انتهت مناقشة وزير الإسكان الدكتور شويش الضويحي تحت قبة مجلس الشورى السعودي كما بدأت، من دون ردود شافية تنهي الجدل حول مهمة الوزارة الأساسية لتوفير المساكن للمواطنين، إذ إن إجابات الوزير على أكثر من 70 سؤالاً وانتقاداً وردت من أعضاء المجلس ومواطنين، اندرجت تحت سقف الوعود المنتظرة، أو تأييد تام لما يطرح من مقترحات ونقد، أو التذكير بما قامت به الوزارة من منجزات. لم يكتفِ عضو مجلس الشورى الدكتور سلطان السلطان في جلسة مناقشة الوزير أمس (الثلثاء)، باستقالة الوزير كما فعل عند مناقشة تقرير الإسكان في مطلع آذار (مارس) الماضي، بل طالب بعقد اجتماع مشترك بين مجلسي الوزراء والشورى لمناقشة موضوع الإسكان، لأنه يرى أفلاماً وإعلاماً، ولا يرى منتجاً للوزارة. تكررت مطالب أعضاء الشورى بتحديد جدول زمني لخطط الوزارة أكثر من 7 مرات، وفي كل مرة كان الضويحي يجيب ستعلن الوزارة في الأيام المقبلة عدد المشاريع للسنوات المقبلة بخطة زمنية للمواطنين. قال الأعضاء إن الوزارة لديها آلية، وليس لديها منتج، وتوزيعها رمزي وليس حقيقياً، إن الوزارة لديها بطء شديد في تملك المواطنين، وتزايد نسبة السكان، إن مشاريع الوزارة مخصصة لذوي الدخل المحدود في أحياء خاصة بهم مما كوّن بيئة غير صحية. فأجاب الوزير: لدينا منتجات عدة، وقوائم الانتظار في صندوق التنمية العقاري وصلت ل10 سنوات، مؤكداً أن الخطة المقبلة للوزارة الوصول إلى 5 سنوات، وأن بعض المحافظات قد تصل مدة الانتظار إلى سنتين». وأكد وزير الإسكان في مرتين لأعضاء الشورى أن عليهم فهم بعض النقاط، ليعرفوا آلية التوزيع، لافتاً إلى أن الوزارة لا يوجد لديها مشكلة على المدى المنظور في موازنة المشاريع التي تنوي تنفيذها، والدعم السكني مخصص للأسرة، فإذا كان أحد الزوجين يملك بيتاً، فالأسرة الأخرى غير المالكة أولى». وعزا العضو سلطان السلطان تعثر مشاريع الإسكان إلى تنفيذها عبر شركات بالباطن غير مؤهلة، إضافة إلى أن كادرها الفني ضعيف جداً، قبل أن يتهم الوزارة صراحة بشبهة فساد مالي بسبب منحها شركة استشارية ما قيمته 15 في المئة من قيمة العقود، في حين أن المعمول به عالمياً 5 في المئة. وأجاب الوزير الضويحي بلغة متحدية: أوجه دعوة مفتوحة للأعضاء للاطلاع على عقود المشاريع وكلفتها التفصيلية، ليتأكدوا أن المبالغ المدفوعة لشركات الإشراف والتصميم أقل من المتعارف عليه محلياً فضلاً عنه دولياً». فيما اعتبر العضو الدكتور عبدالله الجغيمان أن ما تقوم به وزارة الإسكان مشابه لسياسة إطفاء الحرائق، مطالباً بحلول طويلة المدى؟ لينفي الوزير ذلك أيضاً، مذكراً المجلس بالاستراتيجية السكانية الشاملة المعروضة على المجلس الاقتصادي الأعلى، التي أقرت في مجلس الشورى قبل بضعة أشهر، وتمت مراجعتها حتى من البنك الدولي. ولفت شويش الضويحي إلى أن وزارته تحاول الاستفادة من الأراضي التي كشفت عنها وزارة العدل أخيراً أنها تحمل صكوكاً ملغية استخرجت بطرق غير مشروعة. وأشار إلى أن الوزارة وسّعت في منتجاتها، ومنفتحة مع القطاع الخاص، بشرط أن يبقى الخيار للمواطن، وهناك اتفاقات عدة مع مطورين عقاريين وبنوك أعلن عنها في وسائل الإعلام. الضويحي يطلق مؤشرات عدة تبشّر بانخفاض العقار أطلق وزير الإسكان مؤشرات عدة مهمة تنبي بانخفاض متوقع في سوق العقار داخل المملكة، متوقعاً أن ضخ الكبير للوحدات السكنية في المدن سينتج عنه موازنة العرض والطلب في العقار، وبالتالي انحصار في أسعار مواد البناء والعقار، التي بدأت منذ فترة قريبة. واتفق الضويحي مع بعض الأعضاء في حقيقة ارتفاع أسعار العقار والأراضي إلى 10 أضعاف وقال: «هناك نحو 119 ألف مواطن صدرت لهم قروض لم يتسلموها بسبب ارتفاع الأسعار، وهذا أمر لا يمكن إنكاره». وكانت أبرز النقاط التي لم يوضحها الوزير تحت القبة هو تساؤل للدكتور عبدالله المنيف عن عدم منع وزارة