قررت شركات مصرية كبرى الاستعانة بمؤسسات ومصارف أجنبية لترتيب قروض تحتاج إليها في تمويل عمليات توسعها، أو دخول مجالات جديدة، في محاولة للتغلب على تقييد الحدود الائتمانية بموجب القوانين المصرفية في البلاد، ولضخامة التمويل المطلوب، الذي يمثل ضغوطاً على رؤوس أموال بعض المصارف. وكانت شركة «القلعة» للاستثمارات سلطت الضوء منذ 6 شهور على هذه العقبة، بعد عجز السوق عن مساعدتها في الحصول على نحو 2.3 بليون دولار، لأحد مشاريعها النفطية، واضطرارها لطلب الجزء الأكبر من التمويل عبر وكالات كورية و «بنك الاستثمار الأوروبي»، وهو وضع يعاني منه معظم الشركات الكبرى في السوق المحلية. وكانت شركة «أوراسكوم للإنشاء والتعمير» أولى الشركات الكبرى في الوصول إلى الحدود المقيدة للحصول على تسهيلات ائتمانية جديدة، بعد أن تجاوزت ذلك نتيجة نشاطها الخارجي الضخم، ما أدى إلى توقف المصارف عن تمويلها لاستنفاد الرصيد، ما دفعها إلى البحث عن تمويل من الأسواق الخارجية وتغيير بعض خططها. هذا الوضع سلط الضوء على واحدة من أهم مشاكل سوق التمويل المصرية. وفي مقدم الصعاب التي تواجهها السوق أن المصارف المتمرسة على ترتيب القروض المشتركة مثل «الأهلي» و «مصر»، و «التجاري الدولي»، و «سيتي» و «الأهلي سوسيتيه جنرال»، باتت غير قادرة على تقديم العون لها، وأصبح عليها البحث عن زبائن جدد حتى لا تتأثر معدلات الائتمان لديها. وفي المقابل عدلت الشركات الكبرى خططها داخل السوق، واضطرت للجوء إلى مصارف حديثة العهد داخل السوق المحلية لترتيب ما تحتاج إليه من قروض وتسهيلات، حتى لا تضطر إلى طلب التمويل من الخارج، والذي قد لا تحصل عليه. ويرى الخبير المصرفي نبيل حشاد أن هذا التحول في سوق التمويل المحلية يمكن أن يهدد النسبة الضئيلة من التوظيفات الكبرى، وزبائن الائتمان الرأسمالي الكبار، الذين نجحوا في الحفاظ على معدلات منح الائتمان المحققة، بعد تحفظ المصارف المحلية تجاه منح الائتمان، نتيجة تزايد معدلات التعثر المصرفي. وطالب الخبير بمراجعة شروط منح الائتمان لتلك الشركات في الداخل، وكذلك قيام المصارف المحلية بابتكار شرائح ائتمان جديدة داخل قطاع الائتمان الرأسمالي، من دون الاعتماد فقط على عمليات الائتمان الاستهلاكي وحدها، كما هي الحال الآن مع لجوئها إلى تقديم خدمات التجزئة المصرفية.