سيكون المنتخب السعودي على موعد مع أزمة جديدة بعد أن فشل رئيس الاتحاد السعودي أحمد عيد بالإيفاء بوعده الانتخابي، إذ كان أول رئيس اختاره الرياضيون عبر الصندوق وعد بوضع «الأخضر» في المركز ال40 في قائمة تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» للمنتخبات، لكن الأخضر يقف اليوم على بعد 62 مركزاً من ذلك الموقع، بعد أن بلغ في أفضل مركز له بإدارة الاتحاد السعودي الحالي في عام 2013 حين احتل المركز ال87. التصنيف الذي بدأ اهتمام السعوديين به يتقلص يوماً بعد آخر حتى تحول إلى نكتة في مواقع التواصل الاجتماعي، سيعود اليوم إلى واجهة المشهد الرياضي السعودي بشكل كابوس هذه المرة ف«الأخضر» مهدد بخسارة فرصة التأهل إلى مونديال روسيا 2018، بعد أن حرمه التصنيف فرصة الوقوف على رأس مجموعة في التصفيات المؤهلة إلى المونديال، إذ يحتل المركز ال11 آسيوياً بحسب التصنيف، وبالتالي قد ترميه القرعة في وجه أحد أصحاب المراكز الثمانية الأُول، إذ من المنتظر أن تكشف عن ذلك قرعة التصفيات الأولية الآسيوية المؤهلة إلى كأس العالم المقامة يوم ال11 أو ال17 من نيسان (أبريل) المقبل، على أن تبدأ أولى جولات التصفيات في يونيو وسبتمبر وأكتوبر ونوفمبر 2015 ومارس 2016. الخروج السعودي المبكر من دور المجموعات في بطولة أمم آسيا حرمه فرصة الوقوف على رأس مجموعة، إذ كان يكفي الأخضر الفوز أو التعادل مع أوزبكستان وبلوغ الدور الثاني من البطولة ليجمع ما يكفي من النقاط للارتقاء بمركزه في القارة الآسيوية، وبحسب النتائج الأخيرة للمنتخبات الآسيوية فإن ترتيب الثمانية الكبار في القارة لن يتغير كثيراً، إذ سيحفظ لإيران صدارتها بينما تأتي كوريا الجنوبية في المركز الثاني تليها اليابان، أما «الكنغر» الأسترالي فقفز بشكل لافت بفضل البطولة القارية التي توّج بلقبها، إذ حلّ في المركز الرابع، بعد أن كان في ال10 قبل البطولة، على الإمارات وأوزبكستان في المركز الخامس والسادس على التوالي، تليهما الصين وعُمان، أما السعودية فبقيت في مركزها ال11 مطالبة بتجاوز كل من الأردن والعراق وإسقاط عُمان لضمان مقعد بين الثمانية. في وجه الإحباط الكبير الذي يعيشه الشارع الرياضي السعودي بعد التراجع المقلق للمنتخب السعودي في التصنيف الدولي تبنّت الكثير من الجماهير آراء تطالب بتعديل الوضع الحالي من خلال زيادة عدد المباريات الودية في الفترة الحالية وبالتالي جمع أكبر عدد من النقاط بشكل سريع وهو الرأي الذي خالفه بشده عضو لجنة المسابقات في الاتحاد السعودي لكرة القدم نعيم البكر. البكر الذي تسببت تغريداته قبل انطلاق كأس الخليج الأخيرة في زيادة الإحباط لدى الجماهير السعودية بعد أن أكد أن البطولة المناطقية لن تخدم الأخضر ولن تغير كثيراً من موقعه في التصنيف الدولي حتى وإن حقق لقبها، عاد اليوم لشرح تفاصيل التصنيف الدولي وأسباب رفضه المشاركة في الكثير من المباريات الودية، إذ يقول: «لا تعني زيادة المباريات بالضرورة زيادة النقاط، فالكثير من العوامل تدخل في معادلة زيادة النقاط»، ويضيف معلقاً على كأس الخليج تحديداً: «كما يعرف الجميع فإن كأس الخليج ليست بطولة رسمية، وبالتالي فإن مبارياتها كافة تعتبر ودية، وفي معادلة نقاط التصنيف الدولي فإن مثل تلك المباريات لن تمنح الفائزين الكثير من النقاط». البكر شرح ل«الحياة» آلية احتساب النقاط في التصنيف الدولي بشكل مفصّل وهي النتيجة التي تأتي محصّلة لمعادلة رياضية بالغة التعقيد، فالاتحاد الدولي لكرة القدم يأخذ في الاعتبار أربعة عوامل مختلفة لكل مباراة. 