عبر 336 صحفة يضمها كراس «روح مصر»، يعبر الفنان التشكيلي الكويتي جعفر إصلاح، عن حبه لمصر في مجموعة مواد وثائقية، كتقديم طلب إجازة من أحد موظفي دار الكتب المصرية للشاعر حافظ إبراهيم في شهر حزيران (يونيو) عام 1923، إلى طوابع البريد التذكارية كطابع حصول نجيب محفوظ على جائزة نوبل، وطوابع صدرت في ذكرى هدى شعراوي ورفاعة الطهطاوي وأحمد شوقي. وتضم مجموعة إصلاح رسالة موجهة إلى الصحافي الشهير محمد التابعي من أحد قرائه واسمه محمد عارف النجار على ورق فندق أطلس في القاهرة، وفيها يقترح ثلاثة موضوعات عن أم كلثوم وسيناريو لفيلم عن آل كينيدي والسياحة في مصر. أما أطرف ما يتعلق بالتابعي فبطاقة دعوة مطبوعة لتناول الطعام في منزله الكائن في حي الزمالك. أما صور الأبيض والأسود في مجموعة الفنان الكويتي فلا حصر لها، وتصيب الدهشة الناظر الى أزياء الزفاف في عدد من صوره والتي تبين اختلاف زي العروسة من فترة الى أخرى، وبورتريات لأشخاص مختلفين بعضهم مجهول وبعضهم من أعلام المجتمع كالفنانة عزيزة أمير والفنانة هاجر حمدي وهدى شعراوي وأمينة رزق في مراحل عمرية مختلفة والفنان نجيب الريحاني مع فرقته المسرحية التي كانت تعد أشهر فرقة مسرحية في القاهرة. اهتم إصلاح بجمع كل ما يمكن أن تقع يده عليه من وثائق سيدة الغناء العربي أم كلثوم، منها عقد اتفاق بإقامة 3 حفلات غنائية في الكويت تؤديها كوكب الشرق على مسرح سينما الحمراء مؤرخ في 16 كانون الثاني (يناير) عام 1959، وتذكرتان لحفلتين إحداهما في مسرح سينما قصر النيل والثانية في نادي الاتحاد الرياضي السكندري، كما أن مجموعته تضم صورة نادرة لأم كلثوم بجانب معلمها الأول الشيخ أبو العلا، وصورة أخرى لأم كلثوم مع أخيها الشيخ خالد إبراهيم في ضيافة الأستاذ محمد تيمور، وهي من تصوير دهربيوس في مدينة طنطا. ومن طرائف مجموعة إصلاح قسيمة شراء أم كلثوم سيارة رولزرويس ماركة بنتلي تعود الى عام 1932، فضلاً عن إيصال شراء أرض فيلا أم كلثوم في الزمالك ويدل الإيصال على أنه الدفعة الثالثة بمبلغ قيمته 650 جنيهاً مصرياً. أما إذا أردت العودة بالتاريخ لسنوات مضت، فستجد ضمن المجموعة رسالة من آخر أحفاد المؤرخ المصري عبد الرحمن الجبرتي، أرسلها محمد فراج الجبرتي، الوحيد الباقي من ذريته، إلى أحمد لطفي السيد الذي كتب في صحيفة «الأهرام» يسأل القراء عن معرفة أحد من سلالة الشيخ الجبرتي، والرسالة مؤرخة في 11 نيسان (أبريل) 1930. يقول الفنان التشكيلي في مقدمته كراسه «إن الاهتمام بالوثائق وقراءتها بأمانة ودقة، يعلّم التجرد في مراجعة الماضي، وتجديد التراث والاعتدال، ويساهم في تأمل المستقبل والتعامل معه بشجاعة وحكمة، وينبه إلى أن الجامعات العريقة والدول التي تمتلك أرشيفات تسعى جاهدة الى اقتناء الوثائق ولو بمبالغ باهظة لوضعها تحت تصرف الباحثين لاستنتاج دروس وعبر تساهم في فك لغز الحياة». ويضيف: «إن أهمية الوثيقة كثروة تاريخية وأداة مهمة لتيسير وتنظيم حياتنا اليومية، فشهادة الميلاد من دونها لا وجود لك، ولولا وثيقة زواج الأب والأم لأصبح الابن غير شرعي، ومن دون شهادة تخرج في الجامعة من سيصدق أنك طبيب أو مهندس، فالوثيقة دليل شرعي وإثبات لجميع الأمور، وهى بلا شك ذاكرة أمة وتاريخها، وقراءة التاريخ من الوثائق مباشرة له طعم ونكهة خاصة، فهو تاريخ غير معلب ويحتشد بالتفاصيل والمعلومات الخفية في آن واحد، وكأنك تعيش الفترة نفسها».