الاجتماع التشاوري الذي عقده ستة من وزراء الخارجية العرب في العاصمة الاردنية عمّان بحضور الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى، اول من امس، للاتفاق على آلية التحرك العربي لدعم مقررات القمة العربية الاخيرة في الدوحة واستغلال فرصة زيارة العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني لواشنطن نهاية الشهر الجاري، لن يقدم شيئا جديدا. بعد انخراط سوريا في عملية السلام، اصبح بإمكان الانظمة العربية القول إنها تملك موقفاً موحداً من قضية السلام، على أساس المبادرة العربية وحل الدولتين، لكن المشكلة ليست في الانظمة العربية واتفاقها، واختلافها على التفاصيل، وانما في التنظيمات والاحزاب العربية التي تتخذ موقفاً يتناقض تماما مع الموقف الرسمي للانظمة، ويصادمه في شكل مبدئي وعنيف، ناهيك عن ان موقف هذه التنظيمات المسلحة، أصبح مدخلاً لإضعاف أي تحرك رسمي، ووسيلة تستخدمها الدولة الصهيونية، ليس للمماطلة، وكسب الوقت، واخذ المزيد من التنازلات، بل ولشنّ عدوانها على الشعب الفلسطيني والتنكيل به ساعة تريد. لا شك في ان بلورة موقف عربي موحد والتحدث بلغة واحدة مع المجتمع الدولي، سيبقيان أعرجين، طالما استمر العرب يتحدثون مع العالم بخطابين، الاول مؤمن بالسلام، ويعتبره الخيار الاول والوحيد، والآخر يرفض هذا المنطق تماماً، ويستند الى موقف مبدئي، يرفض فكرة الاعتراف باسرائيل، ناهيك عن التفاوض معها. والاهم ان هذه التنظيمات المسلحة لم تعد تلعب دورها المتناقض مع الموقف الرسمي على الارض التي يفترض انها تابعة لها، وبدأت تتحرك لممارسة رفضها على أراضي دول أخرى، وما قام به حزب الله على الارض المصرية، يشير الى ان القضية لا تحتمل التبسيط، واختصارها بالمعارضة والموالاة في لبنان، و «فتح» و «حماس» في الاراضي الفلسطينية، القضية اكثر تعقيدا، او هي في طريقها الى ذلك. ليس أمام العرب اليوم الا الجلوس ومعاودة صوغ موقفهم بالتفاهم مع هذه الاحزاب، وسحب سلاحها، ومن دون حل على هذا المستوى، فإن المعركة باسم المقاومة، سترتد الى الداخل العربي، وسنعود الى شعارات تحرير القدس عبر العواصم العربية. وربما اصبح السلام وسيلة لاحتلال وتفتيت بقية دولنا، وسنصبح مع السلام مثل المنبتّ، لا ارضاً قطع، ولا ظهراً ابقى، كما ان استمرار السكوت على وجود القرار السياسي بيد الأنظمة، والسلاح بيد المنظمات، سيفضي الى حروب تأتي على الباقي من استقرار المنطقة.