يجتمع وزراء ورجال أعمال وخبراء وممثلون عن المجتمع المدني في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (مينا)، مع نظرائهم في منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي (أو سي دي ايه) في مراكش في 22 من الشهر الجاري، لبحث موضوع «الاستثمار والحوكمة وإنعاش فرص العمل»، في مرحلة ما بعد الأزمة الاقتصادية العالمية. ويتوقع أن يصدر عن المؤتمر توصيات تدعو إلى تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية، وتبسيط الإجراءات أمام القطاع الخاص، وتعزيز الحوكمة والسياسات العامة، لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى المنطقة العربية جنوب البحر المتوسط، وزيادة النمو الاقتصادي وتقليص معدلات الفقر والبطالة وتحسين مناخ الأعمال وأوضاع المرأة. وجاء في دراسة قدمت إلى الاجتماع أن الدول ال18 تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات والتدفقات المالية الخارجية لمواجهة حاجتها إلى توفير نحو 100 مليون فرصة عمل جديدة حتى عام 2020، نتيجة النمو الديموغرافي الذي تعيشه المنطقة الممتدة من المغرب إلى تركيا. وأفادت بأن المنطقة ظلت تحقق نمواً مرتفعاً بلغ نحو 7 في المئة خلال السنوات الأخيرة، ثم تراجع إلى ما دون 4 في المئة خلال السنة الجارية بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، وتراجع الإيرادات الخارجية (الصادرات وأسعار المواد الأولية والطاقة والسياحة والتحويلات)، وانخفاض حجم الاستثمارات الخارجية بنحو الثلث، نتيجة الأزمة التي ضربت دول الاتحاد الأوروبي المستثمر الأول في منطقة البحر المتوسط. وأضافت: «إن التحديات الاقتصادية الناتجة من الأزمة تفرض تطوير التعاون بين منطقة «مينا» و «منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي» لضمان نمو مرتفع يستجيب لمتطلبات تحسين معيشة السكان، عبر سياسات عامة فعالة وبمشاركة واسعة للمواطنين والشركات والمجتمع المدني والإعلام». وأوضحت مصادر في تصريح الى «الحياة»، أن دول منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي، تتطلع بدورها إلى فرص الأعمال التي توفرها المشاريع التي تنفذها الحكومات العربية في مجال البنية التحتية والطاقة، والمقدرة بعشرات بلايين الدولارات، وتجذب الشركات الأوروبية الباحثة عن سبل للخروج من الأزمة خارج أوروبا. وأشارت المصادر الى أن معظم الشركات العاملة في دول منظمة التعاون الاقتصادي، يواجه ضعفاً في مشاريع الأعمال الكبيرة، المتوافرة في جنوب البحر المتوسط وشرقه حيث اليد العاملة الوفيرة. وترغب الشركات الأوروبية بالإفادة من اتفاقات الشراكة الاقتصادية الموقعة مع دول المنطقة (باستثناء ليبيا) والقرب الجغرافي والسيولة المتوافرة لدى بعض دول النفط، مع العلم أن دول جنوب البحر المتوسط أنشأت إطار تعاون تجاري عبر «إعلان أغادير» الذي يضم مصر والمغرب والأردن وتونس في سوق تضم أكثر من 120 مليون مستهلك، ويقضي الاتفاق بتحرير التجارة مطلع عام 2012. وعقدت الرباط اتفاقات تجارية مع الولاياتالمتحدة وتركيا، تجعل الأراضي المغربية قاعدة إنتاج وإعادة تصدير محتملة لنحو 900 مليون مستهلك في أربع قارات. البنك الدولي وأشار البنك الدولي أول من أمس في تقرير حول التنافسية الدولية، الى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ظلت تحقق معدلات نمو مرتفعة في السنوات الأخيرة، لكنها لم تستفد في شكل كافٍ بسبب ضعف تنافسية القطاع الخاص المحلي والحوكمة، إذ لم ينمُ الاستثمار الخاص سوى اثنين في المئة سنوياً، في مقابل 10 في المئة في بعض الدول الآسيوية. وتقدر مشاريع القطاع الخاص في المنطقة بنحو 15 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. واعتبر البنك الدولي أن الإصلاحات الاقتصادية التي نفذتها دول المنطقة في العقدين الأخيرين مكنت من زيادة دور القطاع الخاص في خلق الثروات إلى جانب الطاقة والمواد المعدنية والزراعة، وأشار البنك إلى أن دولاً مثل مصر وتونس والمغرب تمكنت من جذب استثمارات أجنبية كبيرة دعمت قطاعات البنى التحتية والعقار والسياحة، لكنها بقيت ضعيفة في قطاعات التكنولوجيا الحديثة قياساً إلى مناطق أخرى صاعدة.