الصحف الأردنية اليومية تصدر بقياس جديد منذ بداية الشهر الجاري. تمشياً مع التوجه العالمي للصحف العريقة التي بدأت بعمليات «ترشيق» لكن الكلمة الاخيرة تبقى للقراء.تقضي عملية «ترشيق» الصحف الأردنية بتقليل عرض صفحاتها. وبموجب القياس الجديد يبقى طول الصفحة كما هو عليه أي (57.8 سنتمتر)، بينما يقل عرض الصفحة بمعدل 3 سنتمرات بحيث تصبح 35 سنتمتراً بدلاً من 38. هذا التوجه في تصغير حجم صفحات الصحف اليومية الثماني في الأردن، وهي: «الرأي» و «الغد» و «العرب اليوم» و «الدستور» و «الديار» و «السبيل» و «جودان تايمز» («الأنباط» لم تجر أي تعديل على قياسها لأنها أساساً من الحجم الصغير- تابلويد) لم يأت من فراغ، بل هو قرار قديم مبني على محادثات بين مديرين ومسؤولين في الصحف الأردنية. وكانت هذه الاخيرة أعدت دراسات أثبتت أن الحجم الجديد يوفر مبالغ جيدة لعائدات الصحف. ويشير رئيس تحرير «الغد» موسى برهومة إلى أن «القرار جاء في هذا التوقيت بسبب الضائقة المالية التي تعاني منها الصحف في ظل الأزمة المالية العالمية التي سرعت في اتخاذ هذا القرار وبسبب الغلاء المتزايد في أسعار الورق». ويساعد هذا الإجراء الصحف على ضبط تكاليف الإنتاج، وهي في شكل رئيس الورق والحبر. ويؤكد رئيس تحرير «الرأي» نقيب الصحافيين الأردنيين عبدالوهاب زغيلات أن الحجم الجديد للصحف الأردنية يساعد على خفض كلفة الورق بنسبة 8 في المئة، وهذا يشكل رقماً لا بأس به من وجهة نظره للتخفيف من العبء على الصحافة الأردنية، خصوصاً أن التوقعات المستقبلية تميل إلى زيادة تكاليف الإنتاج في شكل مطرد. ولا ينكر زغيلات أن الصحافة الأردنية تشهد تردياً مالياً، و «هذا أمر طبيعي، لأنها جزء من الصحافة العالمية التي تعاني بسبب الأزمة المالية العالمية التي سببت إغلاق صحف في كثير من أنحاء العالم»، عازياً الأمر إلى تدني حجم الإعلان نتيجة الأوضاع الاقتصادية وانعكاساتها على الصحافة. وعلى رغم أن الإعلانات تشكل دخلاً دسماً للصحف اليومية الرئيسة في البلاد، فإن الأخيرة تحاول قدر الإمكان ألا تخل بالمعايير المتعارف عليها في الصحافة. ويوضح برهومة ذلك بالقول: «نحن كصحيفة «الغد» نحاول ألا يتجاوز حجم الإعلانات حجم المادة الإعلامية. إذ ينبغي علينا كصحيفة أن نحقق التوازن بين المادة الإعلانية والإعلامية»، لافتاً إلى أنه «من دون هذه السياسة المتوازنة ستصبح جرائدنا مواد إعلانية». ولا يختلف رئيس تحرير «العرب اليوم» طاهر العدوان مع زملائه من رؤساء تحرير الصحف اليومية على ان تراجع نسبة الإعلان في الصحف ليس فقط على مستوى الأردن، بل في كثير من الدول العربية. ويرى أن «الصحافة الأردنية تصرف على نفسها من دخلها الإعلاني، فهي صحف مستقلة مالياً ولا يوجد دعم حكومي للصحافة اليومية في البلاد». وتعتبر إعادة النظر في إخراج الصحف الأردنية في هذا الشكل الجديد ليس بسبب الأوضاع الاقتصادية فقط، بل محاولة لكسر رتابتها وجذب مزيد من القراء. فمثل هذا الإجراء من وجهة نظر برهومة يسهل عملية تصفح الصحف بالنسبة إلى القراء، «اذ ان تصغير الحجم منح شكلاً رشيقاً للصحف اليومية أسوة بخيارات اتخذتها صحف عالمية». ويبدو ذلك واضحاً من خلال تعليقات القراء عبر المواقع الإلكترونية لهذه الصحف، إذ تنعدم ردود الفعل السلبية حول تصغير حجم الصفحات والشكل الجديد. ويؤكد زغيلات أن «الصحافة الأردنية اليومية مستقلة ولا دخل لها بالحكومة وليست معارضة»، وبينما تعد «الرأي» صحيفة موالية، تتبنى «العرب اليوم» الرأي الآخر بقوة. وتعتبر «الرأي» الجريدة الأولى من حيث عدد الإعلانات والنسخ الموزعة (75 ألف نسخة يومياً) ويعمل فيها 700 موظف بمن فيهم الصحافيون، بينما يقارب توزيع «الدستور» و «العرب اليوم» 30 ألف نسخة ويبلغ عدد العاملين في كل منهما 250 موظفاً. وتذهب المؤشرات إلى أن «الغد» تتفوق في عدد الاشتراكات التي تتجاوز 35 ألف نسخة، إضافة إلى عشرات آلاف النسخ التي توزّع في مراكز البيع. ويبلغ عدد العاملين في «الغد» 500 بين موظف وصحافي. وتبذل الصحف اليومية الأردنية جهوداً كبيرة للاستمرار، في ظل الأزمة المالية العالمية. وتسعى «الرأي» إلى كسر ملل القراء من خلال تقليل الكم الهائل في عدد صفحاتها بحيث لا يؤثر في المادة الصحافية. ويشير زغيلات إلى أن عدد صفحات جريدة الرأي يبلغ 82 صفحة وأحياناً 100 صفحة، وسيكون هناك «ترشيق» في عدد الصفحات من 2-3 صفحات في كل قسم، بينما لم تظهر صحف أخرى نية في تقليل عدد صفحاتها. واتجهت «الغد» أيضاً إلى كسر الملل لدى قارئها من خلال زاوية تعليقات القراء التي شكلت جانباً مهما من تفاعل الصحيفة معهم. ويجمع رؤساء التحرير على أن الصحف اليومية الأردنية مستمرة وتستطيع أن تحافظ على نفسها وتتحدى الأزمة المالية من خلال الإبقاء على العلاقة الوثيقة مع القراء الذين تسعى كل الصحف إلى جذبهم باستمرار.