تبدأ ساعات الترفيه الليلية للشباب في العراق في وقت مبكر نسبياً. فما ان يختفي آخر شعاع للشمس حتى تتوجه غالبية الشباب الى المتنزهات العامة والمطاعم التي تجد فيها ملاذاً مناسباً من متاعب يوم من الدراسة أو العمل. فدور السينما التي كانت ملتقى الشباب في سبعينات وثمانينات القرن الماضي تحولت الى مخازن ومقاه وتراكمت القمامة عند أبواب المقفل منها. أما الملاهي التي عادت لتفتح أبوابها مجدداً في شارع أبو نواس في بغداد فلا تجتذب سوى أعداد محدودة من الشبان الذكور على وجه الخصوص. وعلى رغم اعتياد مدينة بغداد النوم مبكراً بسبب الأوضاع الأمنية المتردية في السنوات الماضية، عاد شباب بغداد الذين بعشقون السهر مع أصدقائهم لقضاء بعض ساعات ليلهم في المقاهي والمتنزهات والمطاعم التي تستقبلهم الى ما بعد منتصف الليل أحياناً. ويفضل شباب آخرون قضاء سهراتهم الليلية أمام شاشات التلفاز لمتابعة البرامج والأفلام التي تبثها الفضائيات حتى ساعات متأخرة من صباح اليوم التالي لا سيما في ليالي العطل الأسبوعية، خصوصاً أنهم جيل لم ينشأ على تعدد القنوات الفضائية. ويقول مثنى جميل، صاحب دكان، إن الشباب اعتادوا السهر في البيوت على شاشات التلفاز في السنوات الماضية بسبب عدم وجود أماكن مناسبة وملائمة للسهر ثم خرج بعضهم الى المتنزهات ومقاهي النراجيل ليلاً فيما اعتاد آخرون على روتين السهرات البيتية وتأقلموا معها. وتبدو الفتيات أقل حرية في التمتع بلحظات مماثلة مع صديقاتهن في الليل. فالعائلات العراقية نادراً ما تسمح لبناتها بالخروج ليلاً بشكل منفصل عن العائلة وإن حدث في بعض الأحيان النادرة، فإن العائلة هي التي تتولى إيصال الفتاة الى مكان السهرة والعودة لمرافقتها بعد انتهائها. وتفضل غالبية العائلات العراقية أن تكون سهرة الفتيات برفقتها على عكس الشباب الذين يفضلون قضاء أوقات خاصة مع أصدقائهم بعيدة عن عيون الأهل معتبرين أن السهر مع العائلة في المتنزهات أو المطاعم نوعاً من الروتين الممل. وتقول رغد حمزة، موظفة، إن المجتمع العراقي «لا يزال ينظر الى سهر الفتيات الى وقت متأخر خارج المنزل بشيء من التزمت فيما تختفي تلك النظرة في حال كانت الفتاة برفقة عائلتها حتى وإن امتدت السهرة الى ساعات متأخرة من الليل». وتضيف: «أسهر مع والدي ووالدتي وشقيقاتي ليلة الجمعة في أحد مطاعم بغداد ثم نخرج بعدها الى المتنزهات التي لا نغادرها قبل الواحدة صباحاً، لكني لا أستطيع القيام بأقل من ذلك وحدي». وتوفر المتنزهات جواً ملائماً للشباب من الطبقة الوسطى والفقيرة على حد سواء لكونها لا تكلف الداخلين إليها شيئاً. فالمسابح والحدائق مفتوحة أمام الجميع والداخل الى المكان لا يضطر الى الدفع إلا عندما يطلب شيئاً من المقاهي أو الأكشاك وهي في معظم الأحيان أسعارها مناسبة للجميع. أما المطاعم التقليدية فتستقبل الطبقة الوسطى العليا والغنية لارتفاع أسعارها بالنسبة الى مداخيل الشباب المتوسطي الحال أو الطلاب. وباختلاف الرؤية والتمييز بين الجنسين واختلاف أماكن السهر وتباين ملاءمتها لجيوب العراقيين، يبقى السهر وإن في الحدائق مخرجاً ملائماً لشباب محاصرين بأوضاع خاصة صعبة وعامة أصعب!