رأت صحف باكستانية، اثر فوز حامد كارزاي، أن الانتخابات الأفغانية أبرز مسرحية هزلية في بلد منقسم اثنياً وقبلياً، وأن الانتخابات الرئاسية لم تكن سوى مناسبة لتسويغ انفاق الولاياتالمتحدة مبالغ هائلة على حرب أفغانستان. وانسحاب المرشح الأفغاني الى الانتخابات الرئاسية، عبد الله عبد الله، من الجولة الثانية وجّه ضربة الى حلفائه الغربيين، ورفع عن كارزاي قيد مشاركة السلطة معه. وكان كارزاي يزعم أن عبد الله هو حصان طروادة القوى الغربية في الحكومة المقبلة. وآذن انسحاب عبد الله ببدء اللعبة السياسية الأفغانية. وأغلب الظن ألا ينسى كارزاي سعي القوى الغربية طوال العام الماضي الى اطاحته، وتقويض نفوذه. فالأفغان لم يعهدوا بَعد الشعائر الديموقراطية، ونازعها الى اماطة اللثام عن فساد الرؤساء وحاشيتهم. فعلى سبيل المثال، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية تحقيقاً يزعم أن والي كارزاي، شقيق الرئيس الأفغاني، هو تاجر مخدرات. فردّ الجنرال خديد خديد، رئيس مكافحة تجارة المخدرات الأفغاني، على الصحيفة، وأبرزَ دور القوات الأجنبية في رواج المخدرات وتجارتها. وأعلن أن فرقاً عسكرية أميركية وكندية وبريطانية عاملة في ال «ناتو» تفرض «ضرائب» وأتاواة على الأفيون في مناطق سيطرتها. ولا يسع الغرب تجاهل معلومات الجنرال خديد، على ما فعل اثر اعلان حميد غل، رئيس الاستخبارات الباكستانية السابق، أن طائرات عسكرية أميركية تستخدم في نقل المخدرات بأفغانستان، أو اثر تسريب مصادر روسية أخباراً عن تورط جنود أميركيين في تجارة المخدرات. والحق ان القوات الغربية مسؤولة عن مآل الأمور بأفغانستان الى طريق مسدود. فالقوات هذه تجهل العادات الأفغانية. وهي اليوم، مضطرة الى النزول على رغبات الرئيس المنتخب. ويواجه البيت الأبيض والإداراة الأميركية معضلة بعث علاقات مجدية مع كارازي. فالعلاقات بين أوباما وكارزاي فاترة وباردة. والاتصالات بينهما مقطوعة، على رغم تمتع الرجلين بحنكة ديبلوماسية لا يستهان بها. والحق أن وزارة الدفاع الأميركية نأت بنفسها عن الخلافات بين أوباما ونظيره الأفغاني. ويعود ذلك الى ادراك روبرت غيتس، وزير الدفاع الأميركي، ان الخلاف مع الرئيس الأفغاني غير مفيد، في وقت ينتشر الجنود الأميركيون بأفغانستان. ولذا، يعوّل البيت الأبيض على البنتاغون في تذليل التوتر مع حكومة كارزاي. ويحاول السفير الأميركي الى افغانستان، كارل ايكينبري، وهو ملم بالتقاليد الأفغانية وتربطه علاقات وثيقة بأمراء حرب أفغان نافذين من أمثال محمد قاسم فهيم، بعث العلاقات بين واشنطن وكارزاي. ولا شك في أن الأفغان سيسارعون الى طي آثار الانتحابات. فهم، على خلاف الغربيين، لا يولون مسائل مثل مشروعية الرئيس اهتماماً. ولن يكون عسيراً على دول الجوار الأفغاني، فيما خلا باكستان، التعامل مع كارزاي وفريقه الجديد. وتربط الفريق هذا علاقات وطيدة بموسكو، وطهران وطشقند (عاصمة اوزبكستان) ودوشنب (عاصمة طاجيكستان). وأغلب الظن أن يبرم والي كارزاي اتفاقاً مع طالبان، في وقت يميل الغرب الى قبول تسوية وقتية مع الحركة المتطرفة. * ديبلوماسي هندي سابق، عن «ايجيا تايمز أونلاين» الهونكونغية، 3/11/2009، إعداد منال نحاس