وسط إجراءات أمنية مشددة أُغلقت بسببها مناطق واسعة من العاصمة الإيطالية، وفي ظل تظاهر المزارعين واحتجاجات منظمات غير حكومية إزاء تجاهل الدول الغنية آفات الجوع والفقر ونتائجه، في أرجاء واسعة من العالم، انطلقت في روما أعمال القمة العالمية حول الأمن الغذائي أمس، التي دعت إليها منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) للبحث في استراتيجية تنفيذية للقضاء على الجوع في العالم. وعُقدت القمة، في ظل غياب ملحوظ لمجموعة الدول الصناعية الغنية المنشغلة بعض زعاماتها في قمة «آبيك» في سنغافورة، وفي الاستعداد لقمة البيئة في كوبنهاغن. وحال التزامن بين القمتين دون مواجهة بين الدول الفقيرة والغنية المُطالبة بإجابات واضحة، عن التزاماتها في قمة الثمانية الكبار في مدينة لاكويلا الإيطالية في تموز (يوليو) الماضي. وأعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في افتتاح القمة، أن «التغذية حق أساس». ولفت إلى أن عدد الجياع في العالم «يزيد الآن على بليون نسمة». وأكد أن أزمة الغذاء التي «نواجهها اليوم يجب أن تدق ناقوس الخطر بالنسبة إلى الغد»، مشيراً إلى أن «عدد سكان الأرض سيكون 9.1 بليون نسمة بحلول عام 2050». وشدد على ضرورة «إجراء تغييرات جذرية لنؤمن غذاءنا، خصوصاً حماية الطبقات الأكثر فقراً». وأشار إلى أن «لا بد من زيادة الإنتاج الغذائي بنسبة 70 في المئة، لتأمين الغذاء لأكثر من تسعة بلايين نسمة». وأكد، قبل ثلاثة أسابيع على عقد القمة العالمية حول المناخ في كوبنهاغن، أن «لا أمن غذائياً في غياب أمن مناخي». وافتتح المدير العام ل «فاو» جاك ضيوف القمة بخطاب مقتضب، رأى فيه أن هذا اللقاء «محوري»، بسبب «حضور عدد من رؤساء الدول أو الحكومات». ويحضر القمة، إلى قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر، قادة من أفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية خصوصاً، تلبية لدعوة منظمة «فاو» ومقرها روما. ويشارك في القمة أيضاً الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي والرئيس البرازيلي لويس ايناسيو لولا دا سيلفا، ورئيس زيمباوي روبرت موغابي. وحضر رئيس الوزراء الإيطالي سيلفيو برلوسكوني وحده من بين قادة مجموعة الثماني. وطالب البابا بنديكتوس السادس عشر، ب «إعادة النظر في الآليات المتحكّمة بالأمن الغذائي»، واعتبرها «ضعيفة جداً حالياً». وشدد على أن «المجتمع الدولي يواجه في هذه المرحلة إحدى أعمق الأزمات الاقتصادية والمالية، وتؤكد الإحصاءات حصول زيادة مخيفة في أعداد الجياع في العالم، ويتسبب في ذلك ارتفاع أسعار المواد الغذائية وانخفاض القدرة الشرائية لدى كثر نتيجة الأزمة، ما يحول دون حصول شرائح واسعة من الفقراء على المواد الغذائية». ودعا إلى «الحؤول دون تنفيذ مشاريع تخلو من الآفاق الواسعة التي تتميّز بالأنانية والمضاربة، حتى على القوت الرئيس للفقراء، أي القمح والتعامل معه كأي سلعة أخرى». ويشكّك محللون في قدرة القمة على التوصّل إلى نتائج مهمة في ظل غياب القادة الثمانية الكبار، وفي أن تحقق القمة مبلغ ال 44 بليون دولار التي طالب بها المدير العام ل «فاو». ورأت صحيفة «لا ريبابليكا» الإيطالية أن نتائج القمة لن تذهب أبعد من التأكيد على «التزام سياسي» يحمل عنوان «وثيقة روما» التي تتكوّن من 41 فقرة يتقدّمها التزام المجتمع الدولي المعروف ب «ميلّينيوم غول»، الرامي الى تقليص عدد الفقراء الى النصف بحلول عام 2015.