أكدت مصادر ديبلوماسية سورية وكرواتية ل «الحياة» أن زغرب ودمشق تسعيان إلى تجديد علاقاتهما التاريخية وفق معايير جديدة أساسها المصالح المشتركة، بحيث تطل سورية على جنوب شرقي أوروبا من «النافذة» الكرواتية وتشكل سورية بوابة لكرواتيا على العالم العربي والشرق الأوسط. ويبدأ الرئيس السوري بشار الأسد اليوم زيارة رسمية لزغرب تستمر يومين، يجري خلالها محادثات مع نظيره الكرواتي ستيبان ميسيتش الذي كان زار دمشق مرتين في 2004 و2008، إضافة إلى لقاء رئيسة الوزراء بادرانكا كوسر ورئيس البرلمان لوكا بيبش. ويضم الوفد السوري نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبدالله الدردري ووزير الخارجية وليد المعلم والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان ومعاون وزير الخارجية عبدالفتاح عمورة. وفيما سيركز الجانب السياسي من المحادثات على البحث في تطورات الأوضاع الإقليمية والدولية والعلاقات الثنائية بين البلدين وآفاق التعاون في مختلف المجالات، عُلم أن الدردري سيلتقي وفداً من رجال الأعمال للبحث في تطوير العلاقات الاقتصادية والإفادة من اتفاق منع الازدواج الضريبي. وتوقعت مصادر كرواتية أن يوقع مسؤولون اقتصاديون مذكرة تفاهم لتأطير التعاون، على أن يتم في بداية العام المقبل توقيع أربعة اتفاقات لتعزيز التعاون في مجال الاستثمارات والنقل والاقتصاد لرفع مستوى التبادل التجاري الذي يبلغ بضعة ملايين من الدولارات، ليصبح متناسباً مع العلاقات السياسية. وقالت المصادر الكرواتية إن الجانبين «يريدان البناء على العلاقات التاريخية بين سورية ويوغسلافيا السابقة لتجديد العلاقات على أساس المصالح المشتركة التي باتت تشكل لغة العصر، مستفيدين من توافر الإرادة السياسية لدى الطرفين»، بعدما أشارت إلى العلاقات التي كانت تربط دمشق بيوغسلافيا منذ تأسيس جوزف بروز (تيتو) مع الرئيس المصري الراحل جمال عبدالناصر ورئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو «حركة عدم الانحياز» في منتصف الخمسينات من القرن الماضي وزيارته دمشق أكثر من مرة. وأشارت المصادر من الجانبين إلى تجربة «شركة صناعة النفط» الكرواتية (اينا) التي بدأت منذ كانت شركة حكومية يوغسلافية العمل في مجالات التدريب والتعاون مع الحكومة السورية في العام 1965. وقال مدير الجانب الكرواتي في المفاوضات مع سورية نيسان خوشابا ل «الحياة» أمس إن «اينا» تنوي رفع قيمة استثماراتها في سورية إلى نحو بليون دولار العام المقبل، ما سيؤدي إلى انتاج نحو أربعة ملايين متر مكعب من الغاز يومياً وأكثر من ثمانية آلاف برميل من النفط يومياً في منطقتي «حيان» و «افاميا» النفطيتين وسط البلاد. ويعمل حالياً نحو 400 خبير كرواتي في قطاع النفط السوري، انتظمت في الأشهر الماضية رحلات اسبوعية لنقلهم بين دمشق وزغرب، كما يدرس الطرفان تشغيل خط نقل جوي دائم بين البلدين، إضافة إلى البحث في تبادل فتح السفارات في عاصمتي البلدين. ويشارك نحو مئة جندي كرواتي في «القوات الدولية لفك الاشتباك» في الجولان (اندوف) التي تضم أكثر من 1200 جندي، إضافة إلى مشاركة البلدين في «عملية برشلونة: الاتحاد من اجل المتوسط» التي انطلقت في قمة باريس في تموز (يوليو) العام الماضي. وساهمت هذه المعطيات في البحث في تجديد العلاقات بين البلدين. وقبل وصول الرئيس السوري لبدء زيارته الرسمية اليوم، رُفع علم بلاده في ساحة «تيتو» وسط عاصمة كرواتيا. وتمر كرواتيا بعملية إصلاح ضمن الانتقال من اقتصاد مركزي التخطيط إلى اقتصاد السوق مع مراعاة الأبعاد الاجتماعية، في وقت قامت الحكومة السورية بإصلاحات اقتصادية وتشريعية ومالية ضمن «اقتصاد السوق الاجتماعي» في السنوات الماضية.