بوفاة الصحافي والديبلوماسي الفرنسي ايريك رولو عن 89 سنة، افتقد العالم العربي، أحد أهم وأشهر الصحافيين، الذين نقلوا صوته إلى فرنسا ومنها إلى الغرب. توفي رولو في اوزيس جنوبفرنسا حيث تقاعد مع زوجته الثانية ميشيل بيريبي التي لعبت دوراً كبيراً في حياته. وهو مصري المولد والنشأة، اسمه الحقيقي ايلي رافول، يهودي مصري، هاجر في ال17 من عمره إلى فرنسا حيث عمل في «وكالة الصحافة الفرنسية» ثم في «صحيفة لوموند». وكان رولو صحافياً فرنكوفونياً، أحب فرنسا، وغطى الأحداث في منطقة الشرق الأوسط من مصر إلى الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي واليمن والأردن والحرب اللبنانية والعراق وثورة الخميني في إيران. كان من الصحافيين القليلين الذين لعبوا دوراً سياسياً، فعلاقته بالرئيس المصري جمال عبدالناصر مكنته من الكشف للإعلام الغربي أن إسرائيل عبر رئيسة وزرائها غولدا مايير هي التي كانت رافضة للتفاوض مع العرب. ويقول رولو في مذكراته إن عبدالناصر كان مستعداً للقاء غولدا مايير بعد حرب 1967 هي التي رفضت، حتى أنها لم تقبل أن يذهب مكانها نعوم غولدمان رئيس المؤتمر العالمي اليهودي للتباحث مع الرئيس المصري الذي كان يعتمد على مهارة رولو الصحافية لتصحيح المزاعم الإسرائيلية بأن العرب كانوا يرفضون التفاوض. جال رولو في جبال كردستان مع مسعود برزاني وذهب في الصحراء الليبية لمقابلة معمر القذافي ورافق ياسر عرفات و»أبو اياد» (صلاح خلف) في دهاليز لبنان وعمان، واستخدمه الرئيس الاشتراكي الراحل فرنسوا ميتران لديبلوماسية سرية مع ليبيا وإيران الخميني، ثم كافأه بتعيينه سفيراً في تونس عندما انتقلت القيادة الفلسطينية إليها. وبعدما انقلبت إدارة «لوموند» على رولو وترك الصحيفة، عيّنه ميتران سفيراً في تركيا، ما أثار غضب الخارجية الفرنسية آنذاك. وكان رولو رغم يهوديته، محقاً تجاه القضية الفلسطينية في كتاباته، ما أغضب السفارة الإسرائيلية في باريس التي كان تبعث برسائل شكاوى إلى «لوموند» بسبب مقالاته. وكان ينتمي إلى جيل صحافي واسع الاطلاع والفهم للقومية العربية والقضية الأساسية للعرب. رغم ذلك، قابل رولو كل القيادات الإسرائيلية باستثناء مناحيم بيغين الذي كان يصف الصحافي الفرنسي بأنه عميل مصري. وأجرى رولو مقابلات شهيرة نشرت في «لوموند» مع الخميني وعرفات والقذافي. وقالت ل «الحياة» سفيرة فلسطين لدى الاتحاد الأوروبي ليلى شهيد إن رولو «كان شخصية تاريخية في الإعلام الفرنسي الذي غطى الشرق الأوسط وهو فهم أهمية الثورة الفلسطينية كقضية أساسية للقضايا العربية، وكان صديقاً كبيراً للشعب الفلسطيني وربما من أفضل الكتب التي صدرت هي مذكرات أبو إياد التي كتبها مع ايريك رولو». ويروي زميل رولو وصديقه الصحافي ألان غريش في «لوموند ديبلوماتيك» في مقدم مذكرات الراحل أنه عاد يوماً في الستينات مع زوجته الأولى روزي إلى المنزل العائلي في هيليوبوليس في القاهرة حيث فتح له الباب فلسطينيون لجأوا إليه، فاستقبلوه بالترحاب ولاحقاً ربطته علاقة صداقة بهم. ويقول غريش إن رولو كان يحب أن يروي هذا الحدث دائماً.