تنتظر الأوساط السياسية العراقية قرار مجلس الرئاسة في شأن المصادقة على قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان حديثاً، فيما تواصل الأحزاب والقوى السياسية استعداداتها للانتخابات التشريعية المقررة في 18 كانون الثاني (يناير) 2010. وقرَّر الحزبان الكرديان الرئيسيان خوض الانتخابات، بتحالف لا يضم اكبر الاحزاب المعارضة، مع عشرة أحزاب ، فيما نقل مستشار الأمن القومي العراقي السابق موفق الربيعي عن المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني قوله بضرورة وحدة الائتلافات في الانتخابات تجنباً لتشتت أصوات الناخبين، والمحافظة على الوحدة الوطنية. وصرَّح رئيس ديوان الرئاسة العراقي نصير العاني ل «الحياة» بأن «مجلس الرئاسة سيعلن خلال أيام المصادقة على قانون الانتخابات الذي أقره البرلمان اخيراً»، من دون مزيد من التفاصيل. وأعلن مصدر حكومي ان قانون الانتخابات سيصبح نافذاً بعد مضي عشرة ايام من وصوله الى مجلس الرئاسة. واوضح المصدر في تصريح الى»الحياة» ان «تحفظ هيئة الرئاسة عن قانون الانتخابات وعدم إعلان موقفها منه لن يؤثر على نفاذ القانون اذا تجاوز المدة القانونية، اي بعد مضي 10 ايام من تاريخ إحالته على مجلس الرئاسة». وأوضح ان «المادة 138 من الدستور تؤكد نفاذ القانون اذا حصل على الغالبية في مجلس الرئاسة». وتابع «اذا وافق رئيس الجمهورية (جلال طالباني) ونائبه عادل عبد المهدي على القانون يعد القانون نافذاً حتى إذا عارضه النائب الآخر للرئيس» في إشارة الى موقف نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي الذي لمح الى احتمال نقض بعض بنود القانون. وعلمت «الحياة» ان مجلس الرئاسة يواجه ضغوطاً متعارضة بين جبهتين، تطالب الأولى بالإسراع في المصادقة على القانون، فيما تدعو الثانية الى نقض بعض فقراته المتعلقة بانتخابات المهجرين وتوزيع الأصوات على الكتل الفائزة. وطالب الناطق باسم «القائمة العراقية»النائب جمال البطيخ «بنقض الفقرة الاولى من قانون الانتخابات المتعلقة بتحديد مقاعد المهجرين وكيفية احتسابها لصالح الكتل الكبيرة». وشدَّد على «ضرورة مراجعة هذه الفقرة وتعديلها بما يتناسب مع عدد العراقيين في المهجر» واعتبر «اقرار القانون من دون اية تعديلات بهذا الصدد بمثابة تعد على حقوق المهجرين العراقيين». وفيما يخص توزيع المقاعد واحتساب الأصوات المسجلة لمصلحة الاحزاب الصغيرة وتجييرها الى التحالفات الكبيرة قال البطيخ إن «فقرات القانون الذي اقر على عجالة سجلت غبناً وتجاوزاً واضحين على (مصالح) الأحزاب الصغيرة من خلال توزيع الأصوات التي تسجلها تلك الاحزاب (التي لم تحقق النسبة المقررة للفوز) وتجييرها لمصلحة التحالفات الكبيرة» الفائزة. وتابع «مثل تلك الفقرات فرضت واقعاً جديداً على بعض الأحزاب الصغيرة تدفعها للتحرك باتجاه الدخول في تحالفات جديدة مع بعض الائتلافات الكبيرة» مؤكداً أن «تحالف الحركة الوطنية العراقية تلقى طلبات كثيرة من بعض الأحزاب الصغيرة للانضمام لتأمين مكاسب انتخابية مضمونة قد لا تؤمنها اذا دخلت بقوائم انتخابية منفردة». واعتبرت النائب عن «الائتلاف الموحد» ايمان الأسدي ان «سعي الأحزاب الصغيرة الى الدخول في تحالفات جديدة مع الكتل الكبيرة أمر طبيعي» مؤكدة أن «أبواب الائتلاف الوطني ما زالت مفتوحة أمام الأحزاب والتيارات التي تنسجم برامجها الانتخابية وتوجهات الائتلاف». لكن زعيم تيار الحرية والعدالة «تجديد العراق» نبيل ياسين يرى ان «انخراط الاحزاب الصغيرة في تحالفات كبيرة سيمسخ هوية الحزب وبرامجه