الإسكان شركات عقارية خالفت نظام تأسيسها، وقامت بممارسة الاحتكار عبر الاستحواذ على الأراضي وبيعها. وذكر أن التكتل السكاني في الشرقيةوالرياض ومكة الأكثر، بيد أن مشكلة الوزارة في توفير أراضٍ في مدينة الرياض بسب عدد الأراضي البيضاء المحتكرة فيها، واصفاً الأمر بالمقلق، مضيفاً: «أعدت الوزارة دراسة تفصيلية للأراضي البيضاء داخل المدن، وتم رفعها للمجلس الاقتصادي الأعلى، فيها غرامات ورسوم ننتظر البت فيها». وعن سبب عدم التوسع الرأسي بدلاً من الأفقي، قال وزير الإسكان إن الارتفاع الرأسي يخضع للمخطط الهيكلي لأية مدينة، والمتخصصون في النطاق العمراني يفهمون ما أقول، مضيفاً: «لا بد أن تكون هناك خدمات تنمية تكفي لأي توسع رأسي، علماً بأن الوزارة طرحت مشاريع لأدوار متعددة، لأن المنطقة المطروحة فيها كانت تسمح بتعدد الأدوار، ولا يمكن البناء في أي مكان من دون التأكد من ملائمة ذلك». دعوة الصحافيين للسلام على الوزير أمر معتاد اجاب وزير الإسكان على سؤال «الحياة» ، حول تجارب القطاع الخاص في توفير ألف وحدة سكنية سنوياً وعدم تعثرها؟ بالقول: «من يقول إن أداء الوزارة بطيء يخبرنا أين البطء، وأداء الوزارة سريع» مشيراً إلى جهودها في حصر المستحقين وتخطيط المشاريع، والوحدات السكنية التي سلمت في جازانوالقصيم، ليختم من كان انتقاده انطباعياً نجيبه انطباعياً، ومن كان انتقاده قياسياً أجبناه بالقياس». وعلق وزير الإسكان عن سبب دعوته «الصحافيين البرلمانيين» للحضور والسلام عليه في مكتبه قبل حضوره إلى المجلس بيوم قائلاً: «نحن ننسق مع كل الصحافيين ونريد التواصل مع المتخصصين، ومدهم بالمعلومات والبيانات الصحيحة، وفقاً للمواثيق المبينة في الإعلام، متمنين في الوقت ذاته أن يكون هناك صحافيون متخصصون للإسكان». مؤكداً أن دعوة الصحافيين - المتخصصين بتغطية جلسات الشورى- طبيعية وأمر اعتادت الوزارة على عمله بشكل دائم عند التجول في مناطق تنفيذ مشاريعها، وأوضح أن دعوته لحضور المجلس هي الأولى منذ توليه وزارة الإسكان. مشاهدات من الجلسة: -أكد وزير الإسكان أن مشاريع الوزارة للبنى التحتية ستصبح مزاراً، مستدلاً بشهادة أمير منطقة القصيم. -شارك أكثر من 52 عضواً في مجلس الشورى عبر مداخلة صوتية ومكتوبة، إضافة إلى نحو 20 سؤالاً طرحت من مواطنين. - عزا وزير الإسكان عدم لجوء الوزارة إلى المباني المسبقة الصنع والسريعة إلى عدم ملائمتها للبيئة السعودية. - كرر وزير الإسكان هاتين الجملتين مراراً أثناء إجابته على الأعضاء «كل مشاريعنا لها جداول زمنية، سيتسلم المواطنون الإسكان في أقصر ما يمكن أن يكون وسنعلن عنها. -وزير الإسكان: «نظام التسجيل العيني للعقار سيخدمنا إذا طبق» - نائب وزير الإسكان المهندس عباس هادي: منهجية الوزارة في البنى التحتية مشابهة للجبيل وينبع، واستغرب ألا يعمم هذا النموذج على بقية مناطق المملكة». قرى نائية لم تصلها التنمية.. وعقيم يرجو السكن والولد طال انتظاري وزوجتي 10 سنوات ولم أرزق بطفل؟ هكذا بدأ مواطن سؤاله الذي طرحه عنه رئيس مجلس الشورى الدكتور عبدالله آل الشيخ على وزير الإسكان شويش الضويحي في نهاية الجلسة. المواطن لا يريد أن تزداد معاناته في انتظار السكن بسبب آلية الاستحقاق، التي أعلنتها الوزارة، لم يجب الوزير على أسئلة معظم المواطنين، ولكنه أكد قبل مغادرته أروقة الشورى أن آلية استحقاق السكن تساوي بين الرجل والمرأة، نافياً أن تكون الزوجة الثانية سبباً في زيادة نقاط الاستحقاق. واتفق وزير الإسكان مع ما قالته عضو الشورى الدكتور فاطمة القرني بأن هناك من المواطنين الذين لم تصلهم عدادات الكهرباء أو التنمية، معقباً على كلام القرني أن الوزارة على استعداد لانتداب ما يصل إلى سمعها عن قرى نائية، وفعلوا ذلك في قرية الدوح في منطقة جازان، وختم الوزير: «نحن قوم تحكمنا عقيدة واحدة، ولن ننصر إلا بضعفائنا».