عشية إصدار صحيفة «شارلي إيبدو» 3 ملايين نسخة من عددها الجديد ب16 لغة، بينها العربية، وتضمينه رسوماً جديدة مسيئة للإسلام، بعد أسبوع على مهاجمة الشقيقين شريف وسعيد كواشي مقرها وقتلهما 12 شخصاً هم 10 من موظفيها وشرطيَّان، أكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أن التهديد الإرهابي لا يزال قائماً «من الداخل والخارج». وأمام البرلمان، أعلن رئيس الوزراء مانويل فالس أن السلطات ستُنشئ قبل نهاية السنة أجنحة محددة في السجون لعزل المعتقلين الجهاديين ومنعهم من تجنيد سجناء آخرين في الوقت نفسه قال المنسق الاوروبي لمكافحة الارهاب جيل دو كيرشوف أن هناك حوالى ثلاثة الاف اوروبي تم تجنيدهم للانضمام الى «الجماعات الجهادية» في سورية او العراق وان 30 في المئة منهم عادوا الى دول الاتحاد الاوروبي. وشدد دو كيرشوف على أنه «يجب البقاء في حالة يقظة شديدة جدا». (المزيد) ومعروف أن الشقيقين كواشي وعضو خليتهما أحمدي كوليبالي، تجذروا في الفكر الإرهابي خلال اعتقالهم في سجن فلوريميروجيس على يد السجين المنتمي إلى جماعة «التكفير والهجرة» الأصولية خالد بيغال، الموضوع الآن قيد الإقامة الجبرية. وكان دو كيرشوف، حذر من أخطار نمو نزعة التطرف في السجون، مشدداً على أن الفرنسيَين أيضاً محمد مراح، الذي ارتكب جرائم قتل في تولوز جنوب غربي فرنسا في آذار (مارس) 2012، ومهدي نموش، المتهم بقتل 4 أشخاص في متحف يهودي ببروكسيل في أيار (مايو) 2014، اعتنقا الفكر المتطرف في السجن. واعتبر أن «خطر تنفيذ اعتداءات جديدة لا يزال كبيراً، ونحن لا نستطيع إلا رصدها ومحاولة اتخاذ إجراءات وقاية منها تمهيداً لقمعها، أما منعها بالكامل فأمر غير ممكن، إذ توجد للأسف أسلحة آتية من البلقان وليبيا تباع بحرية، ويوجد أيضاً مجانين متعصبون». وأكد فالس ضرورة تحسين نظام التنصت الإداري والقضائي الذي تحايل عليه شريف كواشي وكوليبالي باستخدامهما هاتفي زوجتيهما، ومكافحة الدعوات إلى الحقد على الإنترنت، إضافة إلى التضييق على الجهاديين العائدين من الخارج والتشدد في مراقبتهم، من دون أن يأخذ في الاعتبار اقتراح الرئيس السابق نيكولا ساركوزي الذي دعا الى عدم السماح لهم بالعودة إلى فرنسا. لكنْ لَفَتَ إعلان رئيسة «الجبهة الوطنية» (اليمين المتطرف) مارين لوبن، أن انتماء فرنسا إلى الاتحاد الأوروبي «أضعف» قدرتها على مواجهة التهديد الإرهابي، بعدما باتت لا تتحكم وحدها بمراقبة حدودها. وخلال تأبين الشرطيَين فرانك برينسولارو وأحمد مرابط، اللذين أرداهما الشقيقان كواشي أمام مقر «شارلي إيبدو»، وشرطية بلدية مونروج، كلاريسا جان فيليب التي قتلها كوليبالي بالرصاص في الشارع، قال هولاند إن «القتلى الثلاثة سقطوا كي نستطيع العيش بحرية في ظل العلمانية التي تضمن حقوق كل الأديان والمواطنين كافة، لافتاً إلى أن الضحية مرابط، وهو مسلم تونسي، «عرف أكثر من أي أحد أن الإسلام الراديكالي لا صلة له بالإسلام، وأن التعصب يقتل مسلمين، سواء في أفريقيا أو العراق أو سورية أو فرنسا». وأضاف: «تشكل تضحية مرابط درساً لرفض الخلط وإبعاد التشويش والتحامل، وإدانة الأعمال المناهضة للمسلمين التي تنتهك جمهوريتنا». ودعا إلى «عدم التسامح مع أي إشادة بالإرهاب أو المشيدين به»، علماً أن القضاء أصدر للمرة الأولى أمس أحكاماً بالسجن بتهمة «تبرير الإرهاب»، تنفيذاً لقانون جنائي صدر في 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. وشمل ذلك شاباً في تولوز (جنوب غرب) هتف في محطة الترامواي: «الشقيقان كواشي ليسا إلا بداية، كان يجب أن أكون معهما لقتل مزيد من الناس»، وآخر في تولون (جنوب) أشاد بهجمات باريس على «فايسبوك»، فيما أرجئت محاكمتا رجلين بالتهمة ذاتها في ستراسبورغ (شمال شرق) ونيس إلى موعد لاحق، لكنهما أبقيا قيد الحجز. وتتردد في فرنسا آراء عدة حول تحصين الأمن، يدعو بعضها إلى اعتماد إجراءات مطابقة لما يسمى «باتريوت أكت» الذي اعتمد في الولاياتالمتحدة بعد اعتداءات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، وإلى إنشاء وكالة تتولى شؤون الأمن الوطني على غرار «وكالة الأمن القومي» الأميركية، وهو ما تستبعده السلطات الفرنسية حالياً. وواصل الجيش الفرنسي نشر 10500 من عناصره في الأماكن الحساسة في البلاد التي تواجه، وفق لودريان، «مستوى تهديد مرتفع جداً، وتشكل عنصراً جديداً وخطراً». وفي برلين، بعد يوم من وصف الاسلام بأنه جزء من ألمانيا قالت المستشارة أنغلا ميركل ان حكومتها ستستخدم كل الوسائل المتاحة لها لمكافحة التعصب والتمييز ووصفت استبعاد جماعات معينة من المجتمع بأنه «يستحق الشجب انسانيا». وجاءت تصريحات ميركل بعد يوم من اشتراك 25000 متظاهر مناهض للاسلام في مدينة دريسدن بشرق ألمانيا في مسيرة للمطالبة بفرض قيود أكثر صرامة على الهجرة ووضع نهاية لتعدد الثقافات.