1- نقاط المباراة: ثلاث نقاط للفوز، واحدة للتعادل، وصفر للخسارة. 2- أهمية المباراة: هذا المعامل يتغير بحسب نوع البطولة التي تقام ضمنها المباراة، فيكون في حدّه الأقصى أربع إذا كانت المباراة تقام ضمن منافسات كأس العالم، وثلاث في حال كانت المباراة تقام ضمن منافسات البطولة القارية أو بطولة كأس القارات، واثنتان ونصف للمباريات المقامة ضمن منافسات تصفيات كأس العالم أو تصفيات البطولة القارية، ونقطة واحدة فقط في المباريات الودية أو البطولات المصغّرة، التي من بينها كأس الخليج. 3- قوة الخصم: من خلال طرح تصنيف المنتخب من الرقم 200، فمثلاً قوة المنتخب السعودي اليوم إذا ما أردنا وضعها في معادلة تصنيف ستكون 98، بناء على خصم مركز المنتخب السعودي في التصنيف 102 من الرقم الثابت 200، بينما ستكون قوة كولمبيا في المعادلة ذاتها 197 بحكم أن تحتل المركز الثالث في التصنيف الدولي. 4- قوة الاتحاد القاري: هذا المعامل يسحب بطرق مختلفة، ففي حال كانت المباراة تجمع منتخبين من قارتين مختلفتين نجمع قوة الاتحادين للحصول على المتوسط، أما إذا كان المنتخبان من القارة ذاتها فتبقى قوة الاتحاد القاري ثابتة، قارة أميركا الجنوبية تتصدر القارات بناء على هذا العامل فقوتها تعتبر 1 كاملاً، بينما يكون 99, في حال كان الخصم أوروبيا، و85, إذا كان الخصم من أية قارة أخرى، ولتمثيل على ذلك فإن مباراة تجمع السعودية بكولمبيا سيدخل هذا العامل فيها بالرقم 92.5، كنتيجة لجمع قوة الاتحاد الآسيوي بقوة أميركا الجنوبية (1+85. = 1.85 / 2 = 92.5). التجربة الليبية... ذكاء السيطرة على التصنيف في العام 2009 كان المنتخب الليبي يقع في المركز ال115 في التصنيف الدولي للمنتخبات، وبعدها بثلاثة أعوام بالتمام بلغ المركز ال54 في أحسن تصنيف للمنتخب الأفريقي طوال مسيرته، القفزة الكبيرة في التصنيف لم تأت بناء على مباريات دولية رسمية أو حتى تحقيق بطولة قارية، بل نتاج خطة وضعها الاتحاد المحلي ركزت فقط على تعديل مركز المنتخب في التصنيف. يمكن لأي منتخب أن يسير وفق خطة كتلك لتعديل مركزه في التصنيف الدولي بحسب ما يؤكده عضو لجنة المسابقات في الاتحاد السعودي نعيم البكر، الذي يضيف معلقاً على التجربة الليبية: «الاتحاد الليبي صب جل تركيزه على تعديل التصنيف الدولي، فكان له ذلك، لكن الأمر لم يكن هيناً، بالتأكيد تلك التجارب تحتاج إلى الوقوف على كل خطوات المنتخب والعمل عليها». الاتحاد الليبي لكرة القدم خلال الأعوام الثلاثة التي شهدت تقدمه المذهل في التصنيف كان يركز على اختيار المباريات الودية التي ينوي خوضها، بمعنى البحث عن مباريات قادرة على رفع تصنيفه وتجاهل غيرها، في المقابل ومتى كانت الحاجة الفنية تستدعي المشاركة في مباريات ودية قد تؤدي إلى تراجع المنتخب في التصنيف كان الاتحاد الليبي يخطر الاتحاد القاري بعدم نيته اعتماد القائمة الأساسية في المباراة، ما يزيل تلك المباراة من سجل «فيفا»، وبالتالي من المباريات المدرجة ضمن تصنيف المنتخب. البكر يعلق على تفاصيل تلك التجربة فيقول: «قرأت كثيراً عن التجربة الليبية، وهي تجربة ذكية للتعامل بالأرقام، وكان من الممكن أن يطبقها أي منتخب آخر، ربما أننا في السعودية نملك متسعاً من الوقت لتجربتها لكننا لا نملك ذلك الوقت في الفترة الحالية أو تحديداً قبل قرعة تصفيات كأس