الانتخابية». واوضح ياسين ل «الحياة» ان «قانون الانتخابات سجل إجحافا بحق الاحزاب الصغيرة كونه قلل من المقاعد المخصصة لها والتي وصلت الى 10 مقاعد من اصل 45 مقعدا». وأضاف أن «تم اقتطاع نحو 7 أو 8 من المقاعد المحددة للأقليات، وهو غبن آخر تتعرض له تلك الأحزاب». ولفت ياسين الى أن «فقرات القانون الجديد تضمنت خيانتين: الاولى تزوير أصوات الناخبين وتجييرها لمصلحة القوائم الانتخابية الكبيرة، والثانية زيادة عدد الفائزين من القوائم الكبيرة من خلال احتساب الأصوات التي تحققها الأحزاب الصغيرة والتي تقل عن النسب المحددة للفوز». وأضاف «بالنسبة لنا كحزب صغير لن ندخل في تحالف مع أي قائمة انتخابية. فمن الصعب ايجاد تحالف انتخابي ينسجم وبرامجنا الوطنية، وعليه آثرنا الدخول بقائمة انتخابية قائمة بذاتها». الى ذلك، قرر الحزبان الكرديان الرئيسيان «الاتحاد الوطني الكردستاني» بزعامة طالباني و»الحزب الديموقراطي الكردستاني» بزعامة مسعود بارزاني، خوض الانتخابات التشريعية بتحالف مع عشرة أحزاب لا يضم أكبر الأحزاب المعارضة. وأوضح كوسرت رسول، القيادي في «الاتحاد الوطني» ونائب رئيس إقليم كردستان عقب الإعلان عن هذا التحالف «اتفقنا نحن مجموعة أحزاب كردستانية على المشاركة في الانتخابات القادمة بقائمة واحدة ويصل عددنا الى اكثر من 12 حزباً بالإضافة الى شخصيات سياسية». ويضم التجمع الذي أطلق عليه اسم «قائمة التحالف الكردستاني» 10 أحزاب من توجهات وقوميات مختلفة، بينها الليبراليون والشيوعيون والتركمان والاسلاميون. وأضاف «لم تشترك بعض الاحزاب الكردستانية معنا في هذا التحالف لأن لهم اوضاعهم الخاصة». واكبر الأحزاب المعارضة حركة «التغيير» بزعامة القيادي السابق في «الاتحاد الوطني» نوشيروان مصطفى. وقد فازت ب25 مقعداً في انتخابات مجالس المحافظات في الإقليم من 111 مقعداً معظمها للحزبين الكبيرين. من جهته، قال فاضل ميراني سكرتير المكتب السياسي للحزب الديموقراطي الكردستاني «الطرف الكردستاني نظم ارادته للمشاركة بقائمة واحدة في الانتخابات القادمة». الى ذلك، أعلن مستشار الأمن القومي العراقي السابق موفق الربيعي ان آية الله علي السيستاني أوصى بضرورة وحدة الائتلافات في الانتخابات المقبلة تجنباً لتشتت أصوات الناخبين، والمحافظة على الوحدة الوطنية. وأيد الربيعي في مؤتمر صحافي عقده في النجف مساء اول من امس بعد لقائه السيستاني الاندماج بين «ائتلاف دولة القانون» الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي و»الائتلاف الوطني العراقي» بزعامة «المجلس الاسلامي الأعلى» وقال: «نعتقد أن هذا هو التوجه الصحيح». وأضاف أن «هناك ضغوطاً ومحاولات لإقناع الأطراف بتشكيل ائتلاف سياسي واحد يضم الوطني العراقي ودولة القانون للتسهيل على الناخب وعدم إرباكه (...) نعتقد أن ما زالت هناك فرصة طيبة للخروج بائتلاف واحد». وكان الربيعي الذي يرأس «تيار الوسط «انضم اخيراً الى «الائتلاف الوطني». ورداً على اشتراط الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إطلاق سراح المعتقلين مقابل انضمام «ائتلاف دولة القانون» الى «الائتلاف الوطني» قال الربيعي إن «الدعوة الى إخراج السجناء والمعتقلين من التيار الصدري مقبولة ومعقولة ويمكن تنفيذها من خلال قانون عفو عام يصدر عن المعتقلين، لأن معظم هؤلاء اعتقلوا على خلفيات سياسية بغياب الأدلة الجنائية ضدهم. ونعتقد أنه في ظرف من الظروف اقتضى اعتقالهم» وتابع «اعتقد أنها خطوة جيدة لو أقدمت الحكومة العراقية على إطلاق سراح هؤلاء من خلال سن قانون لهذا الأمر».