يبدو أن محطات التلفزة اللبنانية اكتشفت أن للبرامج الفكاهية جمهوراً عريضاً فأطلقت ما يمكن تمسيته «مواسم الضحك». من هذه المحطات من لم يكتف بما يقدمه من برامج كوميدية - انتقادية في حلقة اسبوعية مؤلفة من 4 أو 5 اسكتشات وأغنية قولبت كلماتها، بل أطلق أخيراً برامج يتنافس المشاركون فيها على اضحاك الجمهور بنكات وطرائف متخيلة أو واقعية. ومن هذه البرامج برنامج جديد أطلقته «أل بي سي» في عنوان: «كلمنجي» لبيتر خوري فكرة وإعداداً وإخراجاً. وبحسب بيان تعريف البرنامج عشية اطلاقه في حلقته الأولى الأربعاء 21 تشرين الأول(أكتوبر)، فإنه عمل «كوميدي لبناني مئة في المئة، وجديد من نوعه وبفكرته. كلام، تمثيل، أدوار واقعيّة وأخرى مركبّة ومبتكرة، ومشاهد حيّة تلتقطها كاميرا «كلمنجي»، من خلال جولات على شوارع لبنان وطرقاته. المعدّ والمخرج بيتر خوري يدعو المشاهدين لاكتشاف البرنامج، وال «ال بي سي» تدعو مشاهديها للضحك معاً في محطّة أسبوعيّة عنوانها «كلمنجي» وشعارها الضحك الدائم». منذ حلقته الأولى لم يبد البرنامج مفهوماً، لكن في ما تلاها بدا أكثر متعة وقرباً إلى الناس وبخاصة العامة منهم. فهو ليس برنامجاً يجمع فيه ممثلون ومقدمو برامج وكوميديون ليرووا للناس فكاهات بعد سيل من الضحك الذي يبدو مصطعناً سلفاً وغير مصطنع، انما الكلمنجيون هم اناس عاديون عفويون مرّوا باختبار «الظرف» امام المعدين والمشاهدين قبل أن يصبحوا ضيوفاً لحلقة أو اثنتين في استديو ال «كلمنجي» الذي هو عبارة عن حافلة تجوب الشوارع. لم يشرح معدو البرنامج معنى كلمة «كلمنجي» للجمهور الذي يبدو إنه في حاجة إلى معرفة معناها وإن كان لبنانياً محضاً، لأن الأجيال الجديدة حتى في القرى والأرياف لم تعد تتقن لهجات قراها بل تكاد تسود لغة بيضاء استغني فيها عن كثير من الصفات التي تستخدم فيها ال «جي» وهي تعود الى ايام العثمانيين وتضاف إلى كل حرفة لتلقيب صاحبها، كأن يقولون لصاحب الدكان «دكنجي» وللكهربائي «كهربجي» وللبنّاء «معمرجي»... وللمتكلم «كلمنجي». وهنا هو راوي الفكاهات والطرف. واللافت أن أهمية هذا البرنامج لا تكمن في المكانة التي بدأ يحتلها وما يتوقع له من نجاح فحسب، بل في أنه برنامج تفاعلي قريب من الجمهور إلى أقصى درجة حتى أنه لا يستبعد أن يكون منصة تنطلق منها مواهب كثيرة كوميدياً. والتفاعلية لا تتأتى من تصبّر الجمهور أمام الشاشة لسماع النكات وبعضها جديد وجميل، بل من تلك الكاميرا التي ينصبها البرنامج كل مرة في منطقة محدداً مكانها وزمانها، وداعياً الناس والظرفاء الى المشاركة في البرنامج عبر رواية طرائفهم أمامها. واللافت أيضاً أن الناس لا يتوانون عن المشاركة والتنادي ليقفوا أمام هدف واحد هو الضحك والإضحاك عبر تلك الشاشة التي تعيد للتلفزيون هنا صنعة الإمتاع في زمن عزّ فيه الضحك من القلب.