العالم المقبلة، فتجربة كتلك تستغرق على الأقل سنتين»، ويتابع: «تطبيق مثل تلك التجربة يحتاج إلى وعي جماهيري بقيمة كل مباراة ودورها في تحسين وضع المنتخب وهو ما لا يزال غائباً عن الكثيرين، فمباراة كوريا الجنوبية الودية التي خسرها المنتخب السعودي قبل انطلاق البطولة القارية ستسقط من قائمة المباريات المدرجة في تصنيف المنتخب السعودي بحكم أنها لم تسجل كمباراة رسمية على موقع فيفا، مثل ذلك الخبر مرّ مرور الكرام على الجميع في السعودية على رغم أنه مؤثر جداً في تصنيف المنتخب السعودي». ... وخطر الغياب عن مونديال روسيا بات وشيكاً قلّص تراجع المنتخب السعودي الأول إلى المركز ال11 في القارة الآسيوية من حظوظه في بلوغ مونديال روسيا 2018، إذ يعني هذا التراجع حرمان الأخضر من الوقوف على رأس إحدى المجموعات في التصفيات المنتظر انطلاقها العام الحالي، وخصوصاً أن نظام البطولة يمنح أبطال المجموعات حق التأهل مباشرة للدور الثاني، إضافة إلى أفضل أربعة حلّوا في المركز الثاني. المعادلة السابقة تعني أن المنتخب السعودي قد يأتي، بناء على القرعة المنتظرة، في مجموعة تضم بطل القارة الآسيوية المنتخب الأسترالي أو كوريا الجنوبية أو اليابان أو خمسة من أفضل ثمانية في تصنيف القارة، بناء على ذلك سيكون «الأخضر» مجبراً على تحقيق أفضل النتائج حتى وإن خسر فرصة صدارة المجموعة، بحثاً عن حصد التأهل عبر المركز الثاني إذا ما تجاوز مجموع نقاطه نقاط أربعة حلّوا في المركز ذاته في المجموعات المتبقية. تغيير التصنيف يحتاج إلى معجزة لأن معادلة تصنيف المنتخبات العالمية مبنية على الأرقام والمباريات، فإن أمر تغيير مركز المنتخب السعودي الأول الحالي وارد من خلال عدد من المعادلات التي تضمن له حصد المزيد من النقاط، لكن تفعيل تلك المعادلات بالطريقة المطلوبة يبدو مستحيلاً. لجمع المزيد من النقاط خلال الشهر الجاري شباط (فبراير) أي قبل قرعة التصفيات الآسيوية المنتظرة، فإن المنتخب السعودي مطالب بلعب عدد من المباريات الودية، لكن الحاجة إلى حصد عدد كبير من النقاط تعني لعب مباريات ودية قوية مع منتخبات تحتل مراكز متقدمة في التصنيف، فخوض مباريات سهلة مع منتخبات متأخرة في التصنيف لن يمنح المنتخب السعودي أية فرصة للتقدم. فالمباراة الودية «المفترضة» التي قدّمتها «الحياة» مثالاً في الصفحة الحالية لاحتساب نقاط التصنيف والتي تجمع المنتخب السعودي بنظيره الفلسطيني إذا ما كسبها الأول لن تمنح «الأخضر» إلا خمسة نقاط فقط. البحث عن المعجزة شبه المستحيلة التي تضمن للمنتخب السعودي التقدم في التصنيف يعني استغلال أيام «فيفا» المقبلة بإقامة مباريات ودية قوية، وبحسب الأنباء المتداولة اليوم والتي لم تؤكد بعد فإن «الأخضر» قد يلتقي كولومبيا ودياً، مباراة كتلك إن أقيمت ونجح الأخضر في كسبها فإنها ستمنحه 38 نقطة، لكنه مطالب أيضاً بلعب مباراة أخرى قوية ولو افترضنا أنه قرر خوضها أمام بولندا ونجح في الفوز فإنه سيحصد 23.5 نقطة. تلك النقاط ستكون كفيلة بتغيير موقع المنتخب السعودي، لكن ولتعقيد المعادلة فإن وضع «الأخضر» سيكون محكوماً بظروف المنتخبات الثلاثة التي تسبقنا في التصنيف الآسيوي، وبانتظار ألا يلعب منهم أية مباراة ودية يكسبها، فحتى ولو خاض أحدهم مباراة أمام منتخبات متأخرة ونجح في كسبها فإنه سينجح في التقدم في التصنيف، لذلك يمكن أن نقول إن احتلال السعودية لأحد المراكز الثمانية الأولى يحتاج إلى معجزة.