الاسلامي المتشدد أصبح رئيساً لاتحاد طلاب الجامعة في وقت لاحق. وقالت جمعية كايج للحقوق المدنية والتي نشرت مراسلات استمرت سنوات مع إموازي ان انتقاله الى التطرف أتى بعد رحلة الى تنزانيا في 2009. وقال إموازي للجمعية ان الهدف من الرحلة كان قضاء اجازة الا انه اتهم من قبل السلطات البريطانية بالتخطيط للإنضمام الى حركة الشباب الاسلامية الصومالية. وبعد توقيفه تحت تهديد السلاح لمدة يومين في دار السلام، قال إموازي انه أُعيد مع اصدقائه الى بريطانيا مروراً بأمستردام وانهم استجوبوا في المطارين، بحسب الرسائل التي نشرتها الجمعية الخميس. واضاف ان الاستخبارات البريطانية كانت وراء توقيفه وانها طلبت منه التجسس لحسابها مهددة إياه «بمشكلات كثيرة» بعد ان رفض الطلب. وتابعت الجمعية ان إموازي عمل بنصيحة أمه ووالده سائق التاكسي وانتقل للعيش لدى أسرة خطيبته في الكويت كما بدأ عملاً في مجال المعلوماتية. وقام برحلتين في العام 2010 لزيارة والديه اللذين انتقلا للعيش في منزل متواضع على مشارف مشروع إسكان في غرب لندن. وروت جارة والديه اليزا موريز لصحيفة «ديلي تلغراف» ان إموازي «كان غريب الاطوار وغير ودود». وقال إموازي في مراسلته مع كايج ان السلطات منعته عندما حاول العودة الى الكويت في تموز (يوليو) 2010 من المغادرة وادرجت اسمه على قوائم الارهاب. وأظهرت مستندات قضائية نشرتها وسائل إعلام بريطانية ارتباطه بشبكات متطرفين معروفة باسم «لندن بويز» قامت حركة الشباب الصومالية بتدريبها في البدء. وهؤلاء المتطرفون كانوا «جزءاً من شبكة تضم المملكة المتحدة وشرق افريقيا وتؤمن التمويل والمعدات للصومال». وكتبت صحيفة «ذي غارديان» ان بعض هؤلاء المتطرفين كانوا يلعبون كرة القدم معاً. وربطت الصحف بين إموازي وبلال البرجاوي الذي اصبح بعدها زعيماً في حركة الشباب قبل ان يقتل بغارة طائرة اميركية من دون طيار في كانون الثاني (يناير) 2012. وبحسب المراسلات التي نشرتها «كايج» فإن إموازي غيّر اسمه الى محمد العيان وحاول مرة أخيرة من دون جدوى ان يدخل الكويت في اوائل 2013 قبل ان يفقد اثره. وتابعت «كايج» ان الشرطة ابلغت اسرته بأنها تعتقد انه توجه الى سورية بعد ذلك. ولا يزال من غير الواضح كيف انتقل بعدها ليصبح من ضمن أشهر المطلوبين في العالم، الا ان أحد الرهائن الذي كان تحت سيطرته في الرقة (العاصمة المعلنة لتنظيم الدولة الاسلامية) أشار الى أنه «قاتل سادي بدم بارد وبلا رحمة». وأشار متدربان بريطانيان في الاسعافات الأولية التقيا إموازي عندما زار أصدقاء في أحد مستشفيات سورية انه «هادئ لكنه يبحث عن الاثارة». وقال أحد هذين المتدربين لقناة «آي تي في نيوز» انه رأى «هذا الرجل يدخل وهو يرتدي ثيابا قتالية ويحمل مسدساً ومشط رصاص وكيس بيد واحدة بينما يتحدث على الهاتف». واضاف: «كان يحضر حلويات ومشروبات ومثلجات». وذكر المتدربان انهما سمعا بحادثة رفع فيها إموازي سلاحه على مجموعة مسلحين هددوا بسرقة اسلحته. وقال احدهما: «لقد بدا وكأنه شخص ليس لديه ما يخسره».