باشرت السعودية مساعي مكثفة، تهدف إلى الاستفادة من دول شرق أفريقيا، وضخ استثمارات في عدد من القطاعات الاقتصادية، لتحقيق شراكة بين المملكة وخمس دول أفريقية، ما يعود بالفائدة على الجانبين. ويستعد مسؤولون حكوميون بارزون ومستثمرون ورجال أعمال ومؤسسات مال وصناديق في كل من السعودية وخمس دول شرق - أفريقية لعقد ما يمكن اعتباره قمة اقتصادية غير مسبوقة، تستهدف إرساء الأسس لتعزيز الروابط الاقتصادية والتدفقات الاستثمارية بينها، خلال «الملتقى السعودي الشرق - أفريقي»، المقرر عقده في أديس أبابا في 14 و15 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. ويجمع الملتقى خمس دول أفريقية هي: أثيوبيا، أوغندا، تنزانيا، كينيا، وجيبوتي، إضافة إلى كبرى دول الخليج عضو مجموعة ال20 والدولة الأكثر تأثيراً في اقتصادات الطاقة العالمية أي السعودية. وعلى رغم العلاقات التاريخية المتشعبة بين الجزيرة العربية ودول شرق أفريقيا، فإنها تعد المرة الأولى التي يعقد الطرفان اجتماعاً اقتصادياً وتنموياً على هذا المستوى من الأهمية، وما يلفت المستوى الرفيع لمشاركة الدول الأفريقية، التي يحضر قادتها أو رؤساء حكوماتها وكبار وزرائها. ويستقطب الاهتمام الحرص الكبير والبارز، الذي تبديه السعودية للحدث، إذ حرصت على إيفاد أربعة من وزرائها المعنيين بشؤون الاقتصاد والمال والتجارة والبنية الأساسية على رأس وفد سعودي، يضم مجموعات الأعمال والصناعة والمستثمرين. وحرصت المملكة على دعم الملتقى بمعرض كبير، تشارك فيه أكثر من 50 من الشركات السعودية الكبرى العاملة في مجالات الزراعة والصناعة والطاقة والخدمات، وتنظم هذه الشركات ورش عمل، تستهدف التعريف بمنتجاتها، وتوثّق في الوقت ذاته الأواصر وروابط الصداقة مع نخبة الأعمال والإعلام والرأي العام في الدول الأفريقية الخمس. وتنظر الأوساط الاقتصادية والمراقبون لهذا الحدث التأسيسي، باعتباره تحولاً بالغ الأهمية على طريق عقد تحالف اقتصادي، يجمع بين الموارد الطبيعية والطاقات الاقتصادية والبشرية غير المحدودة للدول الأفريقية الخمس، وبين الموارد الهائلة للسعودية وتجربتها الواسعة، وخبرتها الغنية في التنمية الاقتصادية والتعامل مع الاقتصاد الدولي. وتعتبر الدول الأفريقية الخمس، سوقاً ضخمة تضم نحو 190 مليون مستهلك، وهي أسرع الاقتصادات الأفريقية نمواً، وهي في حاجة ماسة إلى استثمارات ضخمة تساعدها في تفعيل طاقتها ومواردها، وتمكنها أيضاً من خلق فرص عمل للمواطنين. وفي المقابل، تتمتع السعودية بموارد مالية ضخمة، سواء الاحتياطات المالية للدولة، أو الثروات الخاصة الضخمة للأفراد والمجموعات والمؤسسات، ويسعى السعوديون لهذا السبب إلى إيجاد فرص الاستثمار المناسبة في الخارج، وهم قرروا كما يبدو تخصيص اهتمام كبير لدول شرق أفريقيا، لا سيما في مجال التنمية الزراعية. ويعتبر خبراء اقتصاد، أن السعودية تمثل شريكاً مثالياً لدول شرق أفريقيا، نظراً الى كونها من أكثر الدول تمتعاً بالاستقرار السياسي والأمني، وهي أيضاً من بين أكبر الدول المستوردة، فضلاً عن كونها تمثل سوقاً ضخمة تتمتع بناتج محلي يقارب 400 بليون دولار سنوياً، وهي أكبر بلد مصدر للنفط في العالم. وبحسب مصادر، فإن ملتقى أديس أبابا سيركّز، مداولاته وورش العمل التي ترافقه على تحديد أسس استراتيجية الشراكة الاقتصادية بين الجانبين، وعلى المشاريع ذات الأولوية، ومعوقات الاستثمارات والإصلاحات المرغوبة، والإجراءات والمبادرات الأخرى المصممة، لتشجيع التدفقات الاستثمارية السعودية إلى بلدان شرق أفريقيا. ويتوقع أن يركز الملتقى أعماله وحواراته على مواضيع مثل فرص الاستثمار في البنية الأساسية، وصيغ الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والزراعة والصناعات الزراعية، والمحاصيل الموجهة للتصدير، والمشاريع الصناعية، والسياحة والعقار ومراكز التسوق، وفرص الاستثمار في قطاع الطاقة.