نجاح عملية تثبيت كسور العمود الفقري والحوض بتقنية الروبوت    16 حاضنة وأكثر من 234 بسطة وعربة طعام متنقلة بتبوك    تعليم البكيرية يحتفي بيوم العلم السعودي    البرلمان العربي يشيد باستضافة المملكة محادثات أمريكية-أوكرانية    من الصحابة.. رفيدة السلمية رضي الله عنها    رابطةُ العالم الإسلامي تُثمِّن لمجلس الوزراء شُكرَهُ لعلماء مؤتمر "بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية"    أبرز العادات الرمضانية في بعض الدول العربية والإسلامية..الجزائر    اليمن.. الحوثيون يتوسعون بفرض الإتاوات    بعد تغلبهما على الريان وباختاكور.. الأهلي والهلال إلى ربع نهائي النخبة الآسيوية    أشادتا في بيان مشترك بمتانة الروابط وأهمية تنمية التبادل التجاري.. السعودية وأوكرانيا تستعرضان جهود تحقيق السلام الشامل    في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا.. صراع مدريد يتجدد.. وأرسنال في مهمة سهلة    1.6 مليون مقعد في قطار الحرمين لنقل المعتمرين    نظام الفصول الدراسية الثلاثة.. الإيجابيات والسلبيات على المجتمع والاقتصاد    رحّب بالمحادثات بين واشنطن وكييف.. مجلس الوزراء: السعودية حريصة على دعم جهود حل الأزمة في أوكرانيا    أساليب الوقاية ضد الجرائم الإلكترونية    «الداخلية» تزين «طريق مكة» بالجائزة المرموقة    هل يوجد تلازم بين الأدب والفقر؟    التقى رؤساء أكاديميات القطاع.. الخريّف: الكفاءات الوطنية ركيزة الصناعة والتعدين    دلالات عظيمة ليوم العلم    سوريا.. توقيف متورطين بانتهاكات "الساحل"    اتفاق على هدنة في أوكرانيا لمدة 30 يوماً    وزير الإعلام يُكرّم الفريق المنفذ لأول عملية زراعة قلب باستخدام الروبوت في العالم    رمز الشموخ والعزة    6 إستراتيجيات أمريكية ضد عصابات المخدرات في المكسيك    الأولمبية والبارالمبية السعودية تعتمد تشكيل مجالس إدارة 24 اتحاداً ولجنة ومركز التحكيم الرياضي    أمير القصيم يزور دار الرعاية الاجتماعية للمسنين في عنيزة    وزير الدفاع يستقبل وزير الدفاع التركي    وكيل محافظة الطائف يشارك أبناء جمعية اليقظة الخيرية الإفطار الرمضاني    مؤسسة الأميرة العنود تنظم ندوة "الأمير محمد بن فهد – المآثر والإرث" برعاية و حضور الأمير تركي بن محمد بن فهد    إفطار جماعي ومد لجسور التواصل    العلم السعودي.. حكاية تاريخية ودلالة وطنية    السلمي والدباغ يزوران غرفة عمليات أجاويد ٣ بخميس مشيط    في يوم العلم السعودي طرق وميادين الطائف تتوشّح باللون الأخضر    جامعة أم القرى تنظم مأدبة إفطار رمضانية للطلاب الدوليين بالتزامن مع يوم العلم    شارع الأعشى والسير على خطى محفوظ    الهلال يتخطى عقبة باختاكور في دوري أبطال آسيا للنخبة    محرز يسجل ثنائية في فوز الأهلي على الريان    %338 نموا بمشتركي الصناديق الاستثمارية    بناء الجسور بين المذاهب من الحوار إلى التطبيق    ثقة عالمية    أبوالغيط يثُمن دور المملكة في استضافة المحادثات الأمريكية الأوكرانية    الفعاليات الرمضانية تشعل التنافس بين حواري بيش    «كفو».. خارطة طريق لتسويق الأفلام الدرامية    انطلاق المنتدى الثقافي بأدبي حائل    صِدّ عنه وكأنك ماشفته!!    