قررت الحكومة الألمانية أخيراً التدخل لطمأنة الاقتصاديين الألمان الخائفين من وصول الإقراض المصرفي للشركات ورجال الأعمال إلى طريق مسدود، في وقت تتزايد الإشارات إلى بدء مرحلة انتعاش جديدة. وأقرت الحكومة تخصيص 10 بلايين يورو للمصارف من أجل تأمين القروض المطلوبة، خصوصاً للشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني أكثر من غيرها، موكلة إلى المؤسسة المالية الحكومية «كا أف في» (قروض من أجل إعادة البناء) مهمة تأمين التسليف من المبلغ الذي خصِّص. وأوضح وزير الاقتصاد كارل تيودور تسو غوتنبيرغ، أن القلق يساور هذه الشركات خصوصاً، بعد التجربة المرَّة التي مرت فيها خلال الأشهر الماضية. وأقر وزير المال بيير شتاينبروك بأن تعثر التمويل الخاص «سيسبِّب مشكلة كبيرة في أول انتعاش يمكن أن يشهده الاقتصاد»، مشدداً على أن الدولة «ستستعيد المبلغ المخصص بكل تأكيد من الشركات التي ستستفيد منه». أما المستشارة أنغيلا مركل فأعلنت من جانبها أنها تفكِّر في إقرار برنامج ائتمان أيضاً لإزالة مختلف العراقيل من أمام الراغبين في الحصول على سيولة بنكية. ولفتت غرفة التجارة والصناعة العربية الألمانية (الغرفة) في نشرتها الأخيرة، إلى أن خطوة الحكومة هذه أتت بعد أن دقت الاتحادات والهيئات الاقتصادية جرس الإنذار، للتحذير من تفاقم أزمة النقص في السيولة التي تحتاج إليها الشركات ورجال الأعمال لشراء حاجاتهم أو لتصدير إنتاجهم. وأفاد اتحاد غرف الصناعة والتجارة الألمانية أن استطلاعاً أجراه شمل 5000 مؤسسة عاملة، أظهر أن عدد الشركات التي تشتكي من الشروط المفروضة على التسليف زاد نو الثلث عن العام الماضي، بخاصة من جانب الشركات المتوسطة التي تشغِّل ما بين 200 و500 شخص، لافتاً في المقابل إلى أن الشركات الكبيرة لا تعاني في الواقع العملي من مصاعب في الاقتراض. وجاءت نتائج الاستطلاع لترد على دراستين أجراهما في وقت مبكر البنك المركزي الألماني ومعهد «إيفو»، خرجتا بنتيجة مفادها «أن لا وقف للتسليف من جهة، وأن الشكاوى في هذا المجال تتراجع، من جهة أخرى». ومن دون أن يذكر تعبير «تعثر»، اكتفى اتحاد الغرف الألمانية بالقول أن «الشروط المفروضة على الشركات» من جانب البنوك تزايدت خلال الأشهر الثلاثة الماضية. وفيما أوضح الأمين العام لاتحاد الصناعة الألمانية فرنر شنابآوف، أن على الدولة «التدخل لمنع تفاعل الأزمة المرتقبة وقضائها على البراعم الأولى للنمو»، لفت رئيس رابطة أرباب العمل في قطاع المعادن مارتين كانّيغيسر نظر الحكومة إلى أن حاجة الصناعة الألمانية إلى سيولة، «سترتفع في الفترة المقبلة بعد التحول الاقتصادي الإيجابي الذي حصل أخيراً». وعقدت اللجنة الوزارية لإدارة صندوق الدعم الحكومي «كا إف في» جلسة خاصة أخيراً لتنظيم عملية تسليم المصارف أموالاً، ومراقبة سير توزيعها على الراغبين مع السهر على وصولها إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة في شكل خاص. وحضَّ شنابّآوف الحكومة على فرض رقابة أشدّ على كيفية تعاطي المصارف مع المبالغ التي تحصل عليها من صندوق الدعم الحكومي.