وجدت شركات الاتصالات وتقنية المعلومات المحلية والإقليمية والعالمية في دورة العام 2009 من معرض المعلوماتية والاتصالات السنوي «جيتكس دبي» الذي اختتم أخيراً في دبي، فرصة للمنافسة وتقديم ما هو جديد في عالم التكنولوجيا الرقمية. وزاد في استعار المنافسة أن منطقة الشرق الأوسط ما زالت تتميز بمعدلات نمو كبيرة في سوق ال «هاي تيك»، على رغم الأزمة المالية العالمية التي امتدت آثارها الى معظم القطاعات الاقتصادية، وتأثرت بتداعياتها الدول كلها. مواصفات عربية للسلع الرقمية لم تقتصر المنافسة بين شركات المعلوماتية والاتصالات المتطورة على مجرد تقديم منتجات جديدة خلال ايام المعرض، بل لوحظ أن تلك الشركات حرصت أيضاً على تقديم منتجات صُنعت بمواصفات «عربية»، بحيث تتلاءم مع خصوصيات أسواق العمل ومتطلبات الشركات والمؤسسات في المنطقة العربية. ومن المعلوم أن الدول العربية رصدت 10 بلايين دولار لتطوير بنيتها التكنولوجية خلال العام المقبل، في وقت تعاني بقية الدول من شحّ كبير في السيولة. والمعلوم أيضاً أن كثيراً من الاستثمارات والأموال المتدفقة في شرايين قطاعي المعلوماتية والاتصالات في العالم العربي، تأتي من القطاع الحكومي أساساً، ما يعني أن الأرقام الكبيرة في التوظيفات، تأتي من مصادر ذات تمويل مستقر. ويزيد هذا الأمر من شهية الشركات الكبرى في الحصول على حصص متنامية في أسواق المعلوماتية والاتصالات المتطوّرة في المنطقة العربية. وفي مثال لافت، اختارت شركة «مايكروسوفت» Microsoft الأميركية العملاقة، معرض «جيتكس دبي» لإطلاق نظام تشغيل الكومبيوتر «ويندوز7» Windows 7، ربما قبل طرحه في كثير من الأسواق الأخرى. وبيّنت الشركة أن من المستطاع تثبيت «ويندوز7» على اجهزة الكومبيوتر المكتبية والمحمولة، إضافة الى الأجهزة التي يشار إليها باسم «نوت بوك» Note Book. وفي حديث مع أحد المهتمين بالشأن المعلوماتي في المعرض، تبيّن أن «ويندوز 7» يسير في الاتجاه عينه الذي اخطّته الشركة في «ويندوز فيستا» Windows Vista، بمعنى التركيز على العناصر البصرية في التطبيقات المرتبطة بنظام التشغيل، إضافة الى التشدّد في مقاومة البرامج والتطبيقات غير الأصلية من الأنواع كافة، وضمنها الموسيقى والأغاني والأفلام بل حتى الكتب الرقمية التي تأتي على هيئة ملفات «بي دي أف» PDF. وطرحت شركة «سانيو» SANYO اليابانية كاميرا رقمية، مشيرة الى أنها «تتوافق مع الثقافة العربية» وتراعي رغبات المنطقة. وفي التفاصيل، تبيّن أن كاميرا «اكزاكتي في تي سي جي 10» تتميّز بأنها ثنائية الوظيفة، ولون هيكلها الخارجي ذهبي، ما «يتلاءم مع شغف العرب باللون الذهبي»، بحسب ما قالته الشركة عن كاميرتها. ويمكن لهذه «الكاميرا الخليجية» تسجيل فيديو عالي الدقة، والتقاط الصور الرقمية الثابتة بدقه تصل الى 10 ميغابكسل، بتقريب بصري يصل الى 5 أضعاف. كما تتيح شاشتها التي تعمل باللمس، الوصول الى مقاطع الفيديو والصور الثابتة ومتلف الإعدادت والقوائم من خلال ابهام اليد. وعرضت شركة «اتش تي سي» HTC المتخصّصة بالهواتف المتحركة المزودة بحلول الأعمال، جهازاً جديداً، وصفته بأنه مخصص لمنطقة الخليج ومحيطها العربي. ويتضمن هذا الخليوي تطبيقات تشمل نسخة رقمية من القرآن الكريم مع ترجمة لمعانيه بعشر لغات مختلفة. كما يُظهر مواقيت الصلاة والتقويم الهجري. وفي ضوء ارتفاع معدلات القرصنة الإلكترونية وانتشار الفيروسات الرقمية، وتصاعد هجمات اختراق الشبكات والمواقع في منطقة الشرق الأوسط، على غرار ما يحصل عالمياً أيضاً بأثر من الأزمة الاقتصادية التي أثّرت في مداخيل الأفراد، أعلنت