2100 طالب في خدمة المحسن الصغير    مدير عام حرس الحدود يتفقد القطاعات والوحدات البرية والبحرية بمنطقة جازان    وجبات للإفطار بمسجد القبلتين بإشراف هيئة تطوير    النواخذة لقلب الطاولة أمام دهوك    7 أهداف تدخل العميد دوامة العثرات    شوارع وميادين مناطق المملكة تتزين بالأعلام احتفاء بيوم العلم    «صم بصحة» واحصل على جودة حياة    العلم السعودي .. راية التوحيد.. رمز العز والفخر    أمير تبوك يستقبل رئيس مجلس بلدية معان بالمملكة الأردنية الهاشمية    قطاع ومستشفى سراة عبيدة يُفعّل حملة "صُم بصحة" وحملة "جود"    فخامة رئيس جمهورية أوكرانيا يغادر جدة    السعودية ترحب بدمج مؤسسات شمال شرق سوريا لتعزيز الاستقرار في البلاد    المكملات الغذائية تصطدم بالمخاطر الصحية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حل الدولة الواحدة ليس للمناورة ولا للتهديدات
نشر في الحياة يوم 17 - 11 - 2009

بعد تبنيها حل الدولتين قرابة 35 عاماً، وارتهانها له طوال 16 عاماً (منذ توقيعها اتفاق أوسلو) بدأت القيادة الفلسطينية تلوّح بإمكان مغادرتها هذا الحل والتحول نحو حل الدولة الواحدة الثنائية القومية (راجع تصريحات صائب عريقات المنشورة في «الحياة» 5/11).
طبعاً، ليس ثمة مشكلة من حيث المبدأ في هذا التحول، فلطالما أخطأت القيادة الفلسطينية بحصر نفسها في خيار واحد، ولكن المشكلة تكمن في طرح هذا الأمر وكأنه بمثابة نزوة، أو في التلويح به إزاء إسرائيل من قبيل المناورة، أو كنوع من التهديد لها، رداً على تملصها من حل الدولتين وإصرارها على مواصلة سياساتها الاستيطانية في الضفة الغربية.
والواقع أن القيادة الفلسطينية كانت معنية منذ زمن طويل بإيجاد بدائل، أو خيارات وطنية متعددة، ولكنها بدلاً من ذلك رسّخت ارتهانها لحل الدولة في الضفة والقطاع، ونمّت ثقافة وسلوكيات وأنماط عمل سياسية وبنى سلطوية تتناسب مع هذا الخيار وتصعّب إمكان مغادرته.
الحاصل الآن أن الحركة الوطنية الفلسطينية رتّبت حساباتها على قاعدة الارتهان لكيان السلطة، وثمة طبقة سياسية واسعة، باتت مرتهنة معنوياً ومعيشياً لمكانتها في السلطة، كما ثمة قطاع واسع من الفلسطينيين يعيش على الدعم المقدم من الدول المانحة لعملية السلام، بواقع وجود حوالى 180 ألف موظف في السلطة في السلكين المدني والأمني (في الضفة والقطاع).
فوق ذلك فقد تم تهميش مكانة منظمة التحرير (الرمزية والتمثيلية) لصالح كيان السلطة، التي باتت تشكّل حجر الزاوية في العمل الفلسطيني، سواء من جانب القيادة الرسمية أو من جانب المعارضة (وضمنها حركة «حماس»). ويبدو أن من الصعب تصور استعادة المنظمة دورها ومكانتها، ليس لأن لا احد عملياً يرغب في ذلك، وإنما لأن الزمن العربي والدولي الذي جاءت خلاله المنظمة انتهى.
إضافة إلى كل ما تقدم فقد نحّت القيادة الحالية مختلف أشكال النضال ضد إسرائيل، ولا نقصد هنا فقط شكل المقاومة المسلحة (التي طالما خيضت بأشكال مزاجية وفوضوية أضرت بالفلسطينيين)، فهذا الأمر يشمل أيضاً مختلف أشكال النضال الجماهيرية، التي اعتاد الفلسطينيون خوضها قبل قيام السلطة (1994)، ومن بينها الأشكال التي تم انتهاجها في الانتفاضة الأولى (19871993)، حيث يلهج لسان حال القيادة بأن لا بديل عن المفاوضات إلا المفاوضات!
ويستنتج من ذلك بأن طرح خيار الدولة الثنائية القومية لا يمكن أن يأتي على شكل نزوة، ولا على شكل مناورة عابرة، بمعنى انه يجب الإعداد له، والاستعداد لتحمل تبعاته، والتداعيات التي يمكن أن تنجم عنه فلسطينياً، ومن جهة إسرائيل.
