انتقد «مجلس حكماء الاقتصاد» في ألمانيا الحكومة الجديدة في البلاد لسعيها إلى خفض الضرائب بمقدار 24 بليون يورو سنوياً من دون طرح بديل مُقنع لتمويل الخزانة العامة، موجهاً اليها لهجة قاسية جداً تجاوزت المعهود. وتابع المجلس الذي يقدم مشورة اقتصادية دورية إلى الحكومة، ان الوعد بخفض الضرائب على الألمان في وثيقة الائتلاف من دون وجود مصدر تمويل آخر هو «عمل لا جدِّية فيه وغير مفهوم». وأودع المجلس، الذي يضم خمسة خبراء مشهود لهم في البلاد، المستشارة الألمانية أنغيلا مركل تقريراً اقتصادياً شاملاً حول الوضع الاقتصادي الراهن وآفاقه المستقبلية، وعرض خطوطه الرئيسة في مؤتمر صحافي عقده أول من أمس في برلين. وردّت مركل على المجلس بالتمسك بما نصّت عليه وثيقة الائتلاف الحكومي، ودافعت عن فكرة خفض الضرائب وزيادة الإنفاق الحكومي في فترة الأزمات والعجز المالي. ونصَّت الوثيقة الحكومية، التي وضعها «الاتحاد المسيحي» و «الحزب الليبرالي الحرّ» بصورة مشتركة كبرنامج حكومي للسنوات الأربع المقبلة، على خفض الضرائب سنوياً بمقدار 24 بليون يورو، على ان يعوَّض النقص في موارد خزانة الدولة عبر الضرائب العامة التي يُتوقع ان تتأمن من ازدياد وتيرة النمو الاقتصادي في البلاد مستقبلاً. واعتبر المجلس ان في المشروع «مراهنة غير واقعية» على مسار غير معروف النتائج، وحذَّر من التعامل مع المستقبل بمثل هذه السهولة، وأضاف ان إصلاح مالية الدولة يفترض اللجوء إلى التقشّف لا إلى «أحلام اليقظة»، لافتاً إلى ان وثيقة الائتلاف هي «غير مقنعة على الإطلاق». وتوجَّه إلى الحكومة الجديدة قائلاً: «من دون تقشف شديد في النفقات العامة، ومن دون زيادة في الضرائب أو فرض رسوم أخرى، من غير الممكن إصلاح موازنة الدولة العامة». ولفت المجلس إلى ان «المطلوب ليس بدء التقشف الآن لخفض الدين العام الضخم، لأن الدولة تنفّذ حالياً برامج دعم مالي بعشرات بلايين اليورو لقطاعات مختلفة لدعم النمو في البلاد، إنما بدءاً من عام 2011 عند انتهاء برامج الدعم». وتوقع استمرار الأزمة المالية في ألمانيا وعالمياً، وارتفاع معدل البطالة وإفلاس مزيد من الشركات والمؤسسات، الأمر الذي يكبح نمو الاقتصاد الألماني السنة المقبلة. وأضاف: «طالما ان أحداً لا ينتظر بسرعة عودة عجلة النمو إلى الدوران بإنتاجية عالية قريباً، فمن غير الممكن تفادي حصول حملة تسريح للعمال». وعلى رغم تحسّن النمو في البلاد في الفصلين الثاني والثالث، وانتظار نتيجة مماثلة في الربع الأخير، توقع الخبراء «تراجع الاقتصاد الألماني نهاية السنة الحالية بحدود خمسة في المئة، وهو انكماش تاريخي يحدث للمرة الأولى منذ الحرب العالمية الثانية». وتعود أسباب الانكماش بصورة رئيسة إلى تسجيل تراجع في الربع الأول من السنة بنسبة 3.5 في المئة، على رغم ان النمو حقق معدلاً إيجابياً بلغ 0.4 في المئة في الربع الثاني، و0.7 في المئة في الربع الثالث، وهي نسبة النمو الأعلى التي تسجل في ألمانيا منذ مطلع عام 2008. وتوقع المجلس استمرار التحسّن الاقتصادي البطيء في ألمانيا السنة المقبلة، مرجّحاً وصول معدل النمو إلى 1.6 في المئة في نهايته. وتتوقع الحكومة الألمانية نمواً يبلغ 1.2 في المئة السنة المقبلة، في حين يرجّح خبراء الاقتصاد نمواً يبلغ اثنين في المئة فقط.