أبدى اختصاصيون مخاوفهم من التأثير السلبي لألعاب العنف الموجهة للأطفال، مؤكدين أن حالات العنف التي تتركها الألعاب على الأطفال تؤدي إلى ترسبات في داخلهم تجنح بهم إلى العنف، خصوصاً لدى غياب التربية والتوجيه الذي يمنع من تحول ألعاب العنف إلى سلوك يظهر إلى السطح، ويقودهم إلى الانضمام للتنظيمات الإرهابية أو العصابات الإجرامية. وكشف الاختصاصي النفسي الدكتور فالح المنصور ل«الحياة» أن «تأثير الألعاب في تشكيل شخصية الطفل في مراحل عمرية مبكرة يصل إلى 35 في المئة من مجموع العوامل التي لها تأثير في تشكيل شخصيته»، وقال: «غرد أحد الإرهابيين في تنظيم داعش بأنه تربى في بيئة محافظة جداً وسط السعودية، وكان يفضل الألعاب القتالية التي من شأنها إفراغ طاقته وإثارة فضوله في الدفاع عن الدين الإسلامي، واستوقفتني تغريدته، وبقيت متابعاً له إلى أن غرد مرة أخرى تغريدة محتواها أن الألعاب القتالية التي تضم فرقاً محاربة وجنوداً وغيرها أساس رغبتي في الانضمام لداعش»، رافضاً اعتبار أن ما ذكر «قاعدة أساسية»، مضيفاً: «الألعاب البلاستيكية وألعاب القتال الإلكترونية على أجهزة «الإكس بوكس» أو «البليستيشن» كثيراً ما تسبب عنفاً لدى الناشئة، وكنا في الفترات السابقة نحذر من العنف الناجم عن هذه الألعاب وإطلاق حملات واسعة إعلامياً وميدانياً، وحالياً أصبح التحذير من أن أحد بنود التربية الداعشية هو التفنن في الألعاب الإلكترونية القتالية والإدمان عليها، ومن هنا نحذر من ظهور نماذج بشرية قتالية تلتحق بصفوف الجبهات الإرهابية مستقبلاً، فحالياً تغيرت وجهة النظر والتحذير من طبيعة تلك الألعاب من عنف وضرر وتطبيقات واقعية إلى تخوف من الانضمام للإرهاب». من جانبها، أكدت التربوية فاطمة عبدالرحمن أن «إطلاق حملات تحذيرية وتوعوية من الألعاب القتالية يبدأ من المنزل، فهناك أطفال تستهويهم طبيعة تلك الألعاب، محاولين رد صفوف المعتدين خلال اللعبة إلى أن أصبح المعتدي ليس الكافر وإنما المسلم الذي يقتل أخاه المسلم، فهل هذه التربية هي التربية الإسلامية أم التربية الداعشية المنحرفة، التي تسهم في تكثيف كميات الإرهاب داخل نفوس الناشئة؟»، مستشهدة «بأحداث حرب العراق، إذ منعت الحكومية العراقية كل ما يتعلق بالألعاب القتالية وأشرفت الدولة على الحملة بسبب ما شهدته من أحداث متتالية وتفجيرات وغيرها من مظاهر عنف تولد جيلاً غير قادر على التمييز بين الإرهاب والجهاد ضد العدو». من جانبه، أبدى الباحث في الأمن الفكري الدكتور نايف عويد ل«الحياة» استياءه من تحويل الألعاب القتالية إلى تطبيق واقعي، مبيناً «أن ما غرد به أحد الإرهابيين في تنظيم داعش في العراق وسورية حول هوايته منذ صغره في الألعاب القتالية ما هو إلا تحريض للجيل الناشئ، ربما يكون هذا الشخص كاذباً، فهو يحاول استمالة المراهقين والأطفال لجذبهم بطرق مبطنة، فهل يمكن أن يتحول فكر جيل المستقبل إلى إرهابي؟». وأضاف: «يبقى الأمر بيد البيئات التربوية والمنزلية، والمفترض أن يخوض الطفل اللعبة القتالية ويتعرف عليها في جميع البرامج، سواء الإلكترونية أو اليدوية، مع إيضاح وغرس فكر سليم في عقله، فلا يمكن أن يصبح أطفالنا ممنوعين حتى عن اللعب، فالإرهاب لن يخيفنا ويمنعنا من ممارسة حياتنا بالشكل الطبيعي، وإنما يحمينا من فكرهم، لنغرسه في فكر أبنائنا بالصورة الإيجابية، ولا يمكن إلغاء اللعبة التي تستهوي الطفل من خيارات النجاح في شهادته المدرسية، فأنا ضد هذا التفكير، إذ لا بد للطفل أن يختار ما يراه مناسباً له، مع التنشئة والتربية السليمة».