وبديهي أن هذا الخيار يفترض مغادرة عملية المفاوضات، طالما أنها لا توصل إلى النتيجة المطلوبة، وأيضاً اتخاذ قرار بشأن مصير السلطة الفلسطينية القائمة، إن بشأن حلها، أو الإبقاء عليها كمجرد سلطة لإدارة أحوال الفلسطينيين، وكنوع من كيانية سياسية وطنية لهم (بإنهاء دورها التفاوضي).
من الواضح أن من تبعات هكذا خيار تحميل إسرائيل مسؤولياتها كسلطة احتلال، ولكن يجب أن يكون واضحاً أيضاً ان من تبعاته عودة وطأة الاحتلال على حياة الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. كما سيكون من تبعات ذلك تفكك شبكة العلاقات السلطوية الفصائلية، وتحمل الفصائل التحديات التي تفرضها عملية مواجهة سياسات الاحتلال، وضمنها إعادة بناء ذاتها لاستنهاض مختلف أشكال الكفاح الشعبي ضد السياسات الاستعمارية العنصرية لإسرائيل.
أيضا، فإن طرح هكذا خيار يتطلب إتاحته للنقاش العام، وإعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية على أساسه، وضمن ذلك إيجاد ثقافة سياسية فلسطينية تدرك أبعاده، السياسية والقانونية والديموغرافية والتاريخية. ومن المعلوم أن الحديث عن دولة واحدة (بين اليهود والفلسطينيين)، أكانت على شكل دولة مواطنين أو على شكل دولة ثنائية القومية، على رغم أنها طرحت سابقاً في إطار الفكر السياسي الفلسطيني، إلا أنها مسألة معقدة، وصعبة، ولم تأخذ حقها من البحث والنقاش، كما لم تتحول بعد إلى نوع من ثقافة سياسية شعبية.
وعلى صعيد أشكال العمل، فإن القول بخيار الدولة الواحدة الثنائية القومية يفترض بالقوى الوطنية المعنية أن تهيئ شعبها لأشكال نضالية معينة، وعلى رغم أن ذلك لا يستثني المقاومة المسلحة (في بعض الحالات)، إلا أنه لا بد أن يستثني تماماً ظاهرة العمليات التفجيرية، أو ظاهرة القصف الصاروخي، لأن هكذا عمليات لا تتناسب مع هدف التعايش في دولة واحدة، ولا تمكّن من خلق التناقضات في مجتمع العدو، ولا تساعد على خلق قوى متعاطفة مع حقوق الفلسطينيين في المجتمع الإسرائيلي مستقبلاً.
أخيراً، وكما هو معلوم، فإن طرح الدولة الواحدة ليس قابلاً للتطبيق في المدى المنظور، لأنه ليس مجرد شعار، فهكذا طرح يحتاج إلى تفاعلات إسرائيلية مناسبة، وإلى نوع متميز ومضن وطويل من النضال الفلسطيني، كما يحتاج إلى إطارات دولية وعربية ملائمة.
وإلى حين ذلك، وبالنظر إلى غطرستها، ووعيها ذاتها كدولة يهودية، فمن المتوقع أن تشدّد إسرائيل من سياساتها القمعية والعنصرية والاستيطانية إزاء الفلسطينيين، بمعنى أن ثمة مرحلة انتقالية صعبة ومريرة، سيواجهها الشعب الفلسطيني وحركته الوطنية.
على ذلك فإن القيادة مطالبة بعدم طرح خيار الدولة الواحدة كمجرد فكرة، أو التلويح بها من قبيل المناورة، فما بالك بطرحها كنوع من التهديد لإسرائيل؟ والأحرى بهذه القيادة أن تعد نفسها وتعد شعبها، بكل جدية ومسؤولية، لمواجهة استحقاقات ما بعد مرحلة المفاوضات، ليس على مستوى الشعارات فقط، وإنما على مستوى البنية والعلاقات الداخلية والثقافة السياسية وأشكال العمل في مواجهة إسرائيل أيضاً. بمعنى أنه آن الأوان لوضع استراتيجية جديدة للعمل الفلسطيني.
* كاتب فلسطيني


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.