شركة «سيسكوسيستمز» Csico Systems المتخصّصة بتقنية الشبكات الإلكترونية اللاسلكية، انها طوّرت برامج متقدّمة لحماية الشبكات الرقمية التي تقدّم خدماتها للأفراد والمؤسسات. ووصفت الشركة برامجها بأنها تمثّل أفضل السُبُل لحماية الملفات والبيانات التي يجرى تداولها لاسلكياً. الحماية الروسية للحواسيب من ناحية أخرى، شهد معرض «جيتكس دبي 2009» اطلاق برامج حماية متقدمّة تتخصّص في أجهزة الكومبيوتر، بحيث تستطيع رصد أكبر عدد من الفيروسات وردعها. والمعلوم أن شبكة الإنترنت تشهد ولادة فيروس جديد كل ثانيتين، بحسب ما أعلنته غير شركة معلوماتية شاركت في هذا المعرض. وقد أبدى بعض الزوار تحفّظهم عن هذا الرقم، ورأوا فيه نوعاً من «التهويل بالإحصاءات». وفي هذا السياق، أطلقت شركة «كاسبرسكي لاب» Kasparsky Lab الروسية المتخصصة في برامج حماية الأجهزة الرقمية وشبكاتها، جيلاً من منتجاتها في الشرق الأوسط ووصفته بأنه الأفضل في حماية مستخدمي الشبكة في المنزل من تهديدات تكنولوجيا المعلومات. وصمّمت هذه المنتجات اعتماداً على اسلوب مبتكر يوفر مراقبة شاملة لنشاطات البرامج الرقمية الضارة. واشتدت المنافسة بين شركات الاتصالات المحلية والإقليمية في المنطقة خلال «جيتكس دبي 2009»، خصوصاً في إطار معرض «غالف كومسس» الذي تمدّد باستمرار في السنوات الأخيرة. وزاد من حدّة المنافسة تسارع وتيرة تحرير القطاع الذي لجأت اليه معظم الدول العربية اخيراً، إذ أعلنت شركات إقليمية عن تطوير خدماتها بالتعاون مع مؤسسات عالمية. فقد أعلنت مؤسسة الإمارات للاتصالات الخليوية «اتصالات»، عن طرح أسرع خدمة انترنت في المنطقة، مستخدمة شبكة الياف ضوئية تغطي 60 في المئة من دولة الإمارات، وتعمل بسرعة 30 ميغابايت في الثانية. وخلال المعرض، بيّنت «اتصالات» انها ماضية في خطط توسيع الشبكة الأرضية وشبكة الإنترنت، عِبْرَ إحلال شبكة الألياف الضوئية المتطورة بدل الشبكة القائمة. وتحالفت «اتصالات» مع مؤسسة «كورديز» العالمية، لتطوير وترويج سوق «تطبيقات المنصة السحابية في الحوسبة» Cloud Computing Portal Applications في دولة الإمارات، بما يتيح للشركات بمختلف أحجامها، الحصول على خدمات تكنولوجيا المعلومات وفق مبدأ «الدفع بحسب الاستخدام»، إضافة الى تعاملها مع مطورين مستقلين لبرمجيات الكومبيوتر. والمعلوم ان «حوسبة السحاب» تمثّل مبادرة معلوماتية أطلقها محرك البحث «غوغل»، ترتكز الى وضع الملفات والبيانات كافة على الإنترنت، بحيث يمكن الوصول إليها من أي مكان وفي أي وقت. وتضم سوق «تطبيقات المنصة السحابية في الحوسبة» في الاتصالات، التي عرضتها الشركة في «جيتكس 2009»، طيفاً واسعاً من تطبيقات الأعمال الجاهزة للاستخدام، التي تناسب كل الشركات بمختلف أحجامها، (الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الكبيرة). وتشمل التطبيقات عدداً من إجراءات الأعمال الأساسية مثل طلبات الشراء، والموافقة على الأسعار المقدمة، وإدارة الكوادر البشرية عبر الإنترنت، وإدارة تكاليف السفر والعديد غيرها، الأمر الذي سيساهم بشكل كبير في خفض نفقات رأس المال. وأظهر «جيتكس دبي» لهذا العام، أن المنافسة في المعلوماتية والاتصالات باتت تطاول المواقع الإلكترونية العالمية. إذ شرعت تلك المواقع في تقديم خدماتها الى المنطقة. وأعلنت شركة «غوغل» العالمية، قبل ايام قليلة من انطلاق فعاليات المعرض، عن اطلاق منتج جديد يمكّن المستخدمين العرب من تصميم موقع الكتروني باللغة العربية، في حين استبقت «ياهو» المعرض بالإعلان عن توقيع اتفاقية استحواذ على موقع «مكتوب» Maktoob العربي.