حذر قاضي قضاة فلسطين الشيخ تيسير التميمي من أن الصمت الدولي والعربي، تجاه السياسة الإسرائيلية في القدس، يشجع الحكومة اليمينية الحالية، ومعها الجماعات المتطرفة، على المضي قدماً في مخططات تهويد المدينة المقدسة، وتغيير طابعها الجغرافي والديموغرافي. وقال التميمي إلى «الحياة»: «القدس تتعرض الآن لأوسع عملية تطهير عرقي بينما يحتفل العالم العربي بالمدينة عاصمة للثقافة العربية لعام 2009 بالمهرجانات والخطب الرنانة والرقصات الشعبية». وأكد التميمي أن إسرائيل تعمل مع الجماعات اليهودية المتطرفة، على إلغاء معالم القدس العربية والإسلامية، وهدم بيوت أهلها والمباني التاريخية والأثرية خصوصاً في البلدة القديمة. وأضاف: «إسرائيل صادقت على هدم أكثر من 1700 منزل خلال هذا العام وحده». وأوضح أن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو يعمل منذ وصوله الى الحكم على الوفاء بوعوده، التي أطلقها خلال حملته الانتخابية بتحويل القدس مدينة يهودية. وذكر أن ما تتعرض له القدس، في ظل الحكومة الإسرائيلية الحالية وفي ظل الانقسام الفلسطيني والتخاذل العربي وغياب رؤية موحدة من العرب والمسلمين لدعم المدينة وأهلها، سهّل على الإسرائيليين تنفيذ مخططاتهم. واتهم قاضي القضاة في فلسطين المجتمع الدولي بالتواطؤ مع السياسات الإسرائيلية تجاه القدس من خلال صمته الرهيب وعدم تصديه للسياسة الإسرائيلية. وقال إن المجتمع الدولي لا يضع أمام ناظريه أي حسابات للعرب ومدينتهم المقدسة. وإن الإسرائيليين يسعون إلى خلق حقائق جديدة على الأرض في المدينة المقدسة، فهم يستغلون الأوضاع الفلسطينية والتشرذم الداخلي والصمت الدولي لتنفيذ فرصتهم الذهبية واستكمال المشروع الصهيوني في القدس في وقت قياسي. وأوضح أن مساحة بلدية القدس عام 1967 كانت سبعة كيلومترات، بينما تسعى إسرائيل الآن إلى توسيعها إلى أكثر من 155 كلم، من خلال ضم مساحات شاسعة من أراضي الضفة الغربية، كما أن إسرائيل تسعى إلى تقسيم الضفة الغربية إلى جزءين يفصل بينهما قسم جنوبي وقسم شمالي. وأضاف التميمي: القدس الكبرى التي يهدفون الى تنفيذها ستكون معزولة عن محيطها العربي الفلسطيني من جهة، ومن جهة أخرى ستفصل بين الضفة الغربية وتمنع تواصل أراضيها. مشيراً إلى أن أكثر من 50 في المئة من أراضي الضفة الغربية صودرت تحت ذرائع كثيرة منها زيادة المساحات الخضراء أو المناطق العسكرية والمستوطنات الزراعية أو المستوطنات المدنية. وأكد استحالة إقامة دولة فلسطينية في ظل وجود مستوطنات إسرائيلية. داعياً إلى ضرورة دعم أهالي القدس ليصمدوا في ظل ما تفرضه إسرائيل من سياسات مختلفة لتضيّق على أهلها وتدفعهم إلى الهجرة. وانتقد مبدأ مبادلة الأراضي أو الوطن البديل، وقال إن «هذه الأطروحات هي مؤامرة ضد فلسطين». وأضاف أنه «لا يمكن أن نرضى إلا بالقدس وبيت المقدس الأرض المباركة التي تحتضن المسجد والكنيسة فلا توجد قيمة توازي قيمة القدس». وأعرب عن أسفه للانقسام الفلسطيني الذي أصاب القضية الفلسطينية في مقتل وانعكس سلباً على القدس بشكل أساسي، فالقدس ستصبح مدينة يهودية بشكل كامل ولا يوجد أحد يمنع الإسرائيليين أو يتصدى لمخططاتهم. وحذر التميمي من محاولات الجماعات اليهودية المتطرفة اقتحام المسجد الأقصى، معتبراً ذلك سابقة خطيرة يجب التصدي لها. وقال: «المقدسي ليس أمامه سوى حذائه والحجارة للتصدي لقوات الاحتلال. لكن ماذا عن الدور العربي والإسلامي؟ المسجد الأقصى في حاجة إلى من ينصره والقدس في حاجة إلى دعم سياسي والمطلوب هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه». وقال إن السلطات الإسرائيلية لا تزال تمنعه من دخول القدس، ودعا العالم العربي والإسلامي إلى التخلي عن السلبية والعمل من أجل الحفاظ على مكانة القدس ومعالمها التاريخية، الإسلامية والمسيحية، معتبراً أن المقاومة حق شرعي لكل شعب يقع تحت الاحتلال. وشدد على ضرورة شد الرحال إلى القدس وقال: «من يتمكن من أبناء أمتنا العربية أو الإسلامية من الذهاب إلى القدس وزيارتها فإنه يدعم صمود القدس وأهلها». وأشار إلى أن الإجراءات الإسرائيلية القاسية على أهل المدينة أدت إلى تناقص خطير في أعداد أهلها من المسلمين والمسيحيين، وقال: «عام 1967 كان هناك 30 ألف مسيحي والآن لا يتجاوز عدد المسيحيين الخمسة آلاف». ودعا التميمي الأمة العربية إلى الارتقاء إلى مستوى المسؤولية وأن تعمل على حماية المدينة المقدسة والكف عن إصدار بيانات الاستنكار والتنديد لأن التصريحات لا تغني ولا تفيد من دون عمل حقيقي، محذراً من استمرار الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى وحول المدينة. وقال: «الإسرائيليون يسعون من وراء هذه الحفريات التي تمس بأساسات المسجد الأقصى إلى انهياره من أجل بناء هيكلهم المزعوم مكانه». وطالب بالرد على هذه الانتهاكات التي تمثل عدواناً صارخاً، مؤكداً أن القدس والمسجد الأقصى يتعرضان لمؤامرة غير مسبوقة لم تحدث في التاريخ. وتساءل التميمي باستنكار عما ينتظر العرب والمسلمون كي يتحركوا، وهل سيظلون جالسين يترقبون انهيار المسجد الأقصى، لا